وضعت السعودية في خدمة حجاج هذا العام تقنية الحج الافتراضي، كي تكون عائلاتهم معهم حين يؤدون مناسك الحج، وذلك اعتمادًا على تقنيات الجيل الخامس.

الخبر: سافرت فريدة بكتي ياهرا وحدها إلى مكة المكرمة عندما اختيرت لتكون من ضمن عدد محدود من حجاج هذا العام، لكنّ عائلتها تتابع تجربتها التي تسير في ظل تهديد فيروس كورونا المستجد خطوة بخطوة عبر هاتفها الذكي.

بينما تؤدّي ربة المنزل الاندونيسية مناسك الحج في مكّة في غرب المملكة، يجلس زوجها بالقرب من بناتهما الثلاث في منزلهم في مدينة الخُبر شرقا على بعد نحو 1300 كلم، يتحدّثون معها ويشاركونها الحماسة والدعاء.

قالت ياهرا (39 عامًا): "انني سعيدة جدًا لأنه انضم اليّ، وكذلك بناتي. أتمنى أن يأتي زوجي العزيز معي إلى هذا المكان مرة أخرى للحج".

بتقنية الجيل الخامس
في الأيام الأولى من مناسك الحج التي بدأت الأربعاء، شوهد العديد من الحجاج يحملون هواتفهم لالتقاط صور شخصية ومشاركة تجربتهم بشكل مباشر مع أصدقاء وأفراد عائلاتهم في بلدهم.

وتم اعتماد تقنية الجيل الخامس من الانترنت الفائقة السرعة في مكة العام الماضي، مما يسمح للحجاج بنقل البيانات بسرعة أكبر.

التجربة الدينية المشتركة عبر الهاتف الذكي هذا العام لها طعم آخر إذ تسير في ظل إجراءات الوقاية من فيروس كورونا المستجد التي قلّصت الإعداد لبضعة آلاف بعدما كانت وصلت العام الماضي إلى 2,5 ملايين مسلم.

تحدّدت نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة بـ 70 في المئة من إجمالي حجاج هذا العام، ونسبة السعوديين 30 في المئة وهم من "الممارسين الصحيين ورجال الأمن المتعافين من فيروس كورونا المستجد".

بهجة وفرح
بدأت ياهرا مكالمة فيديو في اليوم الأول من الحج في المسجد الحرام بمكة عندما اقتربت من الكعبة في وسط الباحة شبه الفارغة.

والمشهد غير مسبوق إذ كان يحتشد عادة في المكان مئات آلاف الأشخاص وهم يحاولون لمس البناء المغلّف بقماش أسود مطرّز بالذهب.

قال زوجها هندرا سموسير: "عندما وصلت زوجتي إلى منطقة الكعبة وأرتني الكعبة، شعرت بالبهجة والفرح وانهمرت دموعي". أضاف: "كانت رحلة مقدسة حقًا على الرغم من أنني لم أكن هناك، لكن وأنا أنظر إلى زوجتي التي تشارك في هذا الحج أشعر وكأنني كنت هناك".

عادة، يشارك مئات الآلاف من الإندونيسيين في الحج، والكثير منهم ينتظرون ويدخرون لسنوات قبل أن يأتي دورهم، لكن هذا العام لا يُعتقد أنه يوجد أكثر من اثني عشر في مكة.

خاب أملهم
قامت السلطات بعملية الاختيار التي استثنت المسلمين خارج المملكة أول مرة في التاريخ الحديث.

خاب أمل ملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أن معظمهم اقتنعوا بأن الحج على النطاق المعتاد كان أمرًا غير وارد.

بالنسبة إلى سموسير الذي قرّر البقاء في المنزل ورعاية بناته الثلاث، فإن اختيار زوجته لتكون من ضمن الحجاج "خبر جيد جدًا" بعد أشهر من الأخبار السيئة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.

تسبّبت أزمة الفيروس بأشهر من الإغلاق في المملكة العربية وبتراجع اقتصادي أدى إلى فقدان الأب البالغ من العمر 44 عاما وظيفته في قطاع صناعة النفط.

لكنه قال إن الحج الافتراضي جعله يشعر وكأنه "وعاء فارغ يمتلأ بالماء".

تجربة افتراضية
ازداد في السنوات الأخيرة اعتماد الحجاج على وسائل التكنولوجيا الحديثة خلال أدائهم المناسك، ومن بينها الهواتف الذكية وألواح القراءة والتطبيقات المختلفة على الهاتف.

ويفضّل بعض الحجاج الآن قراءة الآيات القرآنية على شاشات هواتفهم الذكية.

لكن التكنولوجيا لا تقتصر على القراءة على الشاشات ومشاركة القصص والتجارب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل انها تطوّرت بسرعة لتتيح للحجاج إمكانية أداء بعض الواجبات الدينية من منازلهم.

ظهرت في السنوات الأخيرة منصات على الإنترنت تسمح للمصلين باختبار أداء العمرة على مدار العام عبر تقنية الحقيقة الافتراضية.

ويوكّل الراغب بتأدية هذه المناسك التي تتطلب ساعات فقط، شخصًا في السعودية ليقوم بها مكانه لكن مع بث تجربته بشكل مباشر عبر هذه التقنية التي تشعر المتلقّي بأنه يجول في المكان حقًا.

خلاف بين رجال الدين
يختلف رجال الدين حول إمكانية أداء شخص العمرة مكان آخر، خصوصًا إن كان الشخص قادرًا على أن يؤدّيها بنفسه.

الأمر مختلف بالنسبة إلى مناسك الحج التي تتطلب نحو ستة أيام من السير مسافات طويلة والنوم في الهواء الطلق والصلاة ساعات طويلة.

بدت مناسك هذا العام أقل صعوبة من السنوات السابقة في ظل قلّة الأعداد، ما جعل كثيرين يتمنون لو كانوا من بين الذين تم اختيارهم.

قالت ياهرا: "أصلي من أجل عودة زوجي إلى العمل مرّة أخرى"، مضيفة: "أدعو أن يعود الوضع إلى طبيعته مرة وأن ينتهي الوباء".