ستوكهولم: يضم سجل الفائزين بجوائز نوبل قلة من النساء منذ إطلاقها سنة 1901، في وضع يحاكي أيضا الحضور النسائي الضعيف بين القائمين على الحدث إذ تشكّل النسوة أقل من ربع المقاعد في اللجنة المشرفة على هذه المكافآت المرموقة التي تُمنح الأسبوع المقبل.

وتُمنح جوائز نوبل في فئات العلوم والآداب والاقتصاد في السويد، فيما تُقدم جائزة نوبل للسلام في النروج، وهما بلدان يتباهيان بسجلهما على صعيد المساواة بين الجنسين.

لكن في ستوكهولم، يستأثر الرجال هذه السنة على رئاسة كل اللجان المسؤولة عن اختيار الفائزين بجوائز نوبل.

كما أن المساواة تبدو بعيدة في لجان الاقتصاد (امرأتان من 11 عضوا) والكيمياء (ثلاث نساء من عشرة أعضاء) والطب (4 من 18)، وخصوصا في لجنة الفيزياء (امرأة من أصل سبعة أعضاء). حتى لجنة جائزة الآداب ليست استثناء في هذا المجال (امرأتان من سبعة أعضاء).

وتقول إيفان أولسون وهي المرأة الوحيدة في لجنة الفيزياء إن الوضع الحالي يمكن تفسيره خصوصا من المنظور الإحصائي، نظرا إلى قلة عدد النساء العاملات في مجالها.

وتؤكد عالمة الفيزياء بأهمية وجود نساء يشكّلن "مثالا أعلى لتستلهم منهن طالبات شابات أكثر" للتخصص في الفيزياء، رغم تأكيدها بأن "العمل في اللجنة لا يتأثر" بالنقص في المساواة العددية بين الجنسين.

ويقرّ غوران ك. هانسون الأمين العام للأكاديمية الملكية للعلوم بأن "الوضع يسجل تحسنا تدريجيا واضحا لكن ببطء"، مع ازدياد نسبة النساء في لجان نوبل خلال السنوات الأخيرة.

النروج نموذجا

وفي ستوكهولم، تتشكل اللجان بأكثريتها من المعاهد المرجعية التي تتبع لها: أي الأكاديمية السويدية لجائزة الآداب، ومجلس نوبل في معهد كارولينسكا لجائزة الطب، والأكاديمية الملكية للعلوم لجوائز الفيزياء والكيمياء والاقتصاد.

ورغم أن الكلمة الأخيرة لا تعود لهؤلاء في اختيار الفائزين، بل إلى أكاديمية نوبل بمجملها، لكن لدى هذه المجموعات الصغيرة دور حاسم في إعداد قوائم المرشحين لنيل جوائز نوبل.

وعلى صعيد جائزة نوبل للسلام، يتعين على البرلمان النروجي اختيار الأعضاء الخمسة في اللجنة التي تشكل أداة العمل ومركز القرار بشأن هوية الفائز (أو الفائزين)، مع الأخذ في الاعتبار ميزان القوى السياسية.

وقدّمت النروج مثالا جيدا في هذا المجال إذ إن لجنة 2020 تضم ثلاثة رجال وامرأتين بينهما رئيسة اللجنة الوحيدة.

ويشير أولاف نيولستاد وهو أمين لجنة السلام في أوسلو إلى أن الحضور النسائي يؤثر على ما يبدو في اختيار الفائزين. ويقول "من الطبيعي التفكير بأن الأمرين يسيران بالتلازم".

ومنذ 2001، فازت 24 امرأة بجوائز نوبل في الفئات كافة، أي أكثر من ضعف العدد المسجل خلال العقدين السابقين (11 فائزة).

ورغم وجود عدد متزايد من النساء في الأكاديميات، "لا يزال الرجال يشكلون أكثرية عددية في الأكاديمية الملكية للعلوم"، وفق إيفا مورك أول امرأة شغلت عضوية لجنة نوبل للاقتصاد في 2011 والعضو في لجنة العام 2020.

عضوية مدى الحياة

ويلفت أولاف نيولستاد إلى أن "اللجان العلمية تحمل معها تقليدا قائما على وجود عدد أكبر من أساتذة العلوم الذكور من ذوي الكفاءات العالية حتى اليوم"، مقارنة مع نظيراتهم النساء.

ويضيف "بدأنا نشهد مزيدا من التوازن في السنوات العشرين الأخيرة ربما".

كما أن معيارا آخر يسهم في إبطاء مسار تعزيز الحضور النسائي في المؤسسات المعنية بجوائز نوبل، إذ إن العضوية في أكثرية الأكاديميات التي تنبثق منها اللجان تكون مدى الحياة.

ويوضح نيولستاد "هم يبقون في مراكزهم طويلا، لذا ثمة تباين زمني" مع المشهد القائم حاليا في مجال البحث العلمي.

أما أعضاء اللجنة النروجية لجوائز نوبل فتمتد ولايتهم لست سنوات.

ورغم أن مشاركة النساء للمرة الأولى في اللجنة لم تحصل قبل العام 1948، فإنها ضمت في الفترة الأخيرة أكثرية نسائية، وصولا إلى أربع نساء من أصل خمسة أعضاء بين 2000 و2018، لدرجة أن البعض كان يطيب له إطلاق نكات عن ضرورة اعتماد حصص للرجال في اللجنة.

لكن في مقابل التذرع بطغيان الذكور في مجال العلوم، ما الذي يفسر الهيمنة العددية للرجال في لجان جوائز الآداب؟ إذ لا يزيد عدد النساء في اللجنة الحالية عن اثنتين هما خبيرتان لا تتمتع أي منهما بعضوية كاملة في الأكاديمية السويدية، منذ وفاة الكاتبة كريستينا لون في الربيع الفائت.

ويقول أمين اللجنة ماتس مالم "نجهد لبلوغ التوزان بين الجنسين. خلال تشكيل اللجنة (...) تعذر توفير توازن كامل".

وكانت ساره دانيوس، وهي أول امرأة تتولى منصب الأمين الدائم للأكاديمية السويدية (والتي توفيت في تشرين الأول/أكتوبر 2019)، قد استقالت من منصبها في 2018 إثر فضيحة جنسية هزت المؤسسة.