موظفو انتخابات مقاطعة بروارد والصحفيون وأعضاء المراقبة القضائية ينظرون إلى أوراق الاقتراع في 18 ديسمبر/كانون أول 2000
Getty Images
استمرت عملية إعادة فرز الأصوات عام 2000 في فلوريدا لأسابيع قبل أن تحكم المحكمة العليا لصالح جورج دبليو بوش

بعد ساعات من إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الأمريكية، وأثناء فرز الأصوات، أدعى الرئيس دونالد ترامب حدوث تزوير - من دون تقديم أدلة - وقال "سنذهب إلى المحكمة العليا الأمريكية".

حتى الآن، تعد الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2000 بمثابة الانتخابات الوحيدة التي حسم قرار المحكمة العليا نتيجتها، وذلك بقرار إعلان خسارة أل غور أمام جورج دبليو بوش.

لذلك قد يكون هناك نوع من الإغراء في إجراء مقارنة بين انتخابات عام 2020 وتلك التي جرت قبل 20 عاما، إلا أن هذه المقارنة قد تكون مضللة.

ففي انتخابات عام 2000، كان الخلاف منصب على نتائج ولاية واحدة، فلوريدا، عندما كان الفارق بين المرشحين بضع مئات من الأصوات فقط. على النقيض من ذلك وفي انتخابات 2020، رفع دونالد ترامب دعاوى قضائية في عدة ولايات، ويبدو أن فارق الأصوات بين بايدن وترامب أكبر بكثير مما كان في عام 2000.

ماذا حصل عام 2000؟

في واحدة من أكثر الانتخابات إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة، تنافس نائب الرئيس، الديمقراطي آل غور، مع الحاكم الجمهوري لتكساس وابن الرئيس الأمريكي السابق، جورج دبليو بوش الابن.

وكانت استطلاعات الرأي قد أشارت إلى تقارب نتيجة السباق بين المرشحين. مع حلول الليل، أصبح من الواضح أن النتيجة علّقت في ولاية فلوريدا وأصواتها الـ 25 (الآن 29) في المجمع الانتخابي.

وأثناء فرز الأصوات، ادعت الشبكات الأمريكية في البداية فوز آل غور بالولاية قبل أن تتراجع عن ذلك بدعوى أن النتيجة كانت قريبة جدا مما يصعب التنبؤ بها.

ثم بعد ساعات، أعلنت الشبكات الواحدة تلو الأخرى فوز بوش بفلوريدا. ومع ذلك، سرعان ما ظهر أن النتائج كانت متقاربة بشكل كبير يصعب من إعلان فوز من المرشحين بها.

وبسبب هذا الهامش القريب، حيث تقدم بوش بفارق 1784 صوتا، أعلنت السلطات في فلوريدا إعادة فرز تلقائية بموجب قوانين الولاية، لتبدأ عملية إعادة الفرز في اليوم التالي.

وانخفض الهامش إلى 327 صوتا. ثم طلبت حملة آل غور إعادة فرز الأصوات يدويا في مقاطعات معينة، وهو الأمر الذي مضى قدما وسط الكثير من الجدل القانوني.

نائب الرئيس آل غور مع السناتور جوزيف ليبرمان إلى جانبه يدلي ببيان للصحفيين، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2000
Getty Images
فاز آل غور (إلى اليمين) بالتصويت الشعبي لكن لم يكن عدد أصوات المجمع الانتخابي كافية

ومع تحول فلوريدا إلى مركزا لاهتمام البلاد، نشرت شبكات الأخبار لقطات للمراقبين وهم يتفحصون "البطاقات المثقوبة".

فعندما قام بعض الناخبين بثقب أوراق اقتراعهم، لم يكن قد انفصلت نفايات الثقوب تماما عن بطاقة الاقتراع، مما جعل اختيارهم غير واضح.

ونظم بعض أنصار الجمهوريين في فلوريدا احتجاجا عنيفا في ميامي، مطالبين بوقف إعادة الفرز. على الرغم من ادعاء المتظاهرين أنهم من "السكان المحليين"، إلا أنه تم تحديد معظمهم لاحقا كمساعدين جمهوريين من الكونغرس في واشنطن. ولاحقا أطلقت وسائل الإعلام على تلك التظاهرات "احتجاجات الأخوة المتأنقين" إشارة إلى البدلات الأنيقة وربطات العنق التي كان يرتديها المشاركون.

وانتهى الاضطراب عندما حكمت المحكمة العليا الأمريكية لصالح بوش، قائلة إن إعادة الفرز ستلقي "بسحابة لا داعي لها وغير مبررة" على انتخابه الشرعي. كان الهامش النهائي 537 صوتا من إجمالي ما يقرب من ستة ملايين تم الإدلاء بها في الولاية.

وأقر آل غور بالنتيجة قائلا إنه بينما لم يوافق على قرار المحكمة، فقد قبل به.

وقال "أوافق على القرار الحاسم التي سيتم المصادقة عليه يوم الإثنين المقبل في المجمع الانتخابي. والليلة، من أجل وحدتنا كشعب وقوة ديمقراطيتنا، أقدم تنازلي".

وعلى الرغم من خسارته في الانتخابات، حصل آل غور على 48.38٪ من إجمالي الأصوات على مستوى البلاد مقابل 47.87٪ لبوش.

الصحف تعطي نتائج قرار المحكمة العليا الأمريكية بوقف إعادة فرز الأصوات في فلوريدا، بدعوى فوز جورج دبليو بوش بالرئاسة في 13 ديسمبر/كانون أول 2000
Getty Images

ما هو الاختلاف الآن؟

في إعادة فرز الأصوات عام 2000، كانت هناك جدل حول ثقوب بطاقات الاقتراع. أما اليوم فلا يوجد سوى مزاعم التزوير، التي لا يوجد دليل عليها.

رفع الفريق القانوني للرئيس ترامب دعاوى قضائية في خمس ولايات على الأقل. ادعاؤه الذي لا أساس له هو أنه كان هناك "احتيال كبير على أمتنا". ولطالما شكك في التصويت عبر البريد، وأشار إلى تزوير الناخبين أو الانتخابات "المزورة" منذ أبريل/نيسان، دون تقديم دليل ملموس.

ويقول خبراء قانون الانتخابات إن تزوير الناخبين أمر نادر الحدوث ولا يؤثر إلا على عدد ضئيل من الأصوات.

ويتقدم بايدن على ترامب بآلاف أو عشرات الآلاف من الأصوات في الولايات المتنازع عليها.

ففي جورجيا، يتخلف ترامب بنحو 14 ألف صوت. هذا الفارق الضئيل كان سبب إعادة الفرز التلقائي، وفقا لقوانين الولاية، ولكن من غير المرجح أن تنقلب النتيجة.

وشهدت السنوات الأخيرة ثلاث حالات أسفرت فيها عمليات إعادة فرز الأصوات عن تغيير النتائج الأولية للانتخابات، - في سباق مجلس الشيوخ في مينيسوتا في عام 2008، وانتخاب حاكم واشنطن في عام 2004، وسباق مدقق حسابات فيرمونت في عام 2006 - وفي كل حالة كانت الفوارق لا تزيد عن 500 صوت.

وسيتعين على ترامب أن يقلب النتيجة في ولايات أخرى غير جورجيا أيضا، للوصول إلى 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة لتأمين الرئاسة.

وخرج المحامون الذين قاتلوا على جانبي الصراع حول إعادة فرز الأصوات الرئاسية لعام 2000 ليقولوا إن الوضع هذا العام لا مثيل له.

وقال ديفيد بويز، الذي قاد فريق آل غور القانوني في عام 2000، لصحيفة يو إس إيه توداي "في الأساس، انتهت الانتخابات. لم يظهر أي شيء يمكن أن يؤثر بشكل معقول على النتيجة. لا توجد وسيلة قانونية لحملة ترامب للاعتراض على النتائج في أي ولاية بمفردها".

جيمس بيكر، وزير الخارجية السابق الذي قاد فريق بوش، اعترض أيضا على دعوات ترامب الأولية لـ "وقف التصويت"، عندما اقترح الرئيس أن عد الأصوات البريدية التي وصلت بعد يوم الانتخابات "غير قانوني".

وقال بيكر "كانت حجتنا كلها (في عام 2000) أن الأصوات قد تم عدها وتم فرزها وحان الوقت لإنهاء العملية".

ومع ذلك، دافع بعض كبار الجمهوريين - بمن فيهم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل - عن حق الرئيس في متابعة الخيارات القانونية.

يستخدم القاضي روبرت روزنبرغ لفحص الأصوات عدسة مكبرة، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2000
Getty Images

هل يمكن للمحكمة العليا أن تقرر النتيجة؟

وتعهد ترامب مرارا بإحالة قضاياه إلى المحكمة العليا الأمريكية. لكن الأمر ليس بهذه البساطة.

فعادة، يتعين على الفرق القانونية أولا الطعن في النتائج في المحاكم على مستوى الولايات، على الرغم من أن وزير العدل الأمريكي ويليام بار قد وافق أيضا على "التحقيقات الأولية" من قبل المدعين الفيدراليين.

وسيتعين على قضاة الولايات بعد ذلك تأييد الطعن والأمر بإعادة فرز الأصوات.

ويمكن بعد ذلك أن يُطلب من المحكمة العليا أن تدلي بدلوها.

ومع ذلك، يجب أن تكون هناك حجج فيدرالية أو دستورية مشروعة في قلب الشكوى.

وكتب المدعي العام في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه يمكن إجراء تحقيقات من قبل المدعين الفيدراليين "إذا كانت هناك مزاعم واضحة وذات مصداقية بشأن حدوث مخالفات".

لكن لا يوجد، حتى الآن، وضوح بشأن الادعاءات المقدمة.