أعلن البطريرك الماروني بشارة الراعي، في مؤتمر صحافي، الاثنين، "مذكرة لبنان والحياد"، والتي تقوم على مجموعة من المبادئ التأسيسية، تتلخص بحياد لبنان وحفظ منعته أمام التدخلات الأجنبية، والتأكيد على تعاطفه مع قضايا حقوق الإنسان وحريات الشعوب وخصوصاً في ما يتعلق بالشؤون العربية، وتعزيز حضور الدولة لتكون قوية عسكرياً وأمنياً، وإيجاد حل أممي لقضايا اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين على أراضيه.

وقال الراعي من المقر البطريركي الصيفي في الديمان، شمال لبنان، إن أحد أبعاد المذكرة يقوم على تحييد لبنان عن التحالفات والمحاور والصراعات السياسية والحروب الإقليمية والدولية، والتركيز على وجوب امتناع أي دولة عن التدخل في الشأن لبنان أو استخدام أراضيه لأغراض عسكرية.

داعم للحقوق العربية

وقال البطريرك الماروني إن أحد أبعاد المذكرة يتلخص أيضاً بتعاطف لبنان مع قضايا حقوق الإنسان وحرية الشعوب وبخاصة الشؤون العربية التي يوجد حولها إجماع دولي، وفي الأمم المتحدة وبهذه الطريقة يواصل لبنان الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني و الفلسطينيين في لبنان"، مشدداً على أن "لبنان المحايد يستطيع القيام برسالته في المحيط العربي". وأكد الراعي على وجوب أن تجد منظمة الأمم المتحدة حلاً لوجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين على ارضه لكي يستمر لبنان.

وأضاف الراعي إلى الأبعاد تعزيز الدولة اللبنانية لتكون دولة قوية عسكرياً وبجيشها ومؤسساتها وقانونها وعدالتها ووحدتها الداخلية، لكي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها في وجه أي اعتداء بري أو بحري أو جوي تتعرض له، سواء أكان من إسرائيل أو من غيرها من جهة أخرى.

معنى الحياد الناشط
وأوضح الراعي معنى “الحياد الناشط”، مشيراً إلى أن هذا المفهوم يعني تعزيز الدولة لتكون قوية بجيشها ومؤسساتها وقانونها لضمان الأمن الداخلي والدفاع عن الحدود الدولية وصونها.
وأشار الراعي إلى أن "ميزة لبنان هي التعددية الدينية والثقافية، التي تجعله حكماً أرض التلاقي والحوار بين الديانات والثقافات عملاً بقرارات الأمم المتحدة”. وقال إن “لبنان بموقعه دائماً كان جسراً ثقافياً واقتصادياً وحضارياً بين الشرق والغرب”. وأكد البطريرك الماروني على ضرورة معالجة ملفات الحدود على أساس خط الهدنة مع إسرائيل وسوريا، وقال إن لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة في الصراع العربي الإسرائيلي، مضيفاً أن موضوع الحياد ليس من اختراعنا، إنما هو واقع عاشه لبنان منذ عام 1920 حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي.

واقع تاريخي
وذكر الراعي أن "لبنان عاش الحياد من العام 1920 إلى أوائل العام 1970، لأنه بحكم دستوره وميثاقه التزم الحياد بين الشرق والغرب”، وبهذا، بات لبنان عنصر تضامن بين العرب وليس عنصر تفكيك.
وشدد على أن اعتماد “سياسة الحياد "مكنت لبنان من المحافظة على وحدة أراضيه رغم الحروب العربية الاسرائيلية. فكل الدول المتاخمة لإسرائيل خسرت جزءاً من أراضيها بإستثناء لبنان"، معتبراً أنه "عندما توقفنا أن نكون مع الحياد، وصلنا إلى ما وصلنا إليه وكانت الخطيئة الأصلية اتفاق القاهرة وإعطاء الفلسطينيين حق محاربة إسرائيل من الأراضي اللبنانية وكرت المسبحة. بتنا في دوامة الحروب المستمرة وبتنا على الحضيض لأن لبنان ما عاد دولة الحياة لذلك المخرج الوحيد للخلاص في لبنان هو الحياد".

ودعا الراعي الأسرة العربية والدولية إلى أن تتفهم الأسباب الموجبة التي تدفع غالبية اللبنانيين إلى اعتماد نظام الحياد الناشط.

يذكر أن لبنان يعاني من حالة غليان وغضب شعبي كبير بعد انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من 177 شخصاً وإصابة نحو 6 آلاف آخرين، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية. وخرج اللبنانيين في مظاهرات حاشدة، طالبت بإسقاط النخبة الحاكمة، مما دفع الحكومة اللبنانية برئاسة حسان دياب إلى تقديم استقالتها.