القاهرة: يدلي المصريون الثلاثاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشيوخ الجديد والذي من غير المرجح أن يحرّك الركود الذي أصاب المشهد السياسي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويتواصل التصويت على مدار يومين لاختيار النواب الذين سيشغلون 200 من أصل 300 مقعد في مجلس الشيوخ والذي يشهد منافسة كبيرة من قبل المرشحين الداعمين للسيسي بعدما كُمّمت معظم أصوات المعارضة داخل وخارج المجلس التشريعي منذ توليه مقاليد الحكم في 2014.

وسيعيّن السيسي، الجنرال العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي عقب مظاهرات شعبية حاشدة ضد الأخير في 2013، الأعضاء المئة المتبقين في مجلس الشيوخ.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد لوكالة فرانس برس "لا أعتقد أنه (مجلس الشيوخ) سيمثّل إضافة للحياة السياسية الراكدة بالفعل في مصر".

وأضاف "يمكن أن يكون مفيدا في إعطاء نوع من المكافأة لمن يريد الرئيس السيسي مكافأتهم على تأييدهم لنظامه".

وخلال الفترة الماضية، ظهرت لوحات إعلانية كبيرة في الشوارع تروّج لمرشحين غير معروفين يخوضون الانتخابات سواء في العاصمة أو المحافظات الأخرى، كما انتشرت مقاطع فيديو عبر الإنترنت حول دور مجلس الشيوخ وحثّ الناس على الإدلاء بأصواتهم.

وتأتي الانتخابات بعد أن أعادت مصر دور مجلس الشيوخ في استفتاء أُجري العام الماضي على تعديلات دستورية وافق المصريون عليها وتسمح بتمديد الولاية الرئاسية الثانية للسيسي إلى ست سنوات بدلا من أربع، والترشح لولاية جديدة ما يسمح له بالبقاء في السلطة حتى عام 2030.

ويذكر أن مجلس الشيوخ والذي كان يعرف بـ"الشورى" سابقا، كان تقرر الغاؤه بعد الإطاحة بمرسي.

وفي عهد الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك، والذي أطيح به في انتفاضة يناير 2011، كان مجلس الشورى مخصصًا إلى حد كبير للنخبة وأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المنحل حاليا والحاكم آنذاك.

تراجع الحريات

ويجري التصويت في مصر وسط تفشي وباء كوفيد-19، لكنه يتزامن مع انخفاض معدلات الإصابة في الأسابيع الأخيرة، حسب إحصاءات وزارة الصحة.

ومن المتوقع أن تعلن النتائج في 19 أغسطس وسيتم تخصيص 10% على الأقل من المقاعد للنساء.

ولا يتمتع مجلس الشيوخ، والذي تمتد دورته لخمس سنوات، سوى بصلاحيات رسمية قليلة، حيث يختص، وفقا لما نشر في الجريدة الرسمية، "بدراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع".

وقال نائب البرلمان المصري محمد أبو حامد لوكالة فرانس برس ان "لم يحدث في تاريخ التشريع المصري إلا في حالات نادرة جدا أن لم يؤخذ رأيه (مجلس الشيوخ)".

لكنه أوضح "ومع ذلك، من الناحية القانونية، (فإن) آراءه غير ملزمة".

ومن ضمن الأمور التي يتم أخذ رأي مجلس الشيوخ فيها، حسب الجريدة الرسمية، "الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور" و"معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة".

في المقابل، يتمتع مجلس النواب بسلطات أكبر، لكن البعض لطالما انتقدوا دور البرلمان الذي لا يضم سوى تكتل معارضة صغير يعرف باسم 25/30.

وتشهد مصر منذ بداية عهد السيسي حملة أمنية تستهدف الإسلاميين، وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها مصر "تنظيما ارهابيا" نهاية 2013، بل امتدت الحملة لتطال النشطاء اليساريين والعلمانيين والصحافيين والمدونين وغيرهم.

كذلك تفرض السلطات قيودا مشددة على الاحتجاجات وحجبت الكثير من المواقع الإلكترونية التي توجه انتقادات للنظام. وأشارت المنظمات الحقوقية إلى تراجع الحريات المكتسبة في انتفاضة 2011 إلى حد كبير.

وقال مايكل حنّا، الباحث بمؤسسة "ذا سينشري فاونديشن" (مؤسسة القرن) بنيويورك، إن إعادة مجلس الشيوخ يعد "أمرا غريبا في هذا الوضع الذي يخلو من السياسة".