أبدت أغلبية من قراء إيلاف تقبلها لإجراءات فرنسا مع المسلمين ومطلب احترامهم لقيم الجمهورية، وتجدها مبررة ومقبولة.

إيلاف من بيروت: مع إقرار فرنسا قانون مكافحة الانفصالية وشموله التهديدات العنصرية والتطرف الإسلامي، ثار جدال واضح حول هذا الأمر. سألت "إيلاف" القارئ العربي: "كيف تقيم إجراءات فرنسا مع المسلمين ومطلب احترامهم لقيم الجمهورية؟"، فوجد 68 في المئة من المستجيبين أنها مبررة ومقبولة، فيما قال 23 في المئة إنها خاطئة ومرفوضة.

التشريع أثار جدلًا داخل المجتمع حتى قبل طرحه رسميًا، فيرحب بعضهم بالجهود الحكومية لمحاربة النزعة الانفصالية، فيما يخشى قادة الجالية المسلمة الفرنسية وعددها نحو ستة ملايين نسمة من تطبيق غير عادل لهذا القانون، يستهدف المسلمين، فيأخذ الصالح فيهم بجريرة الطالح، بحسب مصادر قريبة من جمعية مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، المتهمة بصلتها بجماعة الإخوان المسلمين.

تقول هذه المصادر إن هذه النغمة تعود كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية، علمًا أن الفرنسيين يؤكدون أن خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في هذا الصدد يصب في خانة ملاحقة تمويل المساجد والمدارس الدينية الأجنبية الخاصة، ونقابة الأئمة الأجانب، وفي زيادة المراقبة على الجمعيات والأفراد المشتبه في محاولتهم الانفصال عن الدولة الفرنسية، وحظر الجهود التي تهدد المساواة بين الجنسين، بما في ذلك شهادات العذرية قبل زواج المرأة المسلمة.

تدافع فرنسا مستميتة عن سياساتها الديمقراطية التي تضمن حقوق الإنسان والتسامح غير المشروط حيال المعتقدات الدينية للأقليات، لكنها تعرضت أكثر من أي دولة أوروبيةلهجمات بادر إليها متطرفون إسلاميون، وهي – بحسب مراقبين – ليست مخطئة في الطلب من كل الجاليات التي تعيش على أراضيها أن تحترم القانون الفرنسي، والقيم الديمقراطية الفرنسية، وأن تنبذ التعصب، وتعلن ولاءها النهائي لفرنسا، ما دام أفرادها يحملون الجنسية الفرنسية، وإلا فليرحلوا إلى بلادهم الأصلية، وليمارسوا فيها تعصبهم إن استطاعوا.

ودافع وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، وهو حفيد مهاجر مسلم، عن التشريع الفرنسي الجديد، وقال في حديث متلفز: "لا تعارض بين أن تكون مسلمًا وأن تكون مواطنًا فرنسيًا، والهدف من التشريع الجديد مهاجمة أعداء فرنسا من الإرهابيين، والجماعات السياسية التي تهدد أنموذج الحرية الفرنسي".

إلا أن أوساطًا إسلامية فرنسية ترد التصعيد ضد مسلمي فرنسا إلى محاولة ماكرون شراء اصوات اليمين المتطرف، والذي عادة ما يشن هجومًا على بناء المساجد وارتداء النساء للحجاب، ويخلط عمدًا بين الإسلام والإرهاب، وتقول إن الحكومة الفرنسية تؤخر الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بحجة أولوية إقرار تشريعات لمواجهة التطرف الإسلامي، كي تلهي الشعب الفرنسي عن اقتصاده المنهار، خصوصًا بعد احتجاجات صاخبة قام بها أصحاب السترات الصفراء للمطالبة بإصلاحات اقتصادية ونظام المعاشات وإيقاف عنف الشرطة، من دون أي مطالب تعادي المسلمين.

والجدير بالذكر أن مسؤولًا أميركيًا كبيرًا أبدى قلقه حيال الحرية الدينية في فرنسا، إثر إجراءات باريس ضد التطرف الإسلامي بعد اعتداءات شهدتها البلاد. وقال سام براونباك، الموفد الأميركي للحرية الدينية: "يمكن إجراء حوار بنّاء أعتقد أنه قد يكون مفيدًا، لكن حين يصبح القمع شديدًا، فإن الوضع قابل للتدهور، ودور الحكومة يكمن في حماية الحرية الدينية".