ايلاف من لندن: زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين موقع سقوط ضحايا مدينة الناصرية عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية مترحما على ارواحهم ثم ترأس اجتماعا لحكومته، والتقى زعماء العشائر معلنا عن انشاء صندوق خاص لإعمار المحافظة وانجاز 270 مشروعا متلكئا بسبب الفساد، واشار الى انه يعمل على اعادة هيكلة المؤسسة الامنية وهيبتها ومحاربة الفساد فيها.

فقد قام الكاظمي الاثنين بزيارة مفاجئة الى محافظة ذي قار (375 كم جنوب بغداد) حيث اطلع في الناصرية عاصمة المحافظة على الواقع الخدمي والأمني فيها ومعالجة المشاكل والعقبات التي تواجه تنفيذ المشاريع الخدمية فيها. كما ترأس جلسة استثنائية لمجلس الوزراء عقدت في مبنى الكلية العسكرية في قاعدة الامام علي في المحافظة بحضور المحافظ ونائبه وقائد العمليات المشتركة وقائد شرطة المحافظة".

الترحم على ارواح ضحايا التظاهرات وتفقد عوائلهم

ثم زار الكاظمي جسر الزيتون (الشهداء) وساحة الحبوبي مركز اعتصام المحتجين بوسط الناصرية الذي شهد صدامات بين المتظاهرين والقوات الامنية في اوقات سابقة و"قرأ سورة الفاتحة على أرواح شهداء تظاهرات تشرين والتقى جمعا من المواطنين، واستمع الى مشاكلهم ووعد بمتابعتها"، كما قال مكتبه الاعلامي في بيان صحافي تابعته "ايلاف".

ثم التقى الكاظمي مجموعة من عوائل شهداء تظاهرات تشرين، وقدّم التعازي والمواساة لهم باستشهاد أبنائهم كما استمع الى مطالبهم ووجّه بتلبية احتياجاتهم. واكد "أن شهداء تشرين هم فخر للعراق لأنهم خرجوا من أجل الوطن وهتفوا باسمه وطالبوا بتحقيق حلمهم في الإصلاح وفي حياة حرة كريمة". كما زار منزل المختطف سجاد العراقي والتقى عائلته.

وأشار الى أن حكومته مضت بخطوات مهمة في الحفاظ على حقوق الشهداء وتحقيق العدالة من خلال القصاص من القتلة ومحاسبة المتورطين والمضي قدما من أجل تنفيذ الإصلاح وملاحقة الفاسدين.

انشاء صندوق لإعمار ذي قار وانجاز مشاريعها المتلكئة

وخلال اجتماعه مع عدد من شيوخ العشائر في محافظة ذي قار، فقد استمع الكاظمي الى المشاكل التي تعاني منها المحافظة، حيث قدّموا مطالب اهلها في ما يتعلق بالخدمات وتحسين الواقع المعيشي وتوفير فرص العمل وتحقيق الاستقرار.

وقال الكاظمي إن هذا الاجتماع "يجسّد التواصل الكبير ما بين الحكومة وأبنائها من أجل العمل المشترك وإسناد الدولة في التغلب على الكثير من المشاكل وأكد أنه يراهن على حكمة العشائر الأصيلة في المحافظة من أجل التعاون معا لخدمة أبنائها".

واشار الى ان محافظة ذي قار "تتمتع بعمقها التأريخي والحضاري وهي قدّمت التضحيات وتستحق منا الكثير وسنعمل بكل الجهود من أجل أن تستعيد عافيتها". وكشف عن وجود مائتين وسبعين مشروعا متلكئا في المحافظة لأسباب مختلفة بعضها يتعلق بالفساد وسوء الإدارة، وستعمل السلطات على معالجتها قدر المستطاع معلنا عن إنشاء صندوق خاص لإعمار المحافظة.

واكد ان وضع ذي قار يستحق وقفة جادة من مجلس الوزراء و"عازمون على اتخاذ قرارات تصب في صالح المحافظة وأهلها ".. منوها على انه يجب ان يكون للناصرية وضع خاص وتطلق فيها المشاريع وتوفير فرص العمل .
ودعا الوزراء الى بذل المزيد من الجهود لتنفيذ القرارات التي تخص محافظة ذي قار قائلا "الناصرية أعطتنا الكثير ويجب أن نعطيها وهي مدينة تعرضت للتهميش وتحتاج الى الاهتمام بواقعها.

اعادة هيكلة المؤسسة الامنية ومواجهة الفساد فيها
وخلال اجتماعه مع القيادات العسكرية والامنية في المحافظة، فقد بحث الكاظمي بحضور وزير الداخلية عثمان الغانمي الأوضاع الأمنية في المحافظة.
واشار الى أنه عمل ومنذ تسلم مهامه رئيساً للحكومة وقائداً عاماً للقوات المسلحة على إعادة الثقة بالمؤسسة الأمنية وإعادة هيبتها ومكافحة الفساد داخلها بما يساعد في تحقيق الأمن والاستقرار في عموم العراق.
وشدد على رفض ربط العمل الأمني بالجانب السياسي، موضحا ان التداخل بينهما سيؤثر سلبا في تحقيق الأمن، ومن شأنه أيضا عدم اتخاذ القرارت الأمنية المناسبة إزاء الأحداث الأمنية، داعيا الى ضرورة بذل الجهود من أجل تعزيز الأمن في عموم أنحاء المحافظة.
كما دعا الأجهزة الأمنية الى التعامل المهني مع المتظاهرين، ومراعاة مبادىء حقوق الإنسان واحترام حرية الرأي والتعبير والتظاهر، وفي الوقت نفسه شدد على رفضه التام الاعتداء والتجاوز على القوات الأمنية وهي تؤدي مهامها الأمنية في حفظ الأمن.

وفي 30 من الشهر الماضي وخلال استقبال الكاظمي في مكتبه والدة وشقيق الناشط المختطف في المحافظة سجاد العراقي فقد عبر عن تعاطفه الكبير مع العائلة مقدّرا موقفها الشجاع في خروج أبنائها للتظاهر مطالبين بالاصلاح ومحاربة الفساد، وكذلك مشاعر الحزن لدى عائلته وتطلعه لان يعود ابنها الى حضن عائلته".

وأكد الكاظمي أن قضية اختطاف سجاد تشغل حيّزاً كبيراً من اهتمامه وهو يتابعها شخصيا، وقد وجّه القوات الأمنية "بتوسيع نطاق البحث في عموم المنطقة وخارجها في محفظة البصرة الجنوبية وتسخير كل الإمكانيات المتاحة لحين العثور على مكانه وإلقاء القبض على الجهة المختطفة وإنزال أشد العقوبات بحق عناصرها".. مبينا أن الأمر لا يتعلق بسجاد وحده، وإنما بحياة وكرامة المواطنين كافة.

وكان الكاظمي اكد خلال لقاء مع جرحى تظاهرات محافظة ذي قار في 22 أغسطس الماضي دعمه "لمطالب المتظاهرين الحقّة والتي رفعت شعار التغيير من أجل تحسين واقع البلد وبناء مستقبل أفضل للعراق يقوم على أساس العدل والمساواة والعيش الرغيد للمواطنين وبيّن أن الحكومة عازمة على تحقيق مطالب المتظاهرين السلميين والتي تعد من أولويات برنامجها الحكومي".

يشار الى ان محافظة ذي قار قد شهدت خلال الاضطرابات التي رافقت تظاهرات الاحتجاج فيها والتي اندلعت في محافظات اخرى أيضا اواخر العام الماضي مقتل واصابة حوالي الفي قتيل وجريح من المتظاهرين في اعلى نسبة من الضحايا بعد العاصمة بغداد.

وكانت احتجاجات شعبية مليونية قد تفجرت في العراق في الاول من اكتوبر من العام الماضي ضد الفساد وفقدان الخدمات العامة الضرورية وللمطالبة بفرص عمل .. اضافة الى رفض الهيمنة الايرانية على شؤون العراق اسفرت عن مقتل 568 متظاهرا واصابة 21 الفا آخرين، وأدت الى ارغام رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي على تقديم استقالته في الاول من نوفمبر السابق.