فيما يتقاطر المواطنون الأميركيون والأوروبيون بالآلاف المؤلفة للمشاركة في تجارب لقاح كورونا وإنقاذ البشرية من هذه الجائحة، يبدو العرب أقلية في هذه المسيرة.

إيلاف من بيروت: في 16 يوليو المنصرم، دعا علماء، بينهم حاصلون على جوائز نوبل، متطوعين كي يتعرضوا لفيروس كورونا بعد إعطائهم لقاحًا لرؤية ما إذا كان هذا اللقاح يوفر مناعة للجسم ضد الإصابة مجددًا بالفيروس.

وفي رسالة مفتوحة موجهة إلى رئاسة المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، قالت مجموعة من العلماء إن برنامجها "تجارب التحدي" قد يعجل عملية اجتراح اللقاح الناجع. وقال مدير برنامج جامعة أوكسفورد لتطوير لقاح كورونا إن أمثال هذه الدراسات يتعين أن تكون "عملية وثرية بالمعلومات".

سألت "إيلاف" ضمن استفتائها الأسبوعي: "لو طلب منك التطوع لتجربة لقاح كورونا، هل توافق؟". شارك في الإجابة عن هذا السؤال 925 قارئًا، أجاب 352 منهم بـ "نعم" (38 في المئة)، وأجاب 527 منهم بـ "لا" (57 في المئة)، فيما قال 46 منهم "ربما" (5 في المئة).

250 ألف متطوع في أميركا

في 1 أغسطس الجاري، كشف أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية، أن 250 ألف شخص (ربع مليون) سجلوا أسماءهم في موقع إلكتروني تابع للمعاهد الوطنية للصحة للمشاركة في تجارب لقاح ضد كورونا.

في 27 يوليو، انطلقت المرحلة التجريبية لنتائج أكبر دراسة حول لقاح كورونا في العالم، حيث يساعد أول 30 ألف متطوع في اختبار اللقاح الذي أنتجته الحكومة الأميركية، وهو واحد من بين عدة لقاحات مرشحة في المرحلة النهائية من سباق اللقاحات العالمي. وتعتزم الحكومة الأميركية القيام بالمزيد من الدراسات على لقاحات أخرى شهريًا حتى نهاية الخريف المقبل.

ولا شك في أن توسيع مروحة التجارب البشرية للقاح يزيد من أمانه وفاعليته. وفاوتشي نفسه شكك الجمعة في سلامة اللقاحات التي يتم تطويرها حاليًا في روسيا والصين، وأعلن في جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي: "آمل حقًا في أن يختبر الصينيون والروس لقاحاتهم قبل استخدامها على أي فرد".

يضيف: "الإعلان عن تطوير لقاح يمكن توزيعه حتى قبل اختباره يطرح في رأي مشكلة كي لا أقول أكثر من ذلك"، ويرى أن الولايات المتحدة لن تضطر للاعتماد على لقاحات تطورها دول أخرى.

وكانت روسيا قد أعلنت أنها ستبدأ اعتبارًا من سبتمبر وأكتوبر الإنتاج الصناعي للقاحين ضد كورونا طورهما باحثون من مراكز حكومية، من دون أن تكشف البيانات العلمية التي تثبت فاعلية هذين اللقاحين وسلامتهما. كذلك، تقول وكالة الصحافة الفرنسية إن عدة مشاريع لتطوير لقاحات أظهرت نتائج مشجعة بينها مشروع صيني يتم بالتعاون بين معهد بحوث عسكرية ومجموعة "كانسينو بيولوجيكس" لانتاج الأدوية، وقد أجاز الجيش الصيني في نهاية يونيو الماضي استخدام هذا اللقاح في صفوفه حتى قبل بدء المراحل الأخيرة لتجربته.


10 آلاف بريطاني

بلغت ثلاثة لقاحات تطورت في الدول الغربية المرحلة الأخيرة في تجاربها السريرية على البشر، وهي لقاح لشركة موديرنا الأميركية، وآخر تطوره جامعة أوكسفورد البريطانية بالتعاون مع مختبر أسترا زينيكا، وثالث لتحالف بايو أن تيك-بفايزر الألماني-الأميركي.

تقول بي بي سي إن 10,000 متطوع يشارك في تجارب جامعة أوكسفورد، يقسمهم الباحثون عشوائيًا إلى مجموعتين: تتلقى الأولى لقاحًا لا يقي من فيروس كورونا، بينما تتلقى الأخرى اللقاح قيد التجربة.

يقول ماثيو سنيب، أحد كبار العلماء المشرفين على تجارب أوكسفورد، إن نصف المتطوعين سيحصل على اللقاح، بينما ستحصل المجموعة الأخرى على لقاح آخر مرخص، وهو "نيمنريكس" أو "مينفيو"، واللقاحان يستخدمان للوقاية من الالتهاب السحائي أو تسمم الدم. وقد اختير اللقاح الثاني لمجموعة المقارنة بدلا من استخدام لقاح وهمي، حتى يشعر المتطوعون في هذه المجموعة ببعض الآثار الجانبية للقاح حقيقي، ولا يكتشفون أنهم ينتمون للمجموعة التي لم تحصل على لقاح كورونا.

يقول السير جون بيل، أستاذ الطب بجامعة أكسفورد، لبي بي سي: "أصعب مهمة على الإطلاق هي مهمة اتخاذ قرار مدى فاعلية العقار أو اللقاح لطرحه للجمهور".

قبل ذلك، في مارس الماضي، عرض مركز كوين ماري للبحوث البيولوجية في بريطانيا على المتطوعين مبلغ 4 آلاف يورو، مقابل حقنهم بنوع من الفيروس، من أجل إيجاد لقاح ناجع يضع حدًا لتوسع انتشار الفيروس.

10 آلاف إماراتي

عربيًا، شهدت أبوظبي في 17 يوليو الماضي إطلاق أول موقع إلكتروني متخصص لتسجيل المتطوعين الراغبين بالمشاركة في التجارب السريرية العالمية للمرحلة الثالثة من اللقاح غير النشط لمكافحة وباء كورونا والمدرجة تحت مظلة منظمة الصحة العالمية، من خلال زيارة موقع 4humanity.ae لتقديم التفاصيل المطلوبة ومعلومات الاتصال الخاصة بهم إلى القائمين على هذه المبادرة التاريخية.

أتى الاقبال فائق التوقعات، وأعلنت دائرة الصحة في أبوظبي عن تسجيل 5000 متطوع ومتطوعة خلال أول 24 ساعة بعد إطلاق الموقع.

في 25 يوليو، قالت دائرة الصحة في أبوظبي إن متطوعين من أكثر من 20 جنسية تقدموا للمشاركة في التجارب، فتجاوز عدد المسجلين للتطوع 10 آلاف، يتقدمهم الإماراتيون من الجنسين.

أصبح الشيخ عبد الله بن محمد آل حامد، رئيس دائرة الصفي بأبوظبي، أول شخص في العالم يتلقى اللقاح غير النشط في المرحلة الثالثة، بعد تطوعه لأخذ الجرعة الأولى.

كشف الدكتور جمال الكعبي، وكيل دائرة الصحة في أبوظبي بالإنابة والمتطوع الثاني، أن العملية لا تتوقف على إعطاء التطعيم للمتطوع، "إنما هي متابعة مستمرة لأكثر من شهر لبحث النتائج، وما إذا كانت هناك ردة فعل في أجسام المتطوعين، على أن يقوم الفريق العلمي باستخراج النتائج للمرحلة الحالية بعد الانتهاء من التجربة على المتطوعين"، معبرًا عن آماله بأن تكلل التجربة بالنجاح، وأن تكون الإمارات سباقة في الإعلان عن نجاح التطعيم، ومعربًا عن ثقته بنجاح التجربة الثالثة بعد النجاح في إنجاز المراحل السابقة، بالشراكة المثمرة مع شركة سينوفارم الصينية لإنتاج التطعيم.

شجع عمر الحمادي، المتحدث الرسمي للإحاطة الإعلامية لحكومة الإمارات، أفراد المجتمع على التسجيل والمشاركة في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على لقاح واعد لعلاج فيروس كورونا، مشيرًا إلى أن التطوع في التجارب يدعم الجهود الهادفة إلى تطوير لقاح آمن وفعال يحمي المجتمع والإنسانية بأسرها.

900 متطوع برازيلي


في 22 يوليو، بدأت السلطات البرازيلية باختبار لقاح صيني مضاد لكورونا على نحو 900 متطوع من العاملين في المجال الصحي في ساو باولو. وأظهرت لقطات مصورة حصول أول متطوعة، وهي طبيبة في مركز طبي بساو باولو، على جرعة من اللقاح الذي تم تطويره من قبل مختبر "سينوفاك بيوتيك" الصيني، هو الثالث في العالم الذي يدخل في مرحلة التجارب الثالثة، أي الخطوة الأخيرة قبل الحصول على الموافقة.

وفي حال أثبتت النتائج النهائية فاعلية هذا اللقاح، يحق لمعهد بوتانتان الحكومي المشارك إلى جانب شركة "سينوفاك بيوتيك" في هذه التجارب إنتاج 120 مليون جرعة بموجب الاتفاق في ما بينهما.

وقال ديماس كوفاس، مدير معهد بوتانتان، خلال مؤتمر صحافي: "في البرازيل، قد نصل إلى أول لقاح يتم استخدامه على نطاق واسع لمكافحة كورونا، إنه أمر واعد للغاية فيما نحن في غمرة الوباء، ونسجّل عددًا كبيرًا من الإصابات، إنّه السيناريو المثالي لاختبار اللقاح".

وسيخضع المتطوعون الذين سيتم تلقيحهم لفحص طبي كل أسبوعين. ومن المتوقّع ظهور أولى نتائج الاختبارات في غضون ثلاثة أشهر.