سريناغار (الهند): فرض آلاف الجنود الهنود حظر تجول في كشمير الثلاثاء مع وضع أسلاك شائكة وحواجز معدنية لإغلاق الطرقات الرئيسية قبل يوم من الذكرى السنوية الاولى لإلغاء نيودلهي الحكم الذاتي في المنطقة المضطربة.

وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي فرض الحكم المباشر على المنطقة في 5 أغسطس الماضي واعدا بالسلام والازدهار بعد عقود من العنف الذي أدى الى مقتل عشرات آلاف الاشخاص في انتفاضة ضد الهند.

وأعلن مسؤولون الاثنين عن "حظر تجول تام" ليومين مشيرين الى ورود تقارير استخباراتية تشير الى تظاهرات مرتقبة في هذه المنطقة ذات الغالبية المسلمة والتي تعد سبعة ملايين نسمة حيث دعا السكان المحليون الى اعلان هذه الذكرى "يوما أسود".

وكانت آليات الشرطة تقوم بدوريات في سريناغار، أبرز مدن المنطقة، مساء الاثنين وصباح الثلاثاء فيما استخدم عناصرها مكبرات الصوت لكي يأمروا السكان بالبقاء داخل منازلهم.

وحظر التجول التام يعني انه يمكن للسكان التنقل فقط بتصريح خاص يقتصر عادة على الخدمات الأساسية مثل الشرطة وسيارات الاسعاف.

ومنطقة كشمير الواقعة في جبال الهيملايا خاضعة أصلا لقيود لكبح تفشي فيروس كورونا المستجد بعد تزايد الإصابات، تشمل الحد من الأنشطة الاقتصادية والتنقلات.

وصباح الاثنين وضعت أسلاك شائكة وحواجز معدنية على الطرقات الرئيسية في سريناغار فيما كان آلاف من عناصر الحكومة يقومون بدوريات الثلاثاء حول المدينة والقرى المجاورة لها.

وقال امرياز علي الذي يقيم في البلدة القديمة في سريناغار "الشرطة كانت تجوب بآلياتها منطقتنا مع بث أوامر عبر مكبرات الصوت تطلب منا البقاء في منازلنا ليومين، وكأننا لسنا في حجر أساسا".

من جهته قال أحد القرويين عبر الهاتف من قرية نازنيبورا "رأيت جنودا يأخذون الهاتفين النقالين لاثنين من جيراني حين خرجا صباحا لشراء الخبز".

ذكريات مؤلمة

بالنسبة للسكان المحليين فان حظر التجول الجديد يعيد الى الأذهان ذكريات الحملة التي استمرت أسابيع قبل سنة مع قرار إلغاء الحكم شبه الذاتي لكشمير في الخامس من آب/أغسطس 2019.

وقطعت حينها الاتصالات بالكامل لا سيما خطوط الهاتف والإنترنت وانتشر عشرات آلاف الجنود في المنطقة التي تعد من أبرز المناطق العسكرية في العالم.

ووضع حوالى سبعة آلاف شخص قيد الحجر انذاك بينهم ثلاثة مسؤولين سابقين. ولا يزال مئات الأشخاص قيد الإقامة الجبرية او خلف القضبان حتى اليوم ومعظمهم بدون توجيه التهم اليهم.

وكشمير قسمت منذ عام 1947 بين الهند وباكستان اللتين تتنازعان السيادة عليها بالكامل، وكانت السبب في نشوب حربين بين الدولتين.

بالنسبة لحزب رئيس الوزراء الهند الهندوسي القومي "بهاراتيا جناتا" فان الوضع الخاص الذي كان ممنوحا لكشمير لم يأت بشيء "سوى الارهاب والانفصالية والمحاباة والفساد على مستويات كبرى" كما قال السنة الماضية.

وهذه الخطوة التي ترافقت مع تصاعد أعمال العنف، أدت الى صعوبات اقتصادية في المنطقة وتفاقمت مع انتشار فيروس كورونا المستحد.

ومنذ العام الماضي تشهد المنطقة ذات الغالبية المسلمة نقمة متزايدة على الحكومة القومية الهندوسية، خاصة على خلفية منح حق شراء الأراضي الذي كان سابقا محصورا بأبناء كشمير لعشرات آلاف الأشخاص من خارجها.

ويتخوف العديد من السكان المحليين أن تكون الهند تسعى الى تغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة عبر تلك الخطوة.

وقال مييناكشي غانغولي من منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان إن "تأكيدات الحكومة الهندية بانها مصممة على تحسين حياة الكشميريين بقيت واهية بعد سنة على تجريد جامو وكشمير من وضعها الدستوري".

وأضاف "لقد أبقت السلطات بدلا من ذلك على قيود قاسية على الكشميريين بشكل ينتهك حقوقهم الأساسية".

وتقاتل جماعات متمردة منذ عقود مطالبة باستقلال المنطقة أو ضمّها إلى باكستان، وخلّف النزاع المستمر منذ 1989 عشرات آلاف القتلى، معظمهم مدنيون.