رقص وغناء وقرع طبول في جوبا، أثناء انطلاق مراسم الاحتفال بالتوقيع النهائي لاتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والمتمردين، ينهي حالًا من الحرب الدامية استمرت عقودًا.

جوبا: انطلقت في جوبا، عاصمة دولة جنوب السودان، السبت، مراسم الاحتفال بالتوقيع النهائي لاتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، على قرع الطبول والغناء والرقص، وهو اتفاق سلام تاريخي يهدف إلى إنهاء عقود من الحرب التي قتل فيها مئات الآلاف.

يحضر الاحتفال مسؤولون من دول مجاورة بالإضافة إلى مصر وقطر والمملكة العربية السعودية الاحتفال الذي يقام في جوبا عاصمة جنوب السودان المجاورة.

وقد وقع الجانبان الاتفاق بالأحرف الاولى في جوبا ايضا نهاية آب/اغسطس الماضي.

وقال ميني أركوي ميناوي زعيم حركة تحرير السودان "إن توقيع هذا الاتفاق اليوم هو أمر مهم للسودان وجنوب السودان... وهو يعني إنهاء معاناة الكثير من السودانيين في أنحاء السودان وخارجها". وأضاف "من الواضح أن التحدي الاقتصادي في السودان هو من أبرز التحديات. كما أن الوضع السياسي الهش يمثل أحد التحديات أيضا لكنني متأكد من أننا سنحقق السلام الذي نريده... هناك حاجة إلى التسامح".

وقدّم فنانون من جنوب السودان والسودان عروضا أمام الضيوف الذين كانوا ينتظرون بدء المراسم فيما سار أعضاء الجماعات المتمردة من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهم ينشدون أغاني الفرح ويرفعون لافتات تحمل صور قادة أحزابهم.

وكان إنهاء النزاعات الداخلية في السودان أولوية قصوى للحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة منذ إطاحة الديكتاتور عمر البشير العام الماضي وسط انتفاضة شعبية مؤيدة للديموقراطية.

وتوسط لمحادثات السلام جنوب السودان الذي حارب قادته أنفسهم الخرطوم كمتمردين لعقود قبل تحقيق الاستقلال في العام 2011.

يحضر الاحتفال قادة السودان بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس المجلس السيادي الانتقالي الجنرال عبد الفتاح البرهان واللواء حمدان دقلو نائب رئيس المجلس السيادي العسكري والمدني المشترك في السودان. وقال حمدوك في بيان فور وصوله إن "السلام سيفتح آفاقا رحبة للتنمية والتقدم والازدهار". لكنه أقر بأن المستقبل لن يكون سهلا. أضاف "عملية السلام لا تخلو من المطبات والعثرات"، مشيرا إلى أنه "بالصبر والمثابرة والحكمة والدور الكبير الذي لعبته الوساطة في تقريب وجهات النظر تحقق السلام".

ويشهد السودان صراعات متعددة بين الحكومة التي يهيمن عليها العرب والتي قادها البشير لثلاثة عقود ومتمردين من جماعات عرقية غير عربية في مناطق نائية. وفي المناطق الريفية الشاسعة في السودان، كان هناك تنافس دائم على الموارد الشحيحة بين المزارعين المنتمين إلى أقليات عرقية والرعاة العرب الذين غالبا ما كانت الخرطوم تدعمهم.

وقد تصاعد التوتر بسبب الصعوبات الاقتصادية خصوصا بعد انفصال جنوب السودان في العام 2011 الامر الذي حرم الشمال من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية. واندلعت حروب أهلية عدة منذ الاستقلال في العام 1956، بما في ذلك حرب 1983-2005 التي أدت إلى انفصال الجنوب. أسفرت الحرب المدمرة في إقليم دارفور منذ العام 2003 عن نحو 300 ألف قتيل و2,5 مليون نازح ولاجئ، حسب بيانات الأمم المتحدة.

ويتكون الاتفاق من ثمانية بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والمشردين، إضافة إلى البروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشا يمثل كل مكونات الشعب السوداني.

وعُقد، أمس، بالقصر الرئاسي في مدينة جوبا، اجتماع ثلاثي ضمّ رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميارديت ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك ورئيس الحركة الشعبية شمال القائد عبد العزيز الحلو.

وتداول المشاركون في الاجتماع تطور العملية السلميّة بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية -شمال بما يصُبّ في اتجاه عودة المباحثات بينهما، وتم التأكيد أن استكمال السلام العادل الشامل بالسودان هو أمر مصيري لدولتي السودان وجنوب السودان بما يخدم الاستقرار السياسي والاقتصادي لشعبي البلدين.