بانكوك: تراجع رئيس الوزراء التايلاندي الخميس أمام الحركة من أجل الديموقراطية المطالبة برحيله وبإصلاح النظام الملكي القوي، معلنا رفع حالة الطوارئ "المعززة".

واكتسبت الحركة المؤيدة للديموقراطية التي يقودها الطلاب زخمًا منذ منتصف تموز/يوليو، مع دعوة المتظاهرين ومعظمهم من الشباب، إلى إطاحة رئيس الوزراء برايوت تشان-أو-أوتشا، وهو قائد عسكري سابق وصل لأول مرة الى السلطة في انقلاب عام 2014.

كما طرح بعض قادة الاحتجاجات مطالب مثيرة للجدل وغير مسبوقة لإصلاح النظام الملكي الفائق القوة والثري، الذي يتغلغل تأثيره في كافة جوانب المجتمع التايلاندي.

وفُرضت إجراءات طوارئ "مشددة" الأسبوع الماضي بعد أن قام متظاهرون مناهضون للحكومة بإشارة تحدّ غير مسبوقة رافعين ثلاثة أصابع لدى مرور موكب الملكة سوثيدا.

لكن الحظر المفروض على التجمعات لأكثر من أربعة أشخاص فشل في احتواء عشرات آلاف المتظاهرين الذين تجمعوا يوميًا عند تقاطعات بانكوك الرئيسية للمطالبة بتنحي برايوت.

وكان قائد الجيش السابق، العقل المدبر لانقلاب 2014 والذي تمسك بالسلطة منذ ذلك الحين، أشار في وقت متأخر الأربعاء إلى أنه يستعد لرفع حالة الطوارئ المشددة في إطار تحرك لنزع فتيل التوترات.

وقال برايوت في خطاب متلّفز الأربعاء إنه يتعين على البلاد "التراجع عن حافة المنحدر الذي يمكن أن يفضي بسهولة إلى الفوضى".

ودعا في وقت سابق إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان لبحث الأزمة. وستعقد الجلسة الاثنين المقبل.

لكن الحكومة أعلنت في بيان الخميس سحب إجراءات الطوارئ، مشيرة إلى أنّ القرار جاء بسبب تحسن الوضع السياسي.

وأضافت أن "حالة الطوارئ المشددة تراجعت وانتهت إلى وضع يمكن فيه للمسؤولين الحكوميين ووكالات الدولة تطبيق القوانين الاعتيادية".

وتابعت "تم ايقاف جميع الظروف التي فرضت في ظل حالة الطوارئ المشددة".

ومنحت هذه التدابير الشرطة تفويضًا مطلقًا لتوقيف المتظاهرين ومصادرة المواد الإلكترونية التي يُعتقد أنها تهدد الأمن القومي.

جاء تنازل برايوت الواضح بعد أن استخدمت السلطات خراطيم المياه الجمعة، فقذفت المتظاهرين العزل بمياه مخلوطة بمواد كيميائية في منطقة التسوق بوسط بانكوك.

ودافعت السلطات عن استخدامها للقوة، قائلة إن ذلك تم وفقا "للمعايير الدولية"، لكن هذه التكتيكات أثارت انتقادات عبر المجتمع التايلاندي، ما دفع قوات إنفاذ القانون لعدم تكراراها.

واعتقل عناصر الأمن عشرات النشطاء خلال الأسبوع الماضي، العديد منهم من الوجوه البارزة للحركة المعارضة.

واعتبر المحلل السياسي تيتيبول فاكديوانيتش أنّ إلغاء مرسوم الطوارئ "مجرد مناورة" تقوم بها السلطات لكسب الوقت وخفض حدة التوتر.

وقال تيتيبول إن "هذا الإجراء ليس له معنى كبير"، مضيفًا أن هذه التدابير الصارمة ما كان يجب أن تُفرض منذ البداية.

وأكّد أنّ "للناس الحق في الاحتجاج"، مضيفا أن الدستور التايلاندي ينص على ذلك.

وتمكن منظمو المسيرات من تحدي الحظر من خلال الإعلان يوميا عن أماكن مختلفة للاحتجاج قبل ساعة من التجمع، متحايلين على السلطات التي حاولت إغلاق خطوط النقل العام لثني المتظاهرين.

وشارك آلاف المحتجين في تظاهرة الأربعاء عند نصب النصر التذكاري في بانكوك، قبل التوجه إلى مقر الحكومة.

وأوقفت الناشطة باسالاوارى ثاناكيتويبولبول، وهي من قادة الحركة سبق أن سلمت السلطات "خطاب استقالة" من رئيس الوزراء، واتهمت بخرق إجراءات الطوارئ قبل الإفراج عنها بكفالة صباح الخميس.

وقالت للصحافيين عند مغادرتها المحكمة "اختاروا اعتقالي ليلا بعد التظاهرة وفي زقاق صغير مظلم".

وأمرت الحكومة بإغلاق محطة "فويس تي في" هذا الأسبوع، وهي وسيلة إعلام محلية مملوكة جزئياً لرئيس الوزراء السابق المنفي تاكسين شيناواترا، بسبب تغطيتها المكثفة للاحتجاجات.

لكن محكمة الجنايات في بانكوك ألغت الحظر الأربعاء مشددة على ضرورة "حماية حرية الناس في التواصل".

واندلعت العديد من الحركات الاحتجاجية المناهضة للحكومة في تاريخ تايلاند الحديث المضطرب، إذ شهدت البلاد فترات اضطرابات سياسية طويلة وأكثر من عشرة انقلابات عسكرية منذ العام 1932.

ولطالما وضع الجيش نفسه في موقع المدافع عن الملك.