ايلاف من لندن: قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ان الولايات المتحدة لم تهدد العراق وانما اوصلت انزعاجاً وقلقاً مُحقاً حول أمن بعثاتها وحذر من ان سحب واشنطن لسفارتها في العراق سيؤدي الى انهيار الاقتصاد العراقي واكد اعتقال العشرات من جماعات الجريمة المنظمة والفساد موضحا الاعلان قريبا عن لجنة من القضاة بشأن كشف الحقائق الخاصة بمقتل المتظاهرين مشددا على ان القتلة لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن.

واكد الكاظمي على ضرورة حماية مصالح العراق مع أميركا في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة والأمن .. معتبراً أن أمريكا وقعت في أخطاء كبيرة خلال مرحلة احتلال العراق . واشار إلى أن هناك من يحاول عرقلة علاقات العراق مع واشنطن لكنه جاد في حماية البعثات الأجنبية.

واضاف ان سياسة الحكومة تتمثل بالتوازن ورفض التدخل في شؤون العراق وفي الوقت نفسه فانه لا يتدخل في شؤون غيره "علاقاتنا مع الدول العربية وإيران جيدة برغم ان هناك من يتمنى أن تكون لدينا علاقات سيئة مع إيران"".

واعتبر أن أوروبا شريك حقيقي وقريبة من العراق وساعدته في حرب داعش ويمكن أن يكون لها دور في الاستثمار مثلما ان له علاقات مع إيران وتركيا والدول العربية ليكون العراق جزءاً من المنظومة العالمية ولا يكون في عزلة.

واشنطن منزعجة حول أمن بعثاتها
وأشار الكاظمي بالقول "لم نستلم أي تهديد من أميركا بشأن غلق سفارتها في العراق ولن نقبل بأي تهديد من أي دولة كانت.. منوها الى وصول انزعاج منها بشأن أمن بعثاتها في العراق .
وحذر الكاظمي خلال مقابلة متلفزة مع قناة العراقية الرسمية مساء السبت تابعتها "ايلاف" من أن العراق لن يتحمل العزلة الدولية وسينهار اقتصاده إذا ما أغلقت الولايات المتحدة ودول أخرى سفاراتها في البلاد.. منوها الى ان العراق ولغاية هذه اللحظة فإن واردات نفطه تتعلق بالولايات المتحدة وما زالت أغلب ودائعه لديها". واشار الى ان العراق دولة مهمة في المنطقة يحكمها الدستور الذي ينص على بناء العلاقات مع دول العالم.

واعتبر الكاظمي أن "أميركا دولة كبرى ويجب أن نحمي مصالحنا معها".. وبين أن العلاقات مع واشنطن مبنية على المصالح.. مشيرا إلى أن هناك من يحاول عرقلة علاقات العراق مع واشنطن لكنه جاد في حماية البعثات الأجنبية.

ورداً على منتقدي علاقاته مع واشنطن أوضح "أقول لمن من يزايد على العلاقات إن بعضكم ذهبتم إلى البيت الأبيض قبل 2003 لطلب المساعدة في إسقاط صدام حسين وأميركا ساعدتنا في ذلك ويجب أن لا ننسى أنها ساعدتنا في داعش رغم أنها وقعت في أخطاء كبيرة خلال مرحلة احتلال العراق" ونوه الى ان بعض السياسيين ينتقدون أميركا في العلن لكنهم في الغرف المظلمة يخنعون لها.

وقال "لا نخجل من أي علاقة تحفظ كرامة العراق والعراقيين وينبغي إطفاء النيران وتصفير كل مشاكلنا مع الاخرين لبناء مستقبل أفضل". واشار الى ان العراق حقق مكاسب تاريخية خلال الحوار الاستراتيجي مع واشنطن ومنها إعادة انتشار القوات خارج العراق والخروج من القواعد العراقية وتشكيل لجنة فنية لترتيب اليات الانسحاب ومنذ ذلك الحين تم سحب 2500 جندي إلى خارج العراق .. متسائلا : فماذا نريد بعد ذلك؟ هل نريد تصرفات غوغائية؟.

وبين أن "قوى شيعية طلبت مني جدولة انسحاب أميركا خلال ثمان سنوات وحين تمكنّا من تقليص المدة اعترضت".

الازمة الاقتصادية غير مسبوقة
وحول الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها العراق حاليا فقد اعتبرها الكاظمي خطيرة غير مسبوقة في تاريخ بلاده.

واستدرك الكاظمي مؤكدا ان العراق لن يُفلس والبلد فيه خيرات وثروات ولكن كان هناك سوء إدارة.. واصفاً الاعتماد على الريع النفطي بـ"سياسة الكسلان وقال "اننا نعمل ليلاً ونهاراً لكي نجنّب المواطن تبعات هذه الأزمة الاقتصادية".

ونوه قائلا "لقد استلمت تركة كبيرة وأحاول إعادة المؤسسات لاختصاص عملها فجميع مؤسساتنا تمتلك مؤهلات كبيرة لكن الحكومات السابقة كانت فاشلة وكسولة لإعتمادها على النفط وحده منوها الى انه استلم خزينة خاوية.

الفساد
وعن جهود حكومته في ملاحقة الفاسدين ومرتكبي الجرائم المنظمة فقد اكد الكاظمي اعتقال العشرات من جماعة الجريمة المنظمة والفساد وقال "ستسمعون بحصيلة العمليات قريباً".

وأكد الكاظمي أن لجنة محاربة الفساد، للملفات والجرائم الكبرى وضعت يدها على ملفات كبيرة وتشلكت هذه اللجنة ليس من أجل الفساد فقط وتمكنت خلال فترة قصيرة من الكشف عن عمليات فساد كبيرة ففي وزارة التربية مثلاً تم الكشف عن خمسة آلاف شخص يحصلون على أربعة رواتب من الحكومة كما كشفت عن تلاعب بملايين الدولارات في هيئة التقاعد.

جرائم قتل الناشطين والمتظاهرين
وبشأن التحقيقات الجارية في جريمة اغتيال الخبير الأمني هشام الهاشمي أكد الكاظمي التوصل إلى خيوط عملية في اغتيال الهاشمي والناشطين منوها الى انه سيتم اعلان النتائج في الوقت المناسب. وشدد بالقول ان "القتلة لن يفلتوا من العقاب مهما طال الزمن والبرنامج الحكومي تضمن متابعة شهداء وضحايا تشرين".

واوضح انه سيتم قريبا الاعلان عن لجنة من القضاة بشأن كشف الحقائق الخاصة بمقتل المتظاهرين.. منوها الى ان هناك اتفاقا حول الشباب المطاردين قضائيا من غير المتورطين بعنف أو قتل حيث سيكون هناك أغلاق لقضاياهم .

وقال ان العمل جار على مساعدة شهداء وجرحى شباب تشرين خاصة وان حجم اصابات المتظاهرين لا يتحمله العقل كما سنعلن قريباً عن نتائج التحقيقات بشأن جميع الشهداء الذين اغتالتهم جماعات الجريمة المنظمة".

وشدد على رفضه اتهام المتظاهرين بالعمالة إلى دول أخرى وتسميتهم بـ"الجوكرية" قائلا إن "من المعيب تسمية 560 شهيداً بأنهم جوكرية فهؤلاء شهداؤنا ويجب أن نضعهم في أعيننا فهم انتفضوا على واقع مؤلم".

الانتخابات ومهام الحكومة
واشار الكاظمي الى ان حكومته أنتجها الواقع الاجتماعي وتظاهرات تشرين التي تمثل مرحلة مفصلية في تأريخ العراق وهي السبب الأساسي لوجود هذه الحكومة. وأضاف أن "الحكومة الحالية هي حكومة حل وليست حكومة أزمات هدفها الوصول إلى انتخابات مبكرة نزيهة وعادلة.

وعن الاتهامات الموجهة إليه رد الكاظمي بالقول إن "الاتهامات بدأت منذ اليوم الأول لأنها هذه الجهات نست المعادلة السياسية، ولو أعطيت لأهل الجماعات كل ما يريدون لكانوا اليوم يسبحون بالحكومة ويدافعون عنها لكن الحكومة انتقالية وتعمل على حماية الوضع الأمني والاقتصادي وحماية العلاقات الخارجية وارتضيت لنفسي أن أزعل الجميع وأرضي ضميري وأرضي الشارع".

واشار الى ان بعض الجماعات تقوم بتنفيذ عمليات نوعية سيئة لإرباك الحكومة وأظهارها كحكومة ضعيفة لكن تمت مواجهة ذلك باعتقال العشرات من الفاسدين وجماعات الجريمة ومن ينفذون عمليات خارج إطار القانون.

وحول الانتخابات المبكرة المنتظرة منتصف العام المقبل اشار الكاظمي الى أن الموعد تم "وفق رؤية وبرنامج حكومي.. موضحا ان "أغلب القوى السياسية كانت لا تريد انتخابات مبكرة لكن هنالك الآن مطلب شعبي وضغوط دولية وقد بدأنا بتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات".

وشدد على ضرورة اتفاق البرلمان على الدوائر الانتخابية وحسم تشكيل المحكمة الاتحادية.. وحذر قائلا "لأنه كلما تأخر ذلك جعل الانتخابات في وضع حرج".

واوضح رئيس الوزراء ان علاقاته مع القوى السياسية متوازنة منوها الى انه يأخذ الأمور على حسن النية "وعلاقتي جيدة ومتوازنة مع القوى السياسية وإن كان هناك من ينتقدني .. وحين تكون هناك مشكلة أو اجتهاد، فنعمل على تذليلها".

وكان الكاظمي قد تولى رئاسة الحكومة الحالية في السابع من ايار مايو الماضي على انقاض حكومة سلفه عادل عبد المهدي التي ارغمتها الاحتجاجات الشعبية التي تفجرت في الاول من تشرين الاول اكتوبر عام 2019 في العاصمة وتسع محافظات وسطى وجنوبية على الاستقالة في اواخر تشرين الثاني نوفمبر من العام نفسه.