ايلاف من لندن: اعتبرت رئيسة بعثة الامم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت شيوع الفساد والمحاصصة في العراق عائق أمام إحراز اي تقدم محذرة من ان سرقة الموارد العامة هي سرقة لتطلعات الشعب وقالت ان الحكومة تعمل في قلب عدة عواصف في آن واحد على الجبهات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية حيث تؤثر هذه الازمات على قدرتها وترغمها على العمل بأسلوب رد الفعل وإدارة الأزمة.

ونوهت بلاسخارت خلال احاطتها الفصيلة مساء الثلاثاء الى مجلس الامن الدولي عن التطورات على الساحة العراقية الى ان استذكار العراقيين مؤخرا لانطلاق احتجاجاتهم العام الماضي كان تعبيرا قويا عن التضامن مع المتظاهرين الذين طالبوا بالعدالة وطمحوا إلى بناء وطن أكثر استقراراً وازدهاراً وعبرت عن الامل في أن يبقى إصرارهم المشترك لتحقيق مستقبل أفضل ملهماً وهادياً لزعماء العراق مشددة على أنه يتوجب الدفاع عن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في كل مكان من العراق.

الوضع المالي مقلق
واشارت الى ان الوضع المالي والاقتصادي في العراق أنه لا يزال يدعو للقلق حيث من المتوقع انكماش الاقتصاد بما يقرب من 10% هذا العام.

واوضحت ان تأثير الجائحة تسبب في مزيد من الفوضى في النشاط الضعيف للغاية أساساً في القطاع الخاص فيما تواصل أسعار النفط ركودها المتواصل مما يشكل ضغطاً باتجاه الانخفاض على الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات المحلية.

واوضحت انه منتصف الشهر الماضي تم الإعلان عن الورقة الاقتصادية البيضاء التي طال انتظارها، حيث تقدم هذه الوثيقة المهمة نظرة عامة مفيدة للغاية عن الاختلالات الهيكلية التي اتصف بها الاقتصاد العراقي كما تصف مجموعة متنوعة من التدابير الإصلاحية التي تمس الحاجة اليها، وتقر بالفرص العديدة التي تبددت منذ عام 2003.

وقالت بلا سخارت ان حكومة هذا البلد تعمل في قلب عدة عواصف في آن واحد فلا تزال هناك عدة أزمات واضحة، لكنها مترابطة ويعزز بعضها بعضاً - على الجبهات السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والاجتماعية، وبالطبع الصحية- ومازالت هذه الازمات تؤثر على قدرة الحكومة وتجبرها على العمل بأسلوب رد الفعل وإدارة الأزمة.

تحذير من ابقاء ورقة الاصلاح كلمات على ورق
وشددت على الحاجة الملحة للسير بالعراق نحو التعافي الاقتصادي والقدرة على مواجهة الأزمات لكن الحاجة تبقى لمعرفة نعرف كيف ومتى يمكن لذلك أن يتحقق.

وان اشارت الى هناك شيء واحد جلي: في غياب إجماع سياسي واسع لتحويل الورقة البيضاء إلى حقيقة، هناك مجازفة أن تبقى "كلمات" على ورق فحسب. وحذرت من تاخر التدابير الجادة والحازمة لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية الحالية ولو ليوم واحد، مما يتعين على الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وغيرهم أن يرتقوا مجتمعين إلى مستوى مسؤوليتهم.

محاربة الفساد والمحاصصة
واكدت المبعوثة الاممية على الأهمية الجوهرية لمحاربة الفساد، مع الحفاظ على الحقوق الأساسية عند القيام بذلك، واكدت على ضرورة أن يترافق أي جهد لإصلاح الاقتصاد العراقي مع تحسين الحوكمة والشفافية.

واشارت الى انه يبقى شيوع "المحاصصة" والمحاباة والمحسوبية عائقاً أمام إحراز تقدم في العراق وهذا ما يجب معالجته كذلك على نحو عاجل، وإلّا استمرت سرقة الموارد العامة وكذلك آمال وتطلعات الشعب العراقي.
وشددت على الحاجة الى مكافحة آفة الفساد والسعي إلى أشكال أكثر استدامة وشمولاً من التنمية والنمو الاقتصاديين وإلى مزيد من فرص العمل الكريمة، مجرد ضرورات اقتصادية فحسب. واعتبرت ان القدرة المحلية على مواجهة الأزمات تبقى أفضل دفاع ضد أي شكل من أشكال التدخل الخارجي.

الاحتجاجات
ونوهت الى استذكارالعراقيين مؤخراً الذكرى السنوية الأولى لانطلاق التظاهرات التي بدأت في شهر تشرين الأول اكتوبر 2019، وكان ذلك بمثابة تعبير قوي عن التضامن والوطنية من العراقيين الذين طالبوا بالعدالة وطمحوا إلى بناء وطن أكثر استقراراً وازدهاراً، وكانت لحظةً لاستذكار الأرواح الشجاعة التي فقدناها.

وعبرت عن الامل في أن يبقى إصرارهم المشترك لتحقيق مستقبل أفضل ملهماً وهادياً لزعماء العراق مشددة على أنه يتوجب الدفاع عن الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي في كل مكان في أنحاء العراق.

انخفاض مستويات العنف
وقالت ان مستويات العنف المنخفضة بشكل كبير مشجعة بالفعل ولكّن واقع العراق لا يزال قاسياً - إذ لا تزال عمليات الاختفاء القسري والاغتيالات تشكل جزءاً من هذا الواقع.
واكدت الحاجة الملحَّة للعدالة والمساءلة. ونوهت الى انه تم الآن تفعيل لجنة لتقصي الحقائق مستدركة الى انه لم ينتج عنها لحد الآن نهاية سريعة للإفلات من العقاب.

الانتخابات المبكرة
وفيما يتعلق بانتخابات حزيران يونيو 2021 اشارت الى ان الحكومة العراقية ارسلت الاسبوع الماضي رسالة إلى هذا المجلس تطلب فيها "الحصول على المزيد من الدعم والمساعدة الفنية والمراقبة الانتخابية في إطار دعم البعثة للعراق.
وقالت أنه في جميع الظروف ستكون الانتخابات ملكاً للعراقيين ويقودها العراقيون أنفسهم ولكن لا تقع مسؤولية إجراء انتخابات ذات مصداقية على عاتق السلطات العراقية فحسب، بل تقع على عاتق جميع الجهات العراقية المعنية بعملية الانتخابات وجميع الجهات السياسية الفاعلة وجميع المواطنين العراقيين المدعوين للعب دور أكبر في المجال العام.
وقالت أن الاستعدادات الانتخابية يجب أن تظل بمعزل عن التدخل السياسي في جميع المراحل.

تراجع الهجمات على البعثات الدبلوماسية
ورحبت بلاسخارت بتراجع عدد الهجمات على البعثات الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة – لكنها عبرت عن الاسف لوقوع الهجمات الصاروخية في 17 من الشهر الحالي على المنطقة الخضراء معتبرة انها تذكير صارخ آخر بحقيقة أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به - بما في ذلك العمل الجاد لإجراء حوار واسع وهادف.

وتوقعت المبعوثة الاممية ان تكون الأشهر المقبلة فترة حساسة وحاسمة ويجب أن يكون مفهوماً أن أي شكل من أشكال المعلومات المضللة، وجميع أنواع المؤامرات و/ أو الافتقار الملحوظ للشفافية أو الالتزام، يمكن أن يؤدي إلى حسابات خاطئة مؤسفة وذات نتائج عكسية.

وقالت ان القيادة العراقية تواصل تأكيد استقلالها وسيادتها وتسعى إلى الابقاء على جميع قنوات الاتصال مفتوحة في الوقت الذي تبني فيه سياسة خارجية تخدم المصلحة الوطنية للعراق.
وشددت على إن مركزية العراق في بناء الاستقرار الإقليمي حقيقة قائمة ويجدر بنا ان نكرر بأن العراق يجب أن يكون بمنأى عن منافسات القوى الأجنبية - وأنه يجب إعطاء العراقيين مجالًا للتركيز على قوتهم في الداخل.

هشاشة العلاقة بين بغداد واربيل
وفيما يتعلق بالعلاقات بين بغداد وأربيل اعتبرت بلاسخارت ان التصويت الأخير في البرلمان بشأن قانون الاقتراض الذي رفضه الاكراد يؤكد مدى هشاشة هذه العلاقة.

ونوهت الى أن الموظف العام في إقليم كردستان ليس فقط موظفًا عامًا في إلاقليم فهو/ هي أيضًا مواطن/ مواطنة عراقي/ عراقية ولذلك يجب ان تكون رواتب موظفي الخدمة المدنية بمنأى عن النزاعات السياسية، فلا يمكن ولا ينبغي أن يقعوا جميعهم ضحية، لذا فإن الحل مسألة ملحّة، والإرادة السياسية لإيجاد مخرج سوف تثبت - مرة أخرى - أنها ذات أهمية كبرى.
ونوهت الى انه في غضون الأعوام الخمسة عشر الماضية، تم إهدار الكثير من الفرص للتوصل إلى مجموعة واضحة من المبادئ والقواعد والمبادئ التوجيهية ولكن يجب الآن التوصل إلى اتفاق بشكل عاجل حول كيفية تعزيز النظام الفيدرالي.
وحذرت من تجاهل القادة والسياسيون العراقيون لهذه القضية ولكن الحقيقة المرّة هي: طالما لم يتم التوصل الى حلول دائمة، فلن تتحسن العلاقة بل على العكس من ذلك.

النازحون
وعدت رغبة الحكومة العراقية في التوصل الى حل سريع لمشكلة النزوح الداخلي أمر مفهوم ومبرر على حد سواء لكنها اشارت الى بروز مخاوف جدية خلال الاسابيع الاخيرة بشأن تخطيط وتنفيذ عمليات إغلاق المخيمات ودمجها.
وقالت "بينما نتفهم تماما بأن السلطات العراقية تعمل تحت ضغط زمني هائل، يجب أن يكون واضحا بأن إغلاق المخيمات ينبغي ألا

يؤدي إلى أزمة أخرى- على سبيل المثال في شكل نزوح ثانوي وهو ما يحدث بالفعل".

واضافت انه بالتنسيق مع السلطات العراقية، تواصل بعثة الامم المتحدة عملها بشأن خطة "الحلول الدائمة" المشتركة وكذلك تقديم الخدمات المنقذة للحياة للنازحين الذين لا يستطيعون إيجاد سكن آمن وبأسعار معقولة.

المفقودون الكويتيون
وحول قضية المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الاخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك المحفوظات الوطنية اوضحت بلاسخارت انه تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبمساعدة البعثة سلمت الحكومة العراقية بتاريخ 16 أيلول سبتمبر الماضي إلى الكويت رفات 20 شخصا تم استخراج رفاتهم من مقبرة جماعية في جنوب العراق في كانون الثاني يناير الماضي.

واضافت إن هذه الخطوة تثبت التزام العراق المستمر بإنهاء هذا الملف الإنساني كما حدث تطور مهم آخر قبل يومين، فقد أكدت السلطات الكويتية علنا التعرف على هوية 7 أشخاص كويتيين مفقودين مما يرجى منه ان يضع حداً لمعاناة عائلاتهم.
وفي الختام دعت المبعوثة الاممية مجلس الامن الى مواصلة التضامن مع الشعب العراقي قائلة " إن دعمكم المستمر لهذا البلد لا يزال حيويا وموضع تقدير كبير".