نفت إيران وروسيا بشدة اتهامات وجهتها إليهما واشنطن بالحصول على معلومات تتعلق بسجلات الناخبين وبدء إجراءات للتأثير على الرأي العام قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

طهران: بعد ساعات من مؤتمر صحافي لمدير الاستخبارات الوطنية الأميركية جون راتكليف وجه خلاله اتهامات لإيران وروسيا بالحصول على معلومات تتعلق بسجلات الناخبين، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات المرتقبة، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفير السويسري الذي ترعى بلاده مصالح واشنطن في طهران، للاحتجاج على ادعاءات "مفبركة"، بينما اعتبر الكرملين أن ما ساقته الإدارة الأميركية ضد موسكو "لا أساس له".

وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده استدعاء السفير السويسري بعد "ادعاءات لا أساس لها أدلى بها مسؤولو النظام الأميركي بشأن تدخل دول أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة".

وشدد على نفي الجمهورية الإسلامية لـ"المزاعم المتكررة لسلطات النظام الأميركي، والتقارير المفبركة والخرقاء والاحتيالية"، مجددا التأكيد أن "لا فارق بالنسبة الى إيران بشأن أي مرشح يدخل البيت الأبيض"، بين الرئيس الحالي دونالد ترمب ومنافسه الديموقراطي جو بايدن.

ورأى أن الاستخبارات الأميركية "دفعت بادعاء لا أساس له قبيل انتخابات البلاد من أجل الدفع بالسيناريو غير الديموقراطي المحدد سلفا، من خلال رمي اللوم على الآخرين".

وترعى سويسرا المصالح الأميركية في إيران في ظل انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ ما بعد انتصار الثورة الإسلامية العام 1979.

وكان راتكليف أفاد أن إيران أرسلت عبر البريد الإلكتروني "رسائل خادعة" الى ناخبين أميركيين، تهدف إلى "ترهيب الناخبين والتحريض على اضطرابات اجتماعية والإضرار بالرئيس ترمب"، ووزعت تسجيل فيديو يشير إلى أن أشخاصا قد يرسلون بطاقات اقتراع مزورة، بما في ذلك من خارج الولايات المتحدة.

وأوضح كذلك أنّ إيران وروسيا "اتّخذتا إجراءات محدّدة للتأثير على الرأي العام في ما يتعلّق بانتخاباتنا"، مؤكّداً أنّ الأجهزة الأمنية الأميركية خلصت إلى أنّ "معلومات متعلّقة بالقوائم الانتخابية حصلت عليها إيران، وبشكل منفصل، روسيا".

واتهم البلدين بالعمل على إيصال "معلومات كاذبة" للناخبين أملا في التسبب بإحداث "ارتباك، وزرع الفوضى وتقويض الثقة في الديموقراطية الأميركية".

وبعيد النفي الإيراني، أبدت روسيا "أسفها" للاتهامات الجديدة.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف "تنهال الاتهامات يوميا ولا أساس لها جميعها" معربا عن "أسفه" لما تقدمت به الاستخبارات الأميركية.

ودعا خطيب زاده الولايات المتحدة الى "الكف عن رمي اللوم الذي لا طائل منه، والاتهامات التي لا أساس لها، وفبركة السيناريوهات المريبة، وأن تحاول التصرف كبلد طبيعي على المستويات الدولية وفي العلاقة مع البلدان الأخرى".

وشهد عهد ترمب الذي يتولى الحكم منذ العام 2016، توترا متزايدا بين إيران والولايات المتحدة، خصوصا في ظل سياسة "الضغوط القصوى" التي اعتمدتها إدارته حيال الجمهورية الإسلامية، وقراره في العام 2018 الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

وأتى الإعلان الأميركي بعدما قال ناخبون ديموقراطيون إنّهم تلقّوا رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني موجّهة إليهم شخصياً ومرسلة باسم مجموعة "براود بويز" اليمينية المتطرّفة، تأمرهم بالتصويت لصالح ترمب.

وقال ناخبون في فلوريدا والولايات الرئيسية الأخرى في المعركة الانتخابية، إنهم تلقوا رسائل من هذا القبيل.

وورد في الرسائل الإلكترونية "ستصوت لترمب يوم الانتخابات أو سنلاحقك"، مضيفة "غيّر انتماءك الحزبي إلى الحزب الجمهوري وأعلمنا بأنك تلقيت رسالتنا وسوف تمتثل. سنعرف المرشح الذي صوتت له".

وتنتهي الرسالة بعنوان الناخب بعد جملة تفيد "لو كنتُ في مكانك سآخذ هذه الرسالة على محمل الجد. حظا سعيدا".

ولم يوضح راتكليف ولا مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" كريستوفر راي الذي كان برفقته في المؤتمر الصحافي، كيف حصلت روسيا وإيران على هذه البيانات، كما لم يشرحا كيف تعتزم موسكو الاستفادة منها.

وشدّد راي من جهته على أنّ النظام الانتخابي الأميركي سيظلّ آمناً و"صلباً".

ومعلومات تسجيل الناخبين في الولايات المتحدة متاحة على نطاق واسع وتسمح بعض الولايات لأي شخص بالوصول إليها، بينما تفرض أخرى أن يقتصر الأمر على الأحزاب السياسية.

وحذرت الاستخبارات الأميركية مرارا من أن روسيا وإيران، وبدرجة أقل الصين، شاركت في جهود التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تهدف إلى التأثير على الناخبين الأميركيين.

وفي 2016، قال مسؤولون أميركيون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشرف على عمليات قرصنة وعمليات تواصل اجتماعي تهدف إلى مساعدة ترمب في الفوز في الانتخابات على الديموقراطية هيلاري كلينتون.

واتهمت إيران باستخدام اسم "براود بويز" في رسائل الكترونية بعدما رفض ترمب النأي بنفسه عن المجموعة التي ظهرت في تجمعات سياسية مدججة بالسلاح، وأطلقت تهديدات.

وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر اوقف 13 رجلا في ميشيغن قال بعضهم أنهم ينتمون إلى المجموعة، بتهمة التآمر لخطف حاكمة الولاية الديمقراطية من أجل "إطلاق حرب أهلية".

وشدد راي على أن بلاده لن تتسامح مع "التدخل الأجنبي في انتخاباتنا"، أو أي نشاط "يهدد قدسية التصويت أو يقوض ثقة الجمهور في نتيجة الانتخابات".

وتتأهب شركات التكنولوجيا العملاقة لمواجهة أي تهديد محتمل للاستحقاق الرئاسي. وأعلنت مايكروسوفت منتصف الشهر الماضي رصد هجمات إلكترونية على فرق الحملات الانتخابية مصدرها الصين وروسيا وإيران، التي نفت هذه الاتهامات.