اثينا: ينتشر مئات عناصر الشرطة الاربعاء في اثينا تمهيدا لصدور الحكم في احدى أهم المحاكمات في التاريخ السياسي الحديث لليونان بحق قادة حزب "الفجر الذهبي" للنازيين الجدد المتهمين بتشكيل "منظمة إجرامية".

وتترقب اليونان هذا الحكم الذي ستصدره محكمة الجنايات في العاصمة بعد جلسات استماع استمرت خمس سنوات لتحديد ما اذا كان الحزب "منظمة إجرامية" شنت هجمات عنيفة على معارضين بأوامر من مؤسسه نيكوس ميخالولياكوس ودائرته المقربة.

وانطلقت الملاحقات القضائية اثر مقتل مغني راب مناهض للفاشية يدعى بافلوس فيساس كان في الـ34 من عمره، بعدما طاردته مجموعة من حزب "الفجر الجديد" وطعن حتى الموت أمام مقهى في كيراتسيني، الضاحية الغربية لاثنيا، في أيلول/سبتمبر 2013.

والقاتل اعترف بالجريمة لكن الهجوم اثار استنكارا واسعا واتهامات بان حزب "الفجر الجديد" يشكل منظمة تعمل بشكل شبه عسكري وتلجأ الى تكتيك الضرب والترهيب والقتل وبان قادة الحزب يعلمون بذلك.

وأثار مقتل بافلوس فيساس صدمة في اليونان التي كانت في أوج الأزمة المالية ما دفع بالسلطات الى اعتقال قادة واعضاء حزب "الفجر الذهبي" المسؤولين عن عدة أعمال عنف بحق مهاجرين وناشطين يساريين، وإحالتهم الى القضاء.

وهناك قضيتان أخريان تتعلقان "بمحاولات قتل" تشمل أيضا عناصر من الحزب، احداها ضد صيادين مصريين في 12 حزيران/يونيو 2012 والاخرى استهدفت افرادا من نقابة شيوعية في 12 ايلول/سبتمبر 2013.

ويحاكم 68 شخصا بينهم عشرون نائبا سابقا وكوادر من الحزب بما يشمل مؤسسه نيكوس ميخالولياكوس بتهمة "إدارة منظمة إجرامية" ويواجهون عقوبات تتراوح من خمس الى 15 عاما من السجن.

وهناك 45 شخصا متهمون "بالانتماء" الى مثل هذه المنظمة ويواجهون عقوبة سجن تتراوح بين خمس وعشر سنوات فيما يحاكم ثلاثة أخرون بتهم اخرى تتعلق بالقضايا المطروحة في المحاكمة.

السؤال الاساسي بالنسبة للحكم هو "معرفة ما اذا كانت المحكمة ستدين قادة وعناصر الحزب بتهمة جريمة +تشكيل و/أو الانتماء الى منظمة إجرامية+" كما قال محامي الصيادين المصريين كوستاس باباداكيس لوكالة فرانس برس.

وكانت المدعية اليونانية ادامانتيا ايكونومو دعت في كانون الاول/ديسمبر 2019 الى تبرئتهم معتبرة انه لم يتم اثبات وجود "منظمة إجرامية"، ما أثار انتقادات حادة من خبراء قانونيين وقسم كبير من المجتمع اليوناني.

من جهته اعتبر نيكوس اليفيزاتوس الخبير الدستوري والاستاذ في جامعة اثينا خلال لقاء عبر الفيديو نظمته في الاونة الاخيرة الرابطة اليونانية لحقوق الانسان "من الصعب جدا قانونيا بالنسبة للمحكمة تجنب وصف هذا الحزب بمنظمة إجرامية".

ودعت الاتحادات العمالية والنقابات اليسارية الى تظاهرات ضد الفاشية الأربعاء امام مقر المحكمة الواقعة على بعد كليومترات قليلة من الوسط التاريخي للعاصمة حيث يرتقب ان تنشر الشرطة تعزيزات تحسبا لاحتمال وقوع مواجهات.

وتنظيم "الفجر الذهبي" الصغير الذي أسسه نيكوس ميخالولياكوس في التسعينيات من مؤيدي القومية ويعتبر من النازيين الجدد.

واستفاد من الظروف الاجتماعية-السياسية الصعبة التي كانت سائدة في البلاد بعد الأزمة المالية عام 2010 حيث دخل ممثلون له للمرة الاولى الى البرلمان اليوناني في 2012.

ويصف السياسيون وجانب الحق المدني هذه المحاكمة بانها "تاريخية" وادت تدريجيا الى تلاشي التنظيم. وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة في تموز/يوليو 2019 لم يتمكن الحزب من الفوز بأي مقعد في البرلمان.

وقالت كريسا بابادوبولو محامية عائلة بافلوس فيساس إن الحكم سيشكل "محطة مهمة للقضاء وللحركة المناهضة للفاشية" في اليونان وأوروبا.

وقال نيلس مويزنيكس مدير فرع أوروبا في منظمة العفو الدولية إن "تداعيات الحكم ستتجاوز الى حد كبير حدود اليونان" وسيؤكد أن "جرائم الحقد لن يتم التسامح معها بعد الآن".

بور/نور/لين