تنسحب الشرطة الفدرالية من بورتلاند بشكل تدريجي، وهذا ما شككك فيه المتظاهرون الذين يؤكدون أن حراكهم مستمر ولن يتوقف.

بورتلاند: اتفقت سلطات ولاية أوريغون الأميركية والإدارة الأميركية على سحب تدريجي لعناصر الشرطة الفدرالية من بورتلاند، في خطوة عدّتها الحاكمة الديموقراطية للولاية بمثابة دحر "لقوات احتلال"، واعتبرها وزير الأمن الداخلي تجسيدًا لـ"تعاون" طال انتظاره.

أعلنت كايت براون، الحاكمة الديموقراطية للولاية الواقعة في شمال غرب الولايات المتحدة، في بيان: "بعد محادثات مع نائب الرئيس ومسؤولين في الإدارة، قبلت الحكومة الفدرالية طلبي وستبدأ سحب عناصرها" اعتبارًا من الخميس 30 يوليو. وأشار تشاد وولف، وزير الأمن الداخلي بالوكالة، إلى أن العناصر الفدراليين "لا يزالون هناك" وسيظلّون "حتى نرى أن الخطة تحقق نتائج وأن المحكمة لم تعد عرضةً لهجمات دائمة".

الحراك مستمر

ينبغي على الشرطة المحلية ضمان حفظ النظام خارج المباني، بينما على العناصر الفدراليين حفظ الأمن في داخلها كالعادة. ومنذ وصول العناصر الفدراليين إلى المدينة مطلع يوليو، ارتفع منسوب التوتر في التظاهرات المناهضة للعنصرية التي يجري تنظيمها منذ شهرين، وأصبحت الصدامات أمرًا اعتياديًا كل ليلة في محيط المحكمة الفدرالية.

قال الوزير: "وافقت ولاية أوريغون أخيرًا على التعاون مع قواتنا الفدرالية، وهو تمامًا ما كنا نطالب به منذ بدء أعمال العنف قبل شهرين. نحن سعداء أن أوريغون صححت هفواتها".

لكن، بدا المتظاهرون في شوارع أوريغون مساء الأربعاء مشككين في أن القوات الفدرالية ستذهب حقًا. وقال قسطنطين (23 عامًا) الذي كان يشارك مع نحو ألفي شخص في تظاهرة أمام المحكمة الفدرالية: "لا أعتقد أن القوات الفدرالية سترحل، وحتى لو فعلت، الحراك سيتواصل".

بالزي العسكري

أثار تصريح لدونالد ترمب الإرباك بشأن صدقية تلك الخطوة، فقد أعلن قبل ساعات من ذلك أنه على السلطات المحلية بدايةً "تنظيف" المدينة من "الفوضويين ومثيري الشغب"، مشيدًا بـ"العمل الرائع" للشرطة الفدرالية. وكرر من تكساس تهديداته بإرسال "الحرس الوطني" إلى بورتلاند.

وقال الرئيس: "ما لم يعالجوا المشكلة محليًا قريبًا جدًا، سنرسل الحرس الوطني ونعالج ذلك سريعًا جدًا".

وأثارت وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض في 25 مايو تظاهرات كبرى في الولايات المتحدة ضد العنصرية. وخفتت وتيرتها بشكل كبير، لكنها لم تتوقف تمامًا في بعض المناطق، كما بورتلاند التي تعدّ يسارية التوجه.

واتسع نطاق التظاهرات في بورتلاند ذات التاريخ الاحتجاجي الطويل، مع نشر القوات الفدرالية، من جمارك وشرطة حدود، مع كامل عدّتهم العسكرية. وشكّلت مقاطع فيديو تظهر عناصر بزيهم العسكري لكن يجولون الشوارع بسيارات عادية لتوقيف المتظاهرين في الطرقات، فضيحة. وأسهمت بتوسيع نطاق جمهور تلك التظاهرات المناهضة للعنصرية في بورتلاند، التي تنظم كل ليلة في محيط المحكمة الفدرالية.

مئات المشاغبين

منذ أسبوعين، ينتهي أمر التظاهرات السلمية بأن تتحول بشكل شبه منهجي إلى صدامات مع قوات الأمن. أتاح ذلك الثلاثاء لوزير العدل بيل بار بأن يقدّم صورة كارثية للوضع في بورتلاند متحدثًا عن "مئات المشاغبين" المسلحين بـ"قاذفات الحجارة وصاعقات كهربائية ومطارق ومناشير وسكاكين وبنادق ومتفجرات..."، في محاولة منه لتبرير وجود الشرطة الفدرالية في المدينة.

في المقابل، تملك الحاكمة براون مقاربة مختلفة تمامًا للوقائع. وقالت في بيانها "تصرفت هذه العناصر الفدرالية وكأنها قوات احتلال، فقد رفضوا الخضوع للمساءلة وأحضروا العنف والنزاع إلى مدينتنا".

في غضون ذلك، يندد عدد متزايد من ناشطي حركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمة) بهذا العنف المتصاعد من الجانبين، الذي يشتّت الأنظار برأيهم عن الرسالة التي يريدون إيصالها.

ومنذ إرسال العناصر الفدرالية إلى بورتلاند، قررت الحكومة أيضًا نشرها في مدن كبرى أخرى في البلاد، معظمها مدن تحت إدارة الديموقراطيين، مثل شيكاغو. وأعلنت حكومة ترامب الأربعاء أنها سترسل قوات فدرالية إلى ثلاث مدن جديدة هي كليفلاند وديترويت وميلووكي، لدعمها، بحسب الرواية الرسمية، في مكافحة ارتفاع مستوى الجريمة.