ما أن ظهر كورونا حتى اتخذت السلطات في إثيوبيا إجراءات مشددة بإغلاق الحدود والمدارس وفرض الكمامات لتخفيف احتمال العدوى. لكن الخوف من الفيروس تلاشى سريعًا، ونبذ الناس الإجراءات الوقائية.

أديس أبابا: تجوب مركبة معلق على سطحها مكبر صوت شوارع العاصمة الاثيوبية أديس أبابا لبث توصيات وقائية من فيروس كورونا المستجد، لكن يبدو أن معظم سكانها لا ينصتون.

تقول إحدى الرسائل: "نعم، يمكننا القيام بذلك ويمكنكم أنتم أيضًا" وهي الرسالة نفسها التي تطالب بها بلدية المدينة منذ أشهر، قبل اتخاذ الإجراءات الاحترازية المعتادة: غسل اليدين واحترام مسافة التباعد وتجنب المصافحة باليد أو بالكتفين، وهي حركة شائعة جدًا في شوارع العاصمة الإثيوبية. لكن الرسالة تضيع في صخب ساعة الذروة ويبدو أنها لا تصل إلى زبائن المقاهي المزدحمة الموجودة على جوانب الشوارع.

الكمامات في الجيوب

في المركبة، يشكك موظفو البلدية في فعالية جولتهم الجديدة. يروي وونديمو تايي، مدير الاتصالات في الخدمات الصحية في المدينة: "نوضح الإجراءات الوقائية للسكان، لكن البعض يعيدون الكمامات إلى جيوبهم ويضعونها فقط عندما تكون فرقنا في الجوار". وتشعر السلطات بالقلق من آثار هذا الموقف المتراخي بين السكان في حين أن عدد إصابات وباء كوفيد-19 تتزايد في هذا البلد الواقع في شرق إفريقيا.

سجلت إثيوبيا حتى الآن حوالى 16 ألف إصابة و250 وفاة وهو عدد منخفض مقارنة بعدد السكان الذي يبلغ 110 ملايين نسمة. لكن المنحنيات تميل إلى الارتفاع بحيث تضاعف عدد الإصابات في أقل من ثلاثة أسابيع، وتخشى منظمة الصحة العالمية من أن تؤدي الاحتجاجات الأخيرة التي أثارها مقتل مغن شعبي إلى تسجيل إصابات إضافية.

انتهى وقت الانتظار

تشعر السلطات بالقلق من وجود شكل من أشكال التراخي في وجه الفيروس كما يتضح من ندرة نقاط غسل اليدين في الشوارع أو زيادة الحضور في المطاعم. يقول بنيام ووركو، الذي يدرس الطب في أديس أبابا: "تلاشى الخوف من كوفيد-19 بمرور الوقت. مع ذلك، من غير المحتمل أن نكون قد نجونا من الوباء (...) والآن انتهى وقت الانتظار".

اتخذت البلاد إجراءات مشددة بمجرد ظهور أول إصابة في منتصف مارس بإغلاق الحدود البرية والمدارس وفرض وضع الكمامات وإخلاء سبيل آلاف السجناء بهدف إتاحة المساحة في السجون بغية تخفيف احتمال العدوى.

كما أعلن رئيس الوزراء أبي أحمد حال طوارئ في أوائل أبريل من دون فرض تدابير عزل للسماح بهدف السماح للفقراء الذين يكسبون ما يكفي خلال النهار لدفع ثمن وجبة في المساء، بالبقاء على قيد الحياة.

لكن رغم هذه الإجراءات، انتشر الفيروس بين السكان قبل وقت طويل من وفاة المغني هاشالو هونديسا الذي يعتبر بطلًا للعديد من أبناء اتنية أورومو، أكبر مجموعة عرقية في البلاد. أدى اغتياله إلى اندلاع موجة من العنف في أديس أبابا ومنطقة أوروميا المرفقة على العاصمة ما أدى إلى زيادة الإصابات.

يوضح الدكتور بوريمة هاما سامبو، ممثل منظمة الصحة العالمية في إثيوبيا: "لقد رأينا تجمعات جماهيرية مع تدابير حماية قليلة أو معدومة... يجب أن نتوقع زيادة كبيرة في عدد الإصابات".

لا يزال منتشرًا

تتركز ثلاثة أرباع الإصابات بفيروس كورونا المستجد المسجلة في إثيوبيا في العاصمة أديس أبابا. والحي الأكثر تضررا هو أديس كيتيما موطن الميركاتو وهي مجموعة ضخمة من الأكشاك التي توصف بأنها أكبر سوق في الهواء الطلق في القارة السمراء.

يؤكد بيروك أووك وهو أحد سكان ميركاتو لوكالة فرانس برس أن القلق بشأن الفيروس تلاشى أخيرًا. يوضح: "قبل تسجيل الإصابة الأولى، كان الناس خائفين. أغلق العديد متاجرهم وبقوا في منازلهم. لكن الآن أصبح الناس معتادين على الإجراءات الوقائية".

يقر أووك بأن خوفه من الفيروس تراجع بعدما أعلن شفاء ستة آلاف شخص رسميًا منه. يتابع: "لدي شقيقان أصيبا بكوفيد-19. أكلنا معًا وفعلنا كل شيء معًا. لكنهما الوحيدان اللذان أصيبا بالمرض وتعافيا منه، لذلك أعتقد أنه في الوقت الحالي سيكون الأمر على ما يرام".

بالنسبة إلى ممثل منظمة الصحة العالمية، يعتمد تطور الوباء في إثيوبيا على زيادة اتخاذ السكان تدابير وقائية من عدمه. ويحذر هاما سامبو من أن "الناس يعتقدون أحيانًا أن هذا يحدث للآخرين فقط. لكن الفيروس لا يزال منتشرًا ونحن جميعًا في خطر".