يبدو أن المواطن العربي يستند في معلوماته عن كورونا إلى المؤامرات والتضليل بنسبة كبيرة، تصل إلى 88 في المئة، وهذا كما يقول الخبراء أخطر من جائحة كورونا نفسها.

إيلاف من بيروت: ليس المهم ما تعرفه عن جائحة كورونا، إنما المهم من أين استقيت معلوماتك عنها. هذا جواب صار ممجوجًا بقدر ما صار مسموعًا من اطباء ومختصين وخبراء وصحافيين يتعاطون الشأن الصحي، علمًا أن هذا الشأن صار عامًا بعدما أودت الجائحة بحياة الملايين، وغيرت نمط العيش على الأرض.

ليس شأن المواطن العربي مختلفًا عن أي مواطن من أي جنسية أخرى في هذا العالم، فالكل يجهل كورونا، والإنسان عدو ما يجهل، ويخاف من هذا العدو، فيتعلق بكل أمل، ويصدق كل ما يسمع، ويتمنى أن يكون ما يمر به، هو وكل إنسان اليوم، كابوسًا ويستيقظ منه.

مؤامرة وتضليل

لهذا، وبحسب استفتاء "إيلاف"، تستند معلومات المواطن العربي عن كورونا إلى نظرية المؤامرة بنسبة عالية جدًا تصل إلى 46 في المئة، أي أقل قليلًا من نصف المواطنين العرب يرون في هذه الجائحة التي أصابت مليون أميركي في عشرة أيام مجرد "مؤامرة" لا أكثر، ولا ترتقي إلى مصاف الأوبئة.

إلى ذلك، وبحسب الاستفتاء نفسه، تستند معلومات المواطن العربي عن كورونا إلى الافتراضات بنسبة عالية أيضًا، هي 42 في المئة، لتبقى نسبة استناد المواطن العربي إلى مصادر مؤكدة منخفضة، لا تزيد أبدًا على 12 في المئة.

بالتالي، 88 في المئة من المواطنين العرب يستندون في معرفتهم بكورونا إلى مصادر غير مؤكدة، أي ملفقة، أو مضللة، أو غير مثبتة عمليًا، أي على شائعات مقصودة حينًا وغير مقصودة أحيانًا. وهذا يستدعي التوقف فعليًا أمام هذه النتائج، لأنها إن دلت على شيء فإنها تدل على جهلٍ بالجائحة، يوازي تفشيه تفشي الجائحة نفسها.

إنفوديمك

كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت، منذ بدايات تفشي كورونا، مما سمته "إنفوديمك" (Infodemic)، أي الانتشار الوبائي للمعلومات المضللة التي تتعلق بكورونا، وتنتشر بسرعة تقارب سرعة تفشي الفيروس نفسه، كنظريات المؤامرة والشائعات وحالات العزل والوصم الثقافي والاجتماعي، وقد اسهمت كلها في سقوط ضحايا.

البحوث قاصرة عربيًا، لكن باحثين قالوا في أغسطس الماضي إن 800 شخص على الأقل توفوا في العالم، جراء حالات تضليل تتعلق بتفشي فيروس كورونا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020، بحسب بي بي سي.

وبحسب دراسة أميركية، أدخل نحو 5800 شخص إلى المستشفيات بسبب معلومات كاذبة انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، وتوفي عدد غير محدد بسبب تناول منتوجات تنظيف يشكل المنثول أو الكحول مادة أساسية في تركيبتها بسبب اعتقاد خاطئ بأنها تقدم علاجًا ضد الفيروس.

انفلونزا أخرى

إلى جانب التضليل، تستغرق الافتراضات حيزًا واسعًا من الوعي (أو قلة الوعي) بكورونا. فالإصابات تتزايد في العالم العربي – بحسب الخبراء – لسبب أول وهو اعتقاد كل مواطن عربي أنه محصن ولن يصاب، مفترضًا أن هذه الكمامة التي يستخدمها كافية لإبعاد شبح المرض عنه؛ ولسبب ثان وهو أن الكورونا ليس أكثر من "نوع آخر جديد من الانفلونزا" لا أكثر ولا أقل، ولا تستحق كل هذا الضجيج.

لمواجهة ذلك، ولرفع نسبة الاعتماد على المصادر المؤكدة، ينصح الخبراء والأطباء بتكثيف الحملات الإعلانية التوعوية الصحية، وتعميم المعلومات المؤكدة بكل الوسائل المتاحة، وبأساليب سهلة الفهم، لا صعوبة فيها ولا مواربة.

كذلك ينصحون بصوغ استراتيجيا عربية – دولية تعمل على مجابهة المعلومات المضللة المنتشرة إعلاميًا وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كونها تؤثر كثيرًا اتجاهات الرأي العام، ويمكنها أن تزيد من خطر الجائحة... أو أن تحد من تفشيها.