يعتمد الصوماليون، وأغلبيتهم من مربي الماشية، على موسم الحج والأضاحي لصدير عدد كبير من رؤوس الماشية، ما لم يحصل السنة بسبب قيود كورونا والاكتفاء بعدد محدود جدًا من الحجاج.

مقديشو: لطالما كان موسم الحج مناسبة للاحتفال، خصوصًا بالنسبة لتجار ومربي الماشية الصوماليين الذين يصدّرون ملايين المواشي لإطعام الحجاج، لكن القيود الناجمة عن فيروس كورونا المستجد التي قلّصت الحج هذا العام انعكست سلبًا على الاقتصاد الصومالي.

يقول يحيى حسن الذي يعمل في أكبر سوق للماشية في مقديشو حيث تسبب وباء كوفيد-19 بتقليص حجم التجارة، إن "الوضع التجاري سيء". أضاف: "تداعيات فيروس كورونا واضحة. لا تحتاج الدول العربية للحيوانات من الصومال ويتردد الرحّل الذين يجلبون الماشية إلى المدن للتجارة في القدوم جرّاء الخوف من الإصابة".

قال مرب آخر للماشية في مقديشو يدعى نور حسن: "هناك نقص كبير في الطلب"، مشيرًا إلى أن نقص المشترين الأجانب والمحليين كارثي بينما شهدت الإمدادات تراجعًا كذلك في وقت يفضل الرعاة الابتعاد عن المدن.

حج أصغر ماشية أقل

قلصّت السلطات السعودية عدد المشاركين في الحج هذا العام فسمحت للمقيمين في المملكة فقط بأداء المناسك. وشارك نحو عشرة آلاف حاج فقط مقارنة بنحو 2,5 مليون مسلم قدموا العام الماضي من أنحاء العالم.

يساهم الطلب من السعودية بنحو ثلثي صادرات الصومال السنوية من الماشية، بحسب البنك الدولي، الذي يشير إلى أنه تم شحن أكثر من خمسة ملايين رأس غنم وماعز وجمل وبقر شمالًا من الموانئ الصومالية عبر خليج عدن والبحر الأحمر إلى السعودية في 2015.

يتوقع أن تنخفض الصادرات بنحو النصف العام الجاري، خصوصًا بسبب القيود على السفر التي فرضت جرّاء كوفيد-19. وقال أحمد خليف، المسؤول عن الصومال لدى منظمة "العمل ضد الجوع" الخيرية: "كان لإلغاء الحج (للقادمين من خارج السعودية) تداعيات ضخمة على حياة وموارد رزق الصوماليين"، مضيفًا أن الماشية تساهم في نحو 60 في المئة من مصادر دخل العائلات في البلد الريفي بمعظمه.

وأكد: "إنها ضربة للعائلات الرعوية على وجه الخصوص، التي تعتاش بشكل كبير على صادرات الماشية إلى السعودية".

ويأتي نحو ربعي إيرادات الصادرات الصومالية من الماشية، بحسب خليف، ما يجعل من بيع الحيوانات طوق نجاة مهمًا للاقتصاد الصومالي. ويعد الحج موسمًا يعتمد عليه الرعاة لازدهار تجارتهم، لكن الوضع كان مختلفًا هذه السنة.

قال خليف: "صادرات الماشية تتم طوال العام، لكن أغلبيتها - 70 في المئة من الحيوانات الحية - تكون في موسم الحج".

أسعار أقل تكاليف أعلى

أدى تبخّر الصادرات إلى فائض في العرض في الأسواق المحلية حيث انخفضت الأسعار بشكل كبير ليصبح سعر الجمل 500 دولار، أي نصف سعره المعتاد، بحسب خليف.

وبينما يصب ذلك في مصلحة العدد الصغير من المستهلكين الأثرياء، إلا أنه يشكّل كارثة بالنسبة لمعظم مربي الماشية الذين يعتمدون على هذه المبيعات لشراء غذائهم وسداد ديونهم وتغطية نفقاتهم الأساسية على غرار رسوم المدارس.

وما يزيد من سوء الوضع هو أن إبقاء الحيوانات لفترات أطول من المتوقع يشكل عبئًا على الموارد المحدودة أساسًا، بحسب تاجر الماشية في بلدة إيل الساحلية عيسى موسى محمد، الذي حذّر من "التداعيات واسعة النطاق" على الاقتصاد.

وقال: "لا شك في أن إبقاء مئات الماعز والأغنام لعام إضافي سيعني تكاليف إضافية بما في ذلك أجور المربين. إنها أزمة حقيقية".

ويؤثر تراجع الدخل وزيادة التكاليف وخسارة سوق الحج على أصحاب ماشية على غرار أداو غاني في بلدة هودور في جنوب البلاد. وقال: "عندما تحتاج العائلة للنقود من أجل الأساسيات على غرار السكر والملابس، كنا نأخذ رأس ماعز أو رأسين إلى السوق. لكن الوضع تغيّر هذا العام، بات علينا بيع مزيد من الماعز للحصول على النقود التي نحتاجها".

بالنسبة لبعض مربي وتجار الماشية الصوماليين، الذين أنهكتهم في الأساس عقود من النزاعات وعدم الاستقرار السياسي والجفاف وغزو الجراد الذين يعانون منه حاليًا، قد يكون تقليص الحج القشة التي قصمت ظهر البعير.

وقال عبدالقادر هاشي، وهو مصدّر ماشية في مدينة هرجيسا، "لم نشهد وضعًا كهذا قط. إنه يؤثر على الجميع".