إيلاف من لندن: استجاب البرلمان العراقي الإثنين للضغوط الواسعة لجهات إعلامية وقانونية رفضت مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي أنهى البرلمان اليوم قراءته الثالثة الأخيرة قبل التصويت عليه، وقرر إجراء تعديلات واسعة عليه ليراعي التوزان بين صون الحريات وحفظ الأمن الاجتماعي العام.

وأنهى مجلس النواب ‏قراءة ومناقشة قانون جرائم المعلوماتية المقدم من لجان الامن والدفاع والتعليم العالي والقانونية والثقافة والسياحة وحقوق الانسان والخدمات والاعمار والاتصالات والاعلام موصيًا بالاستعانة بخبراء الجرائم الجنائية ومجلس القضاء الأعلى للاستشارة بمسألة العقوبات المنصوصة في القانون.

وأكدت مداخلات النواب خلال مناقشة مشروع القانون على المطالبة بمراعاة التوزان بين صون الحريات وحفظ الأمن الاجتماعي العام وضرورة التناسب بين الجريمة والعقوبة المحددة لها.

للاستعانة بخبراء
كما شدد نواب على ضرورة عدم استخدام القانون بشكل خطير يمس بالحريات العامة مع وجود عقوبات مبالغ فيها تضمنه والدعوة لتشريع قانون يحافظ على هيبة الدولة مع المحافظة على خصوصيات الحريات العامة فضلا عن عدم القبول بالعبثية التي تجري حاليا في مواقع التواصل الاجتماعي والاستعانة بخبراء الجرائم الجنائية ومجلس القضاء الاعلى للاستشارة بمسالة العقوبات المنصوصة بالقانون.

وأكدوا على أهمية تقديم توضيحات اكثر في بنود القانون وان لا تكون صياغته فضفاضة تؤدي الى تكميم الافواه.. كما اعترضوا على بعض الفقرات الواردة بمشروع القانون باعتبارها لا علاقة لها بجرائم المعلوماتية والمطالبة بالسيطرة على بوابات النفاذ للشبكة للحد من المواضيع السلبية التي تطرح من خارج البلد.

في ردها على المداخلات، أكدت اللجنة المعنية بالقانون انه سيتم اجراء تعديلات واسعة في بنود مشروع القانون لتتناسب مع المقترحات المقدمة من النواب وما ينسجم مع حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور.

من جانبه، دعا رئيس مجلس النواب الى عدم المساس بالحريات التي كفلها الدستور خاصة حرية الصحافة والتعبير عن الرأي وضرورة الاعلان والتمييز بين من يقدح ويشتم ويسب وبين من يدلي بنقد بناء وان يكون قانونا لحفظ الحريات.

يشرعن الدكتاتورية

يأتي قرار البرلمان باجراء تعديلات على قانون الجرائم الالكترونية اثر معارضة واسعة اعتبرته اعادة للدكتاتورية ووصفته بكاتم التعبير وتشريع لسجن نصف الشعب العراقي.

وقال إعلاميون وحقوقيون وناشطون إن القانون يفرض عقوبات مغلظة وغرامات كبيرة مشيرين الى انه يضم موادا تنطوي على إجراءات خطيرة تسلب حرية الرأي والتعبير وتمنح السلطة صلاحيات واسعة لإصدار عقوبات تكمم الأفواه.

وحذر المرصد العراقي للحريات الصحافية من التداعيات المحتملة لتصويت البرلمان العراقي الوشيك على قانون جرائم المعلوماتية منوها بأن مواده تضع نصف الشعب في السجن. كما انتقد جمع القانون بين الجرائم الالكترونية وبين الحريات والقوانين المتعلقة بها في ميدان الصحافة والإعلام والنقد السياسي وماينشر عن قضايا الفساد، ومن شأن تشريعه أن يهدد نصف الشعب العراقي بالسجن.

واعتبر مركز حقوق لدعم حرية التعبير القانون مخافا للدستور محذرا البرلمان من التصديق عليه معتبرا انه شرعنة رسمية للديكتاتورية وقمع الحريات.

وطالب البرلمان بإلغاء أو تعديل المشروع كونه يشكل مخالفة صريحة للدستور ويحد من الحريات التي من المفترض أنها وضعت لتصونها.

فضفاض عقوباته قاسية

يشار إلى أن إعلاميين وحقوقيين اعتبروا بعض مواد القانون فضفاضة ويفرض عقوبات مشدد على المخالفين وقالوا انه يقيد حرية الصحافيين في متابعة انتشار المخدرات في منطقة معينة مثلا كما يمكن استخدامه لمعاقبة صحفي انتقد أحد السياسيين او كشف فساد بعضهم.

وأوضحوا أن العقوبات الرادعة التي ينص عليها القانون تنص على السجن مدى الحياة وغرامات تتراوح ما بين 25 إلى 50 مليون دينار عراقي (ما بين 16 ألف إلى 32 ألف دولار) معتبرين ان العقوبة غير متوازنة على الإطلاق مع التهديد المزعوم.

وكان المركز الأورومتوسطي قد حذر في وقت سابق من أنّ إقرار القانون سيهدد حرية الصحافة وينتهك حق الخصوصية للمواطنين لأنه يعطي السلطات الحكومية الحق في إجبار الصحافيين والمواطنين على الإفصاح عن جميع المعلومات والبيانات، بما في ذلك الشخصية منها تحت طائلة تغريمهم بالحبس أو الغرامة الكبيرة في حال امتنعوا عن الإفصاح وتقديم هذه البيانات.