طوكيو: أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الجمعة أنه يعتزم الاستقالة من المنصب الذي يتولاه منذ مدة قياسية، في خطوة لم تكن متوقعة ستطلق سباقا على القيادة في ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

وأعلن آبي في مؤتمر صحافي إنه يعاني من نوبة جديدة من التهاب القولون التقرحي الذي أجبره على اختصار ولايته الأولى وقال إنه يشعر بأنه لم يعد قادرا على مواصلة العمل في منصب رئيس الوزراء.

وقال بصوت هادئ وحزين "يجب ألا يأتي وقت لا أكون فيه قادرا على تحقيق نتائج". وأضاف "الآن وفيما لم أعد قادرا على إنجاز التفويض من الشعب بثقة، اتخذت قرارا بعدم البقاء في منصب رئيس الوزراء".

ورغم تصاعد التكهنات بشأن مستقبل آبي السياسي، بعد زيارتين مفاجئتين له إلى المستشفى لفحوص طبية لم تحدد، شكل الإعلان عن الاستقالة مفاجأة.

فحتى صباح الجمعة سعى المتحدث باسم الحكومة إلى التخفيف من أهمية القلق على صحة آبي، قائلا إنه باق في منصبه.

لكن آبي أوضح بأن ذلك لن يكون ممكنا، وقدم اعتذاره مجددا لاضطراره على اختصار فترة ولايته.

وقال وهو ينحني "أود أن اعتذر بصدق لليابانيين لتركي منصبي قبل سنة من انتهاء ولايتي ووسط أزمة فيروس كورونا المستجد فيما لا تزال مختلف السياسات في طور التطبيق".

مفاجأة كبيرة

قال آبي إنه سيقوم "بحزم بواجبي حتى النهاية" وحتى تعيين رئيس الحكومة القادم، وهي عملية يتوقع أن تتطلب تصويتا لاختيار القيادة الحزبية بمشاركة نواب وأعضاء الحزب.

وهزت أخبار الاستقالة أسواق المال، وتراجعت بورصة طوكيو أكثر من 2 بالمئة قبيل انتهاء تعاملات فترة بعد الظهر، فور ورود النبأ.

وصرح استاذ العلوم السياسية في جامعة ميجي بطوكيو، شينيشي نيشيكاوا إن الإعلان "كان مفاجأة كبيرة". وقال لوكالة فرانس برس إن "استقالته تأتي في وقت تواجه اليابان قضايا صعبة من بينها تدابير الحد من فيروس كورونا المستجد". وأضاف "قد يحصل إرباك سياسي".

وكانت التوقعات تشير إلى بقاء آبي في المنصب حتى نهاية رئاسته للحزب الليبرالي الديموقراطي في أيلول/سبتمبر 2021، وكانت مشاورات الاتفاق على خلف له في مراحلها المبكرة.

ومع ذلك، برزت بعض الاسماء المحتملة من بينها وزير المال تارو آسو، وسكرتير الحكومة يوشيهيدي سوغا، ووزير الدفاع شيغيرو ايشيبا، ومسؤول السياسات في الحزب الليبرالي الديموقراطي فوميو كيشيدا.

ويعتقد أن كيشيدا هو الخيار الشخصي لآبي، فيما آسو يترأس أحد أقوى الكتل في الائتلاف الحكومي. ومعظم الشخصيات المرجحة لخلافته لن تخالف سياساته على الأرجح.

قرار مرير لكن مألوف

امتنع آبي عن الإعلان عن الشخص الذي يرغب في توليه المنصب الرفيع. وقال إن"لا نية" لديه للتأثير على الانتخابات، وإن الأشخاص الذين غالبا ما تطرح أسماؤهم كمرشحين يتمتعون جميعا "بمقدرة عالية".

ويقول الخبراء إن عملية التصويت الحزبي قد تحصل في الاسابيع القادمة، مع جلسة برلمانية جديدة محتملة في أكتوبر.

وقرار آبي الاستقالة سيحمل مرارة مألوفة للرجل الذي أجبر على التنحي بعد عام فقط على تولي المنصب كرئيس الوزراء الأصغر سنا في تاريخ اليابان.

ومذاك أصبح رئيس الوزراء لأطول مدة، ليرتبط اسمه دوما بسياسات اقتصادية تهدف إلى انعاش اقتصاد البلاد، أطلق عليها "آبينوميكس".

وقال إن إرثه قرار يتخذه الآخرون، لكنه أشار إلى جهوده لإحضار باراك أوباما إلى هيروشيما، ليصبح أول رئيس أميركي في المنصب يزور موقع إلقاء القنبلة الذرية، معتبرا ذلك من بين الإنجازات الأكثر مفخرة له.

في الأشهر الماضية تراجعت نسب التأييد لآبي وسط انتقادات لتعاطيه مع الجائحة، ومن بين ذلك إلغاء قرارات بشأن خطة تحفيز وإجراءات قوبلت بسخرية لتوزيع كمامتين من القماش على كل منزل.

كما بدأت نتائج سياساته الاقتصادية بالتراجع مع تسجيل الاقتصاد انكماشا في وقت سابق هذا العام، حتى قبل أزمة الفيروس.