سرى مع عيد الأضحى وقف إطلاق النار في أفغانستان، ويستمر ثلاثة أيام، وأمر الرئيس الأفغاني الجمعة بالإفراج عن 500 سجين من طالبان، فيما تطالب الحركة بالإفراج عن 400 آخرين، تعتبرهم كابول خطرين.

كابول: بدأ وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام بين الحكومة الأفغانية وطالبان الجمعة في أفغانستان التي أمر رئيسها بالإفراج عن 500 من أعضاء الحركة، في فترة راحة نادرة يأمل كثر بأن تؤدي إلى محادثات سلام تاريخية بين الجهتين. وهذه الهدنة التي تستمر ثلاثة أيام لمناسبة عيد الأضحى، هي الثالثة خلال قرابة 19 سنة من الحرب.

إفراج عن 500 سجين

أعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني أنه أمر بالإفراج عن 500 من سجناء طالبان في إطار وقف إطلاق النار الجديد. وقال إن المسلحين سيطلق سراحهم خلال عطلة عيد الأضحى الذي بدأ الجمعة وأدى إلى وقف وطني لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.

أوضح غني في خطاب بمناسبة العيد "لإظهار حسن النية وتسريع محادثات السلام سنفرج عن 500 من سجناء طالبان ردًا على إعلان وقف إطلاق النار لثلاثة أيام" الذي صدر عن الحركة، موضحًا أن إطلاق سراح هؤلاء يشكل استكمالًا لتعهد الحكومة الإفراج عن خمسة آلاف من مقاتلي طالبان بموجب اتفاق وقعته الحركة مع واشنطن.

وهؤلاء السجناء الـ 500 ليسوا مدرجين على اللائحة الأصلية التي تضم خمسة آلاف سجين طلبت طالبان إطلاق سراحهم. وقد افرجت سلطات كابول عن 4600 منهم لكنها تتردد إطلاق سراح الـ 400 الآخرين الذين تعتبرهم بالغي الخطورة.

وقال غني: "لا أملك حق اتخاذ قرار بشأن الإفراج عن هؤلاء السجناء الـ400 (...) المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة"، مضيفًا أن مجموعة من الوجهاء الأفغان ستقرر مصيرهم. ولم يصدر أي تعليق عن طالبان التي تصر على الإفراج عن هؤلاء فورًا.

فرصة تاريخية

أعلن المتمردون مساء الخميس من جهتهم أنهم أطلقوا سراح 1005 سجناء. وكان من المقرر أن تبدأ هذه المفاوضات في 10 مارس لكن تم تجاوز هذا الموعد بسبب البطء في عملية تبادل السجناء التي تشترط طالبان استكمالها قبل ذلك. وألمح الرئيس الأفغاني وطالبان إلى أن محادثات السلام قد تبدأ بعد عيد الأضحى.

قال زيماراي صدّيقي، وهو مدرس يبلغ من العمر 26 عامًا، لوكالة فرانس برس: "إنها فرصة تاريخية للسلام، ويجب ألا يضيعها أحد. نشأت في هذا الصراع، هذا يكفي. حان الوقت لسلام دائم".

ويرى العديد من الأفغان الذين سئموا من العنف المستمر، أن الهدنة التي تستمر ثلاثة أيام ليست كافية.

وقال احمد جاويد، وهو متخرج جامعي، لوكالة فرانس برس: "نريد وقفًا دائمًا لإطلاق النار حتى لا نشاهد مقتل المزيد من الأفغان في هذه الحرب".

وبعد الهدنتين السابقتين في 2018 ومايو 2020، عادت حركة طالبان على الفور إلى ساحة المعركة.

وكتب فرهاد حبيبي على فيسبوك وتويتر: "إذا كانوا يريدون السلام، فعليهم إلقاء أسلحتهم والبدء فورا في المحادثات مع الحكومة الأفغانية".

ترهيب وإضعاف الجيش

في الوقت نفسه، كشف تقرير رسمي أميركي نشر الجمعة أن العنف في أفغانستان يبقى مرتفعًا بشكل غير معتاد رغم مفاوضات السلام مع طالبان، لافتا إلى ارتفاع كبير في عدد الضحايا المدنيين في الفصل الثاني من العام الجاري.

أفاد مكتب المفتش العام الخاص لإعادة إعمار افغانستان (سيغار) التابع للكونغرس أن "الهجمات التي أطلقها العدو تبقى أعلى بكثير من المعدل التاريخي" الذي سجل من الأول من أبريل إلى 30 يونيو.

ولم تشن حركة طالبان أي هجوم على قوات التحالف الدولي لكنها هاجمت الجيش الأفغاني في عدة مناطق كما أوضح مكتب المفتش العام الذي لا يملك حق نشر عدد هجمات طالبان منذ أن وقعت الولايات المتحدة اتفاقا مع المتمردين الأفغان في 29 فبراير في الدوحة.

ونقلًا عن معلومات من الحكومة الأفغانية، أوضح التقرير أن الاسبوع الممتد من 14 إلى 21 يونيو "كان الأكثر دموية منذ 19 عامًا" مع 422 هجومًا ضد الجيش الأفغاني في 32 ولاية ما أدى إلى سقوط 291 قتيلًا و550 جريحًا.

الهجمات طالت أيضا المدنيين. وبحسب أرقام التحالف، قتل 711 مدنيًا وجرح 1374 آخرون. وارتفع عدد الضحايا المدنيين حوالى 60 في المئة في الفصل الثاني مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة و18 في المئة مقارنة بالفترة نفسها قبل سنة.

أشار التقرير إلى وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تعتبر أن "حركة طالبان تعتمد معيارا في استخدام العنف يؤدي إلى ترهيب وإضعاف الجيش والحكومة الافغانيين، لكن يبقى على مستوى تعتبره متوافقا مع الاتفاق الموقع مع الولايات المتحدة، على الأرجح لتشجيع انسحاب أميركي وخلق ظروف تكون مؤاتية لهم" بعد هذا الانسحاب.

وينص الاتفاق الموقع بين الولايات المتحدة وطالبان على انسحاب القوات الأجنبية من افغانستان بحلول مايو 2021 مقابل ضمانات أمنية من جانب المتمردين وفتح مفاوضات سلام مع كابول والتي يبدو أنها قد تبدأ اعتبارا من الأسبوع المقبل.

والولايات المتحدة التي تريد انهاء أطول حرب في تاريخها، دخلت أفغانستان على رأس تحالف دولي في نهاية 2001 بعد اعتداءات 11 سبتمبر على أراضيها. وطردت حركة طالبان من الحكم لكنها لم تتمكن بعد ذلك من إلحاق هزائم بالحركة على الأرض.