فيلنيوس: قبل عدة أسابيع أوقف مهندسا الصوت البيلاروسيان فلاديسلاف سوكولوفسكي وكيريل غالانوف لاذاعتهما أغنية احتجاجية بارزة من الحقبة السوفياتية خلال تجمع موال للحكومة في مينسك.

وفرا الآن مع أكثر من 20 معارضا من بيلاروس الى ليتوانيا المجاورة مع المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا.

وقال سوكولوفسكي البالغ 30 عاما لوكالة فرانس برس "لا افكر في العودة حاليا. ليس واضحا ما الذي يحدث والوضع خطير".

وسجن سوكولوفسكي لعشرة أيام بسبب نشاطه المعارض في 6 اغسطس، قبل أيام من الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن احتجاجات غير مسبوقة ضد الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو الذي يحكم البلاد منذ 26 عاما.

ويستذكر الموسيقي الشاب تعرضه للحبس الانفرادي ثم حجزه في زنزانة مكتظة وحرمانه من سرير للنوم. لكنه أوضح أنه تفادى الضرب الذي تعرض له المحتجون المعارضون للسلطة.

بعد إطلاق سراحه، اقتيد سوكولوفسكي للاستجواب مرة أخرى لعدة ساعات في 21 أغسطس في وزارة الداخلية حيث تعرض لتهديدات بمواجهة اتهامات جنائية إضافية.

وصرّح "في اليوم التالي توجهت إلى ليتوانيا بمساعدة السفارة"، مضيفًا أن ليتوانيا عرضت مساعدته في الأصل بعد أن عزف أغنية "بريمن!" (التغيير).

تصرف سوكولوفسكي في هذه الأغنية، التي قدّمها نجم الروك الروسي فيكتور تسوي في ثمانينات القرن الماضي وفرقته كينو قبيل سقوط الاتحاد السوفياتي، وحولها إلى ما يشبه نشيدا وطنيا.

حتى أن وزير خارجية ليتوانيا ليناس لينكيفيسيوس نشر مقطعًا من الأغنية على تويتر مع تعقيب بالإنكليزية "شعب بيلاروس استيقظ".

بيئات آمنة

حوّلت موجات القمع في بيلاروسيا ليتوانيا، العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إلى ملاذ للبيلاروسيين المؤيدين للديموقراطية.

منذ حملة القمع في بيلاروس، خففت ليتوانيا القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا للسماح بدخول أشخاص من بيلاروس "لأسباب إنسانية".

بدورها أعلنت بولندا تخفيف القيود للسماح بدخول البيلاروسيين الفارين، وعرضت ايضا معالجة أي مصاب جراء حملة السلطات العنيفة على الاحتجاجات.

وأكّدت متحدثة باسم وزارة الداخلية أنّ ليتوانيا اجازت دخول 22 ناشطا بيلاروسيا حتى الآن، نصفهم طلب اللجوء السياسي.

وقالت المتحدثة "كلهم في بيئات آمنة" مضيفة أن 14 ناشطا آخرين حصلوا على إذن بالوصول إلى ليتوانيا لكنهم لم يعبروا الحدود بعد.

ويعد عرض ليتوانيا توفير ملاذ للمتظاهرين جزءا من جهد دبلوماسي أوسع لتعزيز الدعم الدولي للاحتجاجات في بيلاروس.

وأثارت هذه التحركات غضب روسيا التي تدعم لوكاشنكو واعتبرت ان ما قامت به فيلنيوس "تدخل سافر في شؤون الدولة المجاورة".

تربط ليتوانيا وبيلاروس علاقات تاريخية وثيقة، تعود إلى عهد دوقية ليتوانيا الكبرى في القرن الرابع عشر، لكنهما اتبعتا مسارات مختلفة تمامًا منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.

ورسخت دول البلطيق وجودها في المعسكر الغربي، بعد أن انضمت إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي في عام 2004، لكن بيلاروس تحولت إلى أحدى أكثر دول العالم عزلة في عهد لوكاشنكو.

قد لا يكون لدى البيلاروسيين مثل سوكولوفسكي خيار سوى متابعة الأحداث الجارية من بعد.

وقال "أنا موسيقي، أعزف الغيتار. لكن في الوقت الحالي لست على استعداد لذلك. أحاول حل جميع مشاكلي في بلادي من بُعد".