إيلاف من بيروت: تضيق الدوائر على حزب الله يوماً بعد يوم، حتى في الأوساط اللصيقة به والمقربة منه، وفي بيئته الشيعية بالذات.

آخر فصول هذا التململ خروج أبناء بلدة البابلية الواقعة في الجنوب اللبناني الجمعة إلى الشوارع وهم يهتفون: “لا إله إلا الله… نصر الله عدو الله”، وذلك خلال تشييع أحد أبناء البلدة إلى مثواه الأخير.

القتيل، وهو شاب في مقتبل العمر اسمه حسين خليل، سقط في إشكال في بلدة لوبية الجنوبية، استعمل فيه سلاح حزب الله، الذي يزعم قائد ميليشيا حزب الله حسن نصر الله أنه مخصص لتحرير القدس والدفاع عن لبنان، لكن وظيفته هذه تغيرت منذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب قبل عقدين، بحيث صار يستعمل إما داخليا ضد اللبنانيين، أو خارجياً لقتل السوريين.

وليس القتيل بغريب عن البيئة الحاضنة لحزب الله، فهو من أنصار حركة أمل الشيعية التي يتزعمها حليف حزب الله نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني. و قد سقط مع خليل بالسلاح نفسه ستة جرحى، أصيبوا جميعاً في إشكال يتصل بتعليق يافطات خاصة بذكرى عاشوراء في البلدة.

وروى أشخاص من البلدة أن الإشكال وقع بعد إصرار عناصر من حزب الله على تعليق راياتهم في حي سكني بالقوة ورغماً عن الأهالي، فساد جو من التوتر قاد في النهاية إلى استخدام السلاح من الطرفين.

تململ في البيئة الحاضنة

ويعكس هذا الإشكال حالًا من التململ في البيئة الشيعية التي يعتبرها حزب الله حاضنته الطبيعية، والتي بدأت تضيق ذرعاً بخروج الميليشيا عن الانتظام اللبناني العام، وتمسكها بسلاح لم يعد يستخدم إلا في الداخل.

يتزامن ذلك مع أزمة اقتصادية طاحنة يشهدها لبنان، أخرجت اللبنانيين إلى الشوارع في تظاهرات تطالب بتحسين الظروف المعيشية ومكافحة الفساد، لكن حزب الله كان لها بالمرصاد، وأرسل مسلحيه لقمع التظاهرات ووأدها في مهدها.

ومطلع هذا الشهر، أجهز انفجار ضخم على مرفأ بيروت، ودمر حي المدور ومثله حي الرميل السكني بالكامل، مسقطاً مئات القتلى وآلاف الجرحى، ومخلفاً خسائر بمليارات الدولارات. أما سبب الانفجار فيعود إلى أطنان من نيترات الأمونيوم، يقال إن حزب الله كان يستخدمها في عملياته غير الشرعية. ورغم نفي الفصيل اللصيق بإيران أي علاقة له بالتفجير، إلا أن المعروف أن المرفأ تحت سيطرته بالكامل.

وفي 18 أغسطس، حمل حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهاماً سياسياً إلى حزب الله في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، فاتسعت دائرة الغضب الشعبي ضده.