في سابقة من نوعها، قدم مذيع في التلفزيون اللبناني الرسمي استقالته على الهواء مباشرة، موجهًا أقسى انتقاد للطبقة السياسية الحاكمة في لبنان، الذي صار بفضلهم مقبرة للأحلام.

إيلاف من بيروت: وصل اليأس باللبنانيين مبلغًا غير مسبوق. صار الحلم الوحيد هو الهجرة، مغادرة بلد ما ترك مأساة إلا عاشها، ولا معاناة إلا عاناها، حتى صار النجاة من لبنان هو مبلغ الآمال.

تسرّب هذا اليأس إلى الجسم الإعلامي اللبناني، وبدأ الرحلة المذيع وسيم عرابي، مقدم النشرة الإخبارية في "تلفزيون لبنان"، التلفزيون اللبناني الرسمي، الذي وصل آخر الطريق، واستقال من عمله مباشرةً على الهواء، بكلام لاذع وجهه إلى "بلده".

ويظهر مقطع فيديو آخر نشرة قدمها عرابي على الشاشة الرسمية، وأعلن في ختامها استقالته بسبب الوضع السيء الذي وصلت إليه البلاد بفعل ساسة أفقروها ودمروا أحلام الشباب فيها.

قرفت منكم!

ودع عرابي المشاهدين قائلًا: "في ختام هذه النشرة وكما تقول فيروز بالآخر في آخر ـ وهذه كانت آخر نشرة أطل فيها عليكم بعد 11 سنة كنت أطل فيها في هذه المحطة الوطنية"، مرفقًا بيان استقالته المتلفز بكلام قاس، وهو من كان يغطي أحداثًا حزينة مرت ببلاده، من الاغتيالات والانفجارات والاعتداءات إلى الحروب الداخلية.

قال عرابي: "اليوم انتهى مشواري هنا ليس لأن المؤسسة استغنت عني، لا، لكن لأني لم أعد أستطيع البقاء بأرض هي مقبرة للأحلام، أنا لست تاركاً هذه الأرض نعم هذه الأرض ليس لأني لم أجد فرصة عمل، لكني لدي فرصة عمل واثنتان وثلاث، بس أنا فالل لأني قرفت منكن، أو بالأحرى لأني ماني ملاقى وطن، إنتو عملتوه على قياسكم"، في أقسى انتقاد للمسؤولين اللبنانيين يصدر على شاشة التلفزيون الرسمي.

ختم عرابي شاكرًا "من كل قلبي كل شخص دعمني أو لم يدعمني لأن الاثنين جعلوني أقوى، على أمل كل اللي راحوا يرجع إلنا وطن كي نعود نعيش فيه بكرامة وليس بذل ولا نعود إليه رفات فقط لندفن فيه".

زمرة عصابات

ولاحقاً، نقلت تقاريرصحفية عن عرابي تأكيده أن قراره نهائي، "لأنني أيقنت تمامًا أن هؤلاء ليسوا إلا زمرة عصابات تتحكم بمفاصل الحياة اللبنانية السياسية والأمنية والاقتصادية، فيما لو وقعت المصيبة نراهم يتراشقون الاتهامات سعياً لرفع المسؤولية"، مشيرًا إلى المسؤولين اللبنانيين الذين يصفهم بأنهم "طبقة سياسية وقحة بأكملها شرذمت اللبنانيين، وبالتالي عودة النبض الى قلب لبنان لن تكون الا برحيل هؤلاء"، على ما قال لـ"الحرة". يضيف: "نعيش الديمقراطية الكاذبة التي يحيكونها على مقاسهم وغب الطلب، والفساد يبدأ من هنا".