طرابلس: رفع "الجيش الوطني" الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر درجة استعداد قواته في محيط مدينة سرت الاستراتيجية، وأعلن حالة التأهب لصد "أي هجوم محتمل" من تركيا وميليشيات حكومة "الوفاق" التي لوّح رئيسها فائز السراج، بإجراء تعديل وزاري "عاجل"، في محاولة لاحتواء الانتفاضة الشعبية ضد حكومته في طرابلس التي دخلت يومها الرابع على التوالي.

وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في "الجيش الوطني" إن قواته رفعت درجة الاستعداد القصوى في الخط الأحمر (سرت - الجفرة) بعد وصول معلومات تحشيد للميليشيات السورية التركية للهجوم على المنطقة. ولم يقدم المركز في بيانه المقتضب مزيداً من التفاصيل.

وتظاهر مئات الليبيين، ولا سيّما من الشبّان، في العاصمة طرابلس الثلاثاء للتنديد بتدهور الظروف المعيشية والفساد المستشري في بلدهم الغارق منذ سنوات في الحرب والفوضى، في رابع يوم على التوالي من تحرّك احتجاجي جرى وسط إجراءات أمنية مشدّدة.

ونشر ناشطون أشرطة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهرات الحاشدة تحاصر منزل رئيس حكومة طرابلس فايز السراج في حي النوفلين في العاصمة طرابلس حيث تعالت الهتافات المطالبة إياه بالرحيل. وخرجت التظاهرات على الرّغم من الوعد الذي أطلقه السراج في خطاب متلفز الإثنين بمحاربة الفساد وإجراء تعديل وزاري عاجل.

تلويح بعصيان مدني
وتحت أشعة الشمس الحارقة سار المتظاهرون في شوارع العاصمة قبل أن يتوجّهوا إلى ميدان الشهداء في وسط طرابلس، وهتف المتظاهرون السلميون ضد المرتزقة السوريين التابعين لميليشيا طرابلس: "نبي دولارات زي الزلمات" في إشارة للمطالبة بالمساواة في الأجور أسوة بالمرتزقة المجلوبين من الخارج.

وكانت قد أمهلت الحركة الاحتجاجية في العاصمة الليبية طرابلس حكومة الوفاق 24 ساعة لإعلان استقالتها، ولوحت بالقيام بعصيان مدني.

واعتبرت الحركة الاحتجاجية في ليبيا أن إعلان استقالة حكومة الوفاق سيشكل "احتراما للشعب"، وهدد بأنه سيدخل في اعتصام مدني إذا لم ترحل الحكومة، كما طالب الحراك داخلية الوفاق بالإفراج عن المعتقلين.

محاسبة الفاسدين
وكانت العاصمة الليبية شهدت أيام الأحد والإثنين والثلاثاء خروج تظاهرات مماثلة احتجاجاً على تدهور الخدمات العامة والانقطاع المتكرّر للكهرباء والمياه وشحّ الوقود في بلد نفطي.

وتصدّر اجتثات الفساد مطالب المتظاهرين الذي يرون في هذه الآفة سبباً رئيسياً في تفاقم أوضاعهم المعيشية. ورفعت خلال التظاهرة الأعلام الليبية ولافتات كتب على إحداها "محاسبة الفاسدين".

وجرت التظاهرة وسط انتشار أمني كثيف لتجنّب حصول اشتباكات على غرار ما حدث الأحد عندما أطلق مسلّحون مجهولون النار على المتظاهرين وأصابوا بعضهم بجروح.

تعديل وزاري
وكان السراج حاول في خطاب متلفز مساء الإثنين تهدئة خواطر المحتجين بتأكيده على "الحقّ المشروع" لجميع الليبيين في التعبير عن آرائهم، معترفاً بـ"نصيبنا من المسؤولية" عن تدهور الوضع ومذكّراً في الوقت نفسه بأنّ الأزمة "مستمرة منذ سنوات".

ووعد السرّاج بإجراء تعديل وزاري عاجل يطال خصوصاً الوزارات الخدمية، متعهدا أن يتم "اختيار الوزراء الجدد على أساس الكفاءة والقدرات وطهارة اليد"، مؤكدا بأنه قد يتم اللجوء إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لتنفيذ التعديلات الحكومية لتجاوز مشكلة المحاصصة.

وقف للنار وانتخابات
ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011، تشهد ليبيا نزاعات متتالية أرهقت شعب البلد الذي يملك أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا.

ومنذ 2015 تتنازع سلطتان الحكم: حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السرّاج ومقرها طرابلس (غرب) وحكومة موازية يدعمها المشير خليفة حفتر في شرق البلاد.

وأعلن كل من السلطتين الجمعة وقف إطلاق نار في البلاد وتنظيم انتخابات مقبلة. وعزّز هذا الإعلان الآمال بتحسّن الأوضاع في ليبيا، لكنّه لم يبدّد الشكوك في إمكان تطبيقه نظراً إلى أنّ البلاد تشهد منذ سنوات أعمال عنف وتدخلات خارجية مباشرة.