الرياض: دعا قادة دول مجموعة العشرين في قمة عبر الفيديو استضافتها السعودية إلى التضامن في مواجهة فيروس كورونا المستجد، خصوصا على صعيد إتاحة اللقاحات، وذلك في سلسلة من الاجتماعات الافتراضية الاستثنائية تهيمن عليها جهود مكافحة الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة.

ويلتقي زعماء العالم في القمة التي تنظّمها دولة عربية للمرة الأولى بينما تتكثّف الجهود العالمية لإنجاز وتوزيع لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد على نطاق واسع في أعقاب تجارب ناجحة في الفترة الأخيرة، وفيما تتوالى الدعوات لسد عجز بنحو 4,5 مليارات دولار في صندوق خاص بتمويل هذه الجهود.

وافتتح العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز السبت أعمال قمة مجموعة العشرين متوجّها بالحديث عبر شاشة إلى زعماء آخرين، بالقول "نستبشر بالتقدم المحرز في إيجاد لقاحات وعلاجات وأدوات التشخيص لفيروس كورونا، إلا أن علينا العمل على تهيئة الظروف التي تتيح الوصول إليها بشكلٍ عادلٍ وبتكلفةٍ ميسورة لتوفيرها لكافة الشعوب".

وظهر قادة أغنى دول العالم في نوافذ متعددة على شاشة توسطّتها صورة العاهل السعودي وبجانبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتساءل الرئيس الفرنسي في مداخلته "هل سنكون مستعدين لنضمن الوصول (إلى اللقاحات) على مستوى الكوكب، ولنتجنّب بأي ثمن ازدواجية المعايير واقتصار الحماية من الفيروس على الأكثر ثراء؟".

وأفاد مشاركون في القمة وكالة فرانس برس أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب تحدّث خلال مداخلته عن إنجازاته الخاصة قبل أن ينصرف لممارسة رياضة الغولف، علما أنه شارك الجمعة في قمة آسيا والمحيط الهادئ.

وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ "علينا خفض الضرائب والعوائق الجمركية واعتماد نظام ليبرالي في تبادل التجهيزات الطبية الأساسية". وأضاف "جهودنا المشتركة خلال قمة الرياض سوف تؤدي إلى إقرار سياسات اقتصادية واجتماعية من شأنها إعادة الاطمئنان والأمل لشعوب العالم".

واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن "الوصول إلى اللقاحات يجب أن يكون متاحا ويجب أن تكون كلفتها معقولة. التمويل الذي تم التعهّد به لا يكفي لتحقيق هذه الغاية. أطالبكم جميعا بدعم هذه المبادرة المهمة. هذه المساعدة القصيرة الأمد تصب في مصلحتنا".

ومن المقرّر أن يتحدّث في القمة زعماء آخرون على غرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان.

وكثر من القادة المشاركين سبق أن قدّموا التهنئة لجو بايدن على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ومع انطلاق الحدث العالمي، ظهرت بعض اللقطات الطريفة والعفوية، حيث قال شخص للعاهل السعودي أن "العالم بأسره يراقب" قبيل إلقاء كلمته، بينما طلب الرئيس الصيني شي جينبينغ مساعدة تقنية، وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع أحد مساعديه.

وأعمال القمة مصغّرة ومختصرة مقارنة بما كانت عليه في السابق إذ إنها كانت تشكّل عادة فرصة للحوارات الثنائية بين قادة العالم، على أن تنحصر هذه المرة في جلسات عبر الإنترنت ضمن ما يسميه مراقبون "الدبلوماسية الرقمية".

لكن رغم انعقاد الاجتماعات عبر الشاشة، أقامت المملكة حفلا موسيقيا للإعلاميين عشية القمة وعرضت صورة قادة مجموعة العشرين على جدران منطقة الدرعية التاريخية في الرياض وأدّت مقاتلاتها عرضا جويا السبت قبيل الكلمة الافتتاحية.

وقال الملك سلمان في هذا الصدد "يؤسفنا أننا لم نحظ باستقبالكم في الرياض نظرًا للظروف الصعبة التي نواجهها جميعًا هذا العام".

ويقول المنظمون إن دول مجموعة العشرين ضخّت 11 تريليون دولار "لحماية" الاقتصاد العالمي وساهمت بأكثر من 21 مليار دولار لمكافحة وباء كورونا المستجد الذي أصاب نحو 55 مليون شخص على مستوى العالم وخلف نحو 1,3 مليون حالة وفاة.

لكنّ قادة مجموعة العشرين يواجهون ضغوطا متزايدة لمساعدة الدول النامية على عدم التخلف عن سداد ديونها.

وكان وزراء مالية المجموعة أعلنوا الاسبوع الماضي عن "إطار عمل مشترك" لخطة إعادة هيكلة ديون البلدان التي اجتاحها الفيروس، لكن نشطاء ومسؤولين وصفوا الإجراء بأنه غير كاف.

وفي رسالة إلى زعماء مجموعة العشرين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذا الاسبوع إلى اتخاذ "إجراءات أكثر جرأة"، مشدّدا على "الحاجة إلى العمل المزيد لتخفيف الديون".

وطالبت رئيسة الوزراء النروجية ايرنا سولبرغ ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ورئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لايين، في رسالة دول المجموعة بتقديم 4,5 مليارات دولار لسد عجز مالي في صندوق لقاحات تقوده منظمة الصحة العالمية.

وعشية افتتاح أعمال القمة، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية عن أملها في تجديد الولايات المتحدة التزامها بالنهج التعددي، ولا سيما في مكافحة الوباء والتغير المناخي، بعد تسلم الرئيس الديموقراطي المنتخب السلطة.

وقالت إنها تتوقّع "اندفاعة جديدة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة" في مجال المناخ، "نظراً لتصريح بايدن حول عودة انضمام بلاده لاتفاق باريس" الذي انسحب منه ترامب.

إلى جانب ذلك، يلقي سجل حقوق الإنسان في السعودية بظلاله على الحدث بعدما أطلق نشطاء وعائلات سجناء حملات مكثّفة لتسليط الضوء على هذا الموضوع في المملكة.

ومن بين هؤلاء أشقاء الناشطة المسجونة لجين الهذلول المضربة عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع للمطالبة بضمان التواصل المستمر مع عائلتها.

وسأل صحافي وزير الاستثمار خالد الفالح في جلسة حوارية على هامش أعمال القمة السبت عمّا يمكن أن تقوم به المملكة للتعامل مع الانتقادات بشأن الحقوق وجذب المستثمرين، فطلب منه مدير الجلسة توجيه للسؤال للفريق الاعلامي للقمة.

لكن الوزير السعودي أصر على الاجابة وقال "المستثمرون ليسوا صحافيين، فالمستثمرون يبحثون عن دول يمكنهم وضع ثقتهم فيها وفي حكومة فعالة لديها تستطيع اتخاذ القرارات المناسبة".