ايلاف من لندن: دخلت قوات امنية عراقية الاربعاء للمرة الاولى منذ عام الى ساحة التحرير مركز الاحتجاجات وسط بغداد حيث شرعت بفتح الشوارع والانفاق والساحات الواصلة اليها، وذلك بالتنسيق مع المتظاهرين.. فيما اعلن أمين العاصمة العراقية استقالته بسبب اصابته بمرض مفاجئ حيث عين الكاظمي مهندسا معماريا بدلا عنه.

فقد دخلت قوات حفظ القانون الى ساحة التحرير مركز الاحتجاجات وسط بغداد للمرة الاولى منذ اندلاع الاحتجاجات في اكتوبر عام 2019 حيث بدأت وبالتنسيق مع المتظاهرين برفع الحواجز الكونكريتة واعادة فتح ساحة التحرير والطرق المؤدية الى نفق التحرير والساحات القريبة منها وخاصة النصر والخلاني أمام حركة السيارات.

وأكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن قيس المحمداوي فتح نفق ساحة التحرير والطريق الرابط بين منطقتي السعدون والخلاني ذهابا وايابا عبر نفق ساحة التحرير وإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد انسحاب المتظاهرين السلميين منها.

رفع الحواجز الكونكريتية من شارع السعدون المؤدي الى ساحة التحرير:

كما اعادت السلطات اليوم فتح المنطقة الخضراء وسط العاصمة بشكل كامل بعد إغلاقها اثر تعرض السفارة الاميركية بداخلها لهجومات صاروخية من قبل المليشيات الموالية لايران، وكذلك افتتاح الجسر المعلق المؤدي اليها باتجاه مطار بغداد الدولي ذهابا وايابا من الساعة السادسة صباحا ولغاية الخامسة عصرا.
وامس قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن عصابات وجماعات منفلتة سعت الى حرف التظاهرات عن مسارها السلمي لكنّ المتظاهرين رفضوا ذلك.

وكان احمد ملا طلال المتحدث باسم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد اكد خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس عدم وجود أي توجه حكومي لإخلاء ساحة التحرير والقرار بيد المتظاهرين متى ما أرادوا وان اتخذوا هذا الخيار فالحكومة جاهزة لاعادة الحياة فيها وفي بقية الساحات.

واشار الى ان الكاظمي طلب من المتظاهرين عدم الشعور بالاحباط لما حققوه من انجازات خلال الفترة السابقة .. مشيرا الى ان امام المتظاهرين فرصة كبيرة لتنظيم انفسهم والاشتراك بالانتخابات المقبلة، منوها الى ان الشباب يشكلون 60% من الشعب العراقي وبامكانهم مزاحمة الطبقة السياسية الحالية في مجلس النواب المقبل الذي ستفرزه الانتخابات المبكررة المقررة في السادس من يونيو المقبل.

واحيا المتظاهرون خلال اليومين الماضيين الذكرى الاولى لانطلاق احتجاجاتهم الشعبية التي اجتاحت العاصمة و9 محافظات وسطى وجنوبية في 25 اكتوبر 2019 مطالبة برحيل الاحزاب المتنفذة والقضاء على الفساد وتوفير الخدمات الاساسية وانهاء الهيمنة الايرانية على شؤون العراق، حيث أسفرت عن الاطاحة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الكاظمي.

وكانت الحكومة العراقية اعلنت رسميا في نهاية يوليو الماضي ان العدد الكلي لقتلى تلك الاحتجاجات من المتظاهرين والقوات الامنية قد بلغ 560 ضحية واصابة حوالي 21 الفا اخرين، فيما شكل الكاظمي لجنة تحقيق في أعمال العنف متعهداً بتقديم المتورطين الى العدالة.

استقالة مؤثرة لأمين بغداد والكاظمي يعيّن بديلا
اعلن في بغداد الاربعاء عن تقديم أمين العاصمة العراقية منهل الحبوبي استقالته من منصبه بعد شهر من توليه مهمته، وذلك في رسالة مؤثرة اعلن فيها اصابته بمرض مزمن استدعى مغادرته الى الخارج للعلاج فيما عين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بديلا عنه.

واصدر الكاظمي قراراً بتعيين المهندس علاء كاظم معن العماري اميناً جديداً لبغداد وهو مهندس معماري استشاري ومخطط مدن حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية وعضو نقابة المهندسين العراقيين.

وقال الحبوبي في نص استقالته من منصبه الذي تولاه في 20 سبتمبر الماضي والذي اطلعت عليه "ايلاف" انه يقدم استقالته بسبب تعرضه لعارض صحي جدي يتطلب علاجاً طويل الأمد خارج العراق مشيرا الى ان الكاظمي قد منحه كل الثقة والدعم وشاركه الحماسة لخدمة بغداد وأهلها.

وقال "أهالي بغداد الحبيبة النقية في اللحظة التي كلفني فيها السيد رئيس الوزراء بتولي أمانة بغداد کنت قد استعدت حلما لطالما سكن ذاكرتي حلم لبغداد الجميلة الغافية على ضفة دجلة المدينة التي فارقتها ولم تفارقني، لتسكن داخلي أينما حللت تلك المدينة التي ألقت صعاب السنوات والمعاناة والإهمال اثارها على وجهها فبدى متكدرا حلم البغداديين بأستعادة بغداد لألقها و توفير الخدمات لسكانها بما يليق بهم".

واضاف "وللأسف وبعد فترة قصيرة من شروعي بمهامي، باغتني عارض صحي جدي يتطلب علاجاً طويل الأمد خارج العراق أضطرني الى تقديم استقالتي من المنصب الى أخي رئيس مجلس الوزراء الذي كان منحني كل الثقة والدعم وشاركني الحماسة لخدمة بغداد وأهل بغداد".

وعبر الحبوبي عن حزنه لاضطراره بعد فترة قصيرة من تسلمه المسؤولية الى مغادرة بغداد.. وقال "لكني بعد التباحث مع رئيس الوزراء وتبادل الأفكار، كلي أمل ورجاء أن أمين بغداد الجديد سيكون على قدر ثقة الرئيس وثقة أهالي بغداد ويحمل من الصفات والمؤهلات ما يجعله أهل لهذه المسؤولية الكبيرة ورغم أسف الاضطرار أشعر بأمل كبير بأن بغدادنا أمام فرصة تاريخية لاستعادة كل ما فقدت ولتكون باذن الله في مصاف العواصم العالمية".

واشار الى ان "مصدر ثقتي إدراكي أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي صادق في سعيه الى توحيد العراقيين وجمع الكلمة من أجل خدمة بلادنا رغم التحديات الجسيمة التي نعرفها جميعا كما نعرف ان وحدة كلمتنا وإصرارنا على ان تبني منهج البناء والاعمار بديلا عن منهج الهدم والتبديد هي طريقنا نحو تجاوز هذه المرحلة الحساسة".

وتعرضت العاصمة العراقية التي يسكنها حاليا 9 ملايين مواطن الى الاهمال بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 وساد الفساد مؤسساتها الخدمية والادارية ما دفع مؤسسة "ميرسر" العالمية للاستشارات الى وضعها عام 2018 في المرتبة الأسوأ في العالم للعيش مُحافظةً على هذا المركز لعشرة أعوام على التوالي في مناحي الراحة والتلوث المناخي والسكن والطرق والتعليم والصحة.