في مدينة "ذا فيليجيز" بولاية فلوريدا، الوضع متوتر جدًا بين أنصار دونالد ترمب وجو بايدن، ووصل بهم الأمر إلى الاشتباك بعربات الغولف، خصوصًا أن فلوريدا تساهم في تحديد الفائز بالسباق الرئاسي.

فلوريدا: تجري الحياة هانئة في مدينة "ذا فيليجيز" بولاية فلوريدا، التي يقصدها أميركيون تزيد أعمارهم عن 55 عاما لينعموا بطقسها المشمس وهدوئها، لكن خلف هذه الواجهة النموذجية، يتصاعد التوتر بين المسنين المؤيدين للرئيس دونالد ترمب والمعارضين له.

كانت المدينة بسكانها المئة ألف تتصدر الصحف قبل بضع سنوات بتسجيلها إحدى أعلى نسب الأمراض المنقولة جنسيا في الولايات المتحدة. أما اليوم، فهي تشهد فورة اعتداءات وشتائم واستدعاء للشرطة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر.

وفي مطلع الصيف، انتشر فيديو شاركه ترمب في تغريدة حذفها لاحقا من حسابه، يظهر فيها أحد سكان المدينة يهتف "السلطة للبيض!" لدى مروره بعربة غولف أمام متظاهرين ضد ترمب اتهموه بدورهم بأنه "عنصري". وقالت كريس ستانلي، رئيسة النادي الديموقراطي، الذي يجمع أنصار الحزب في المدينة: "التوتر شديد هنا". وأوضحت: "هذا ليس جديدا، لكنّه أسوأ كثيرا في عهد ترمب، ويتفاقم كل سنة".

تراقب ستانلي وهي تتكلم مسيرة مؤيدة لبايدن تضم أكثر من 200 عربة غولف تتقدم ببطء تحت مراقبة الشرطة. وإن كانت المسيرة تجري بدون أي حادث، فإن الأشهر الأخيرة سجلت عددا متزايدا من الصدامات. روت ستانلي: "في آخر مرة قمنا بذلك، كانوا في انتظارنا وهددوا بإلقاء مقذوفات علينا، مسامير أو أشياء يمكن أن تلحق أضرارا بعربات الغولف، فاضطررنا عندها إلى استدعاء الشرطة. إذ نقوم بتحركاتنا الديموقراطية، هم يقومون بتحركاتهم المعادية للديموقراطية".

فاشلون
فيما تتقدم العربات الصغيرة التي تحمل ملصقات مؤيدة لجو بايدن، يتجمع الجمهوريون أمام مخبز. تستعرض هنرييتا إيمي (83 عاما) باعتزاز تأييدها لترمب مرتدية قميصا كتب عليه "احفظوا عظمة أميركا"، شعار ترمب الانتخابي. تقول وهي تتأمل بازدراء الموكب الديموقراطي: "مجموعة من الفاشلين".

تنفي السيدة المسنة الاتهامات الموجهة إلى مرشحها بالتعاطف مع أنصار نظرية تفوق العرق الأبيض، وبإساءة التعاطي مع وباء كوفيد-19 وتقول: "الاقتصاد في حالة ممتازة". وتؤكد أن ترمب وفى بوعوده الانتخابية مشيرة إلى أنه "اهتم بالهجرة غير القانونية". وتوضح: "نريد أن يأتي الناس إلى هنا، لكن بصورة قانونية. جاء والداي من هولندا، قدما إلى هنا بشكل قانوني وتعلما الإنكليزية"، وهي تقر بتصاعد التوتر أخيرا في المدينة، لكنها تلقي المسؤولية على عاتق الديموقراطيين.

توضح: "يوجهون إليّ كلاما نابيا، ولا يعجبني ذلك. أقول لهم فقط ’هل علّمتك أمك أن تتكلم هكذا؟‘"

تنتمي إيمي إلى الغالبية في المدينة التي ولد جميع المقيمين فيها في أماكن أخرى، والتي تستقطب خصوصا متقاعدين من البيض والمحافظين. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن 57 في المئة من الناخبين في مقاطعة سومتر وكبرى مدنها ذي فيليدجيز، من الجمهوريين.

مجسم لأميركا
رأى الكاتب أندرو بليكمان الذي نشر كتابا حول المدينة بعنوان "مدينة الترفيه: مغامرات في عالم بلا أطفال"، أنها تمثل "مجسما لما يحصل في أميركا".

وأوضح أن الأجواء في البلد "ازدادت احتداما وتحزّبا" مشيرا إلى أن سكان المدينة منخرطون كما باقي البلاد في الاستقطاب القائم بين الحزبين". ويقول: "يعيشون في وهم. في عالم خيالي، مطابق لما يتصوّرونه عن أميركا الخمسينات والستينات. مع أسلوب هندسي خاطئ، وتاريخ خاطئ، ثمة معالم تاريخية خاطئة في كل مكان".

وفلوريدا من أكبر الولايات الأميركية عدديا ويبلغ عدد الناخبين فيها 14 مليون نسمة، وهي ولاية أساسية غالبا ما سُلّطت الأضواء عليها في المراحل الانتخابية بتسجيلها في غالب الأحيان هامش انتصار ضيق، ما يبقي الغموض مخيما على النتائج النهائية ويبقي الأمة برمتها في ترقب. لكل تلك الأسباب، قد تكون المعركة في "ذا فيليدجيز" حاسمة.

ولا يزال العالم يذكر فوضى عام 2000، حين فاز الجمهوري جورج دبليو بوش بالبيت الأبيض بفارق 537 صوتًا فقط في فلوريدا.