مع تفشي كورونا، غاب العنصر البشري هذه السنة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع ما يواكبها من لقاءات ثنائية بعيدا عن الأضواء، فكان الاجتماع بأفلام الفيديو أشبه بمشاهدة فيلم في صالة سينما شبه مقفرة.

الامم المتحدة: "بيتنا في فوضى". بتلك الجملة لخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ الثلاثاء أسبوعها الثاني مع مواصلة مداخلات قادة العالم وبينها كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.

وتلقى الخطابات هذه السنة عبر مقاطع فيديو صور بعضها مسبقا قبل أيام من بثها. ووصف الصحافي في نيويورك تايمز ريك غلادستون المتخصص في مسائل الأمم المتحدة، الجمعية العامة هذه السنة بأنها "أشبه بمشاهدة فيلم في صالة سينما شبه مقفرة".

ومع تفشي وباء كوفيد-19 الذي شل العالم في أشهر قليلة، غاب العنصر البشري هذه السنة عن الملتقى الدبلوماسي العالمي الكبير، مع ما يواكبه من لقاءات ثنائية بعيدا عن الأضواء.

وأقر سفير بلد من كبار أعضاء مجلس الأمن طالبا عدم كشف اسمه بأن لا دبلوماسية بدون دبلوماسية "الكواليس".

لكن في المقابل، أتاح انعقاد الجمعية العامة عبر الإنترنت تسجيل رقم قياسي من حيث المشاركة هذه السنة، مع بث كلمات لأكثر من 160 رئيس دولة وحكومة من أصل بلدان الأمم المتحدة الـ193، بمن فيهم قادة نادرا ما يحضرون إلى مقر المنظمة الدولية مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ أو حتى البابا فرنسيس الذي تعود آخر زيارة له إلى نيويورك إلى العام 2015.

لكن من حيث الجوهر، لم يسجل أي تغيير، بين إدارة أميركية تسارع إلى مهاجمة الصين، وباقي العالم الداعي إلى تعزيز وحدة الصف في مواجهة أزمة صحية لا يمكن التكهن بعواقبها.

وفي وسط كل ذلك، يحاول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسماع صوته مثل قبطان يرفض مغادرة سفينة "النهج التعددي" الغارقة، فيبقى حاضرا في غالب الأحيان في مقر المنظمة المهجور بسبب تدابير التباعد لمكافحة فيروس كورونا المستجد.

وأطلق غوتيريش تحذيرا صارما الخميس قائلا إن "الجائحة إشارة إنذار إلى كوارث أكثر خطورة يمكن أن تحصل، بدءا بالأزمة المناخية" مضيفا وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين "إذا كانت استجابتنا غير موحدة وغير منظمة على النحو الذي شهدناه هذا العام، أخشى أن يحصل الأسوأ".

ومع تهديد روسيا الممانعة لعقد اجتماعات افتراضية بعدم الاعتراف بالخطابات عبر الفيديو على أنها وثائق رسمية للأمم المتحدة، يقوم دبلوماسيون ملزمون بالحضور إلى مقاعد المنظمة الأممية بتقديم الكلمات قبل بث الفيديو.

أما الرؤساء، فيظهرون في مقاطع الفيديو في حدائق أو أمام جدران عارية، إلى جانب علم بلادهم.

ومن بين الرؤساء الذين ألقوا كلمات رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها أممياً فايز السراج الذي يستعد لتسليم السلطة، ورئيس فنزويلا نيكولاس مادورو المطعون في شرعيته.

في المقابل، غاب عن الجمعية العامة الرئيس السوري بشار الأسد الذي يندد به الغرب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي أرسل ممثلا عنه سيلقي كلمة الثلاثاء.

وطلبت الأمم المتحدة من قادة العالم إرسال تسجيلات الفيديو قبل أربعة أيام على الأقل من بثها فارضة مدة لا تتخطى 15 دقيقة لكل تسجيل. لكن كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب البالغة مدتها سبع دقائق لم تصل سوى عشية بثها، فيما استمرت كلمة ماكرون 50 دقيقة.

وخلافا للسنوات السابقة، ستستمر الاستراحة في منتصف الجمعية العامة ليومين، الأحد والإثنين، بدل يوم واحد. وبرر دبلوماسي ذلك بوجوب "القيام بحملة تنظيف وتعقيم واسعة" للقاعة.

وبعد الثلاثاء، يتم عقد مؤتمرات عبر الفيديو على مستوى رفيع بشأن التنوع الأحيائي ووباء كوفيد-19 والنساء والأسلحة النووية والنزاعين في ليبيا وإفريقيا الوسطى.

كما سيتواصل اعتبارا من الأربعاء بث كلمات قادة 55 دولة من بينها بريطانيا والبرازيل وإيران، ما يعني أن خطابات رؤساء العالم ستمتد 15 يوما، وهي سابقة في الأمم المتحدة.