ايلاف من لندن: بعد ساعات من موافقة الحكومة العراقية على الموازنة العامة للبلاد لعام 2021 فقد اعلنت السلطات الثلاثاء عن نشر مفارز مكافحة الجريمة الاقتصادية في أسواق البلاد لمتابعة الأسعار مشيرة الى اعتقال تجار احتكروا مواد ورفعوا الاسعار فيما تم تسجيل انخفاض للدولار امام الدينار العراقي.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء خالد المحنا اليوم إن دور الوزارة ينحصر في مراقبة الأسعار التي تحددها الجهات ذات العلاقة مؤكدا على انها لن تسمح باحتكار المواد وهي تراقب الاسواق والمواد التي تباع فيها وفقا للضوابط الرسمية كما نقلت عنه الوكالة العراقية الرسمية في تصريح تابعته "إيلاف".

واوضح ان هذه المهمة تقوم بها مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية التي انتشرت عناصرها في الأسواق لمتابعة الأسعار ومنع رفعها او احتكار المواد وخاصة الغذائية منها.

اعتقال تجار رفعوا الاسعار
ومن جهته، اشار وزير الداخلية عثمان الغانمي الى تحريك مفارز في جميع المحافظات لتطبيق القانون بحق من يحاول العبث بالأسعار مستغلاً الأزمة المالية.

وقال في مؤتمر مشترك حضره عدد من الوزراء إلى جانب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مساء امس "وجهنا كل مفارزنا في جميع المحافظات لتقوم بحملة كبيرة جداً لضرب الفاسدين بيد من حديد وتطبيق القانون الصارم بحق كل من يحاول استغلال قوت الشعب والإساءة إلى هذه الميزانية الإصلاحية التي تُعتبر بداية إصلاح حقيقي للمراحل اللاحقة".

وطمأن الوزير العراقيين قائلا "إن كل مَن يحاول استغلال هذه الأزمة سينال جزاءه العادل وفق القانون ولدينا قوائم بمَن حاولوا استغلال الأزمة خلال اليومين الماضيين وسينالون جزاءهم وسنقطع يد كل من يحاول الإساءة للشعب العراقي".

انخفاض اسعار الدولار في الاسواق المحلية
وبالترافق مع ذلك فقد انخفضت أسعار صرف الدولار في اسواق العاصمة وفي اقليم كردستان الشمالي الثلاثاء بسبب كثرة المعروض منه لدى المواطنين الذين بدأوا يشترون دنانير عراقية بعد تخفيض قيمتها على امل ارتفاع سعرها بعد اجتياز الازمة المالية.
وشهدت أسواق الصرف اليوم بيع 141 الف دينار مقابل كل 100 دولار أميركي بينما بلغت أسعار الشراء 139 الف دينار لكل 100 دولار اميركي، كما كشفت وسائل اعلام محلية الثلاثاء.

أما في أربيل عاصمة اقليم كردستان فقد شهدت اسعار الدولار انخفاضا ايضا وبلغ سعر البيع 141 الف دينار لكل مائة دولار والشراء وبواقع 139000 لكل مائة دولار اميركي.

فقد أحدث القرار المفاجئ بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بنسبة 23 بالمئة من البنك المركزي العراقي إرباكاً اقتصادياً في العراق اذ دخل القرار حيز التنفيذ الأحد الماضي ونص على خفض العملة المحلية إلى 1450 ديناراً عراقياً لكل دولارمن 1184 دينارا سابقا ما تسبب بارتفاع في أسعار المواد والسلع بنسب لا تقل عن 25 بالمئة.

وتعليقا على ذلك، اشار عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي محمد الدراجي في تصريح صحافي الى أن "عملية خفض قيمة الدينار العراقي ستوفر للدولة نحو 10 تريليونات دينار (حوالي 7 مليارات دولار)".

واوضح انه لو يتم إنفاق نصف المبلغ الذي سيوفره تعديل سعر العملة لمعالجة الآثار السلبية للقرار فسيبقى للحكومة نحو 5 تريليونات دينار (حوالي 4 مليارات دولار) كلفة رواتب الموظفين لشهر واحد .

البرلمان لا يستطيع الغاء قرار خفض العملة
ومن جانبه أكد الخبير القانوني طارق حرب ان مجلس النواب لا يمكنه إلغاء قرار تخفيض سعر العملة الوطنية وقال في مدونة على موقعه بشبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك" واطلعت عليها "ايلاف" ان "قرار تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الاميركي لم يصدر من الحكومة الاتحادية انما من البنك المركزي".. مبينا انه "ليس لمجلس النواب رفض قرار تخفيض قيمة العملة الوطنية".

واوضح أن جميع الهيئات المستقلة التي أقرها الدستور ترتبط بمجلس النواب الا البنك المركزي فهو مستقل".. مشيرا الى ان "مجلس النواب لا يستطيع إلغاء القرار ويمكنه الاتفاق مع البنك المركزي ويمكنه استجواب محافظ البنك وإقالته لكن لا يمكنه إلغاء القرار من طرف واحد ولا مجال دستوريا لذلك".

واضاف ان استقلالية البنك المركزي القانونية قررها قانون البنك رقم 56 لسنة 2004 في المادة الفقرة (2) من المادة( 2) والتي نصت على ( يتمتع البنك المركزي العراقي بالاستقلال..) اذ ومنح هذا القانون البنك كل ما يتعلق بالسياسة النقدية بما فيها ادارة الاحتياطي الرسمي من النقد الأجنبي واصدار العملة وتنفيذ التزامات النقد الاجنبي.

وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من موافقة الحكومة على قانون الموازنة العامة للبلاد لعام 2021 اثر اجتماعات ماراثونية استمرت ثلاثة ايام اذ اكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال مؤتمر صحافي الليلة الماضية ان الموازنة لن تمس رواتب الموظفين من الطبقتين اللتين تشكلان غالبية الشعب. واشار الى ان الطرف المستهدف في هذه الموازنة هي الطبقات العليا رافضا تخفيض مخصصات الموظفين وزيادة اسعار الوقود.

ومن جانبه اوضح وزير المالية علي علاوي في المؤتمر الصحافي انه تم اجراء تعديلات على مشروع الموازنة المقدم لها بتغيير سعر صرف الدولار لحماية الاقتصاد وتخصيص فارق الايرادات بتغيير سعر الصرف لدعم الفئات الهشة في المجتمع، معتبرا ان الموازنة هي الخطوة الاولى في مسار الاصلاح الاقتصادي.

اما وزير التخطيط خالد البتال فقد كشف خلال المؤتمر ان حجم الانفاق الاستثماري سيكون بحدود 8 ترليونات دينار (حوالي 7 مليارات دولار) منوها الى ان الموازنة تضمنت تنفيذ مشروع القطار المعلق وميناء الفاو وعدداً من المشاريع الاخرى المهمة.

ومن جانبه، اكد وزير العمل عادل الركابي خلال المؤتمر انه سيتم استقطاع 40% من رواتب الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان في الموازنة وكذلك استقطاع 30% من الرواتب الكلية للنواب والوزراء.

وتأتي هذه الاجراءات في محاولة لمعالجة جزء من العجز الذي تعانيه الموازنة، والبالغ 58 تريليون دينار عراقي (حوالي 50 مليار دولار).

ويعاني العراق من أزمة مالية غير مسبوقة ناجمة عن جائحة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط الذي يعول العراق على مبيعاته لتمويل 90 بالمئة من موازنته العامة، ما ادى الى اضطراب مالي خطير زاد من معدل الفقر إلى نسبة 40 بالمائة من سكان البلاد البالغ عددهم 40 مليون نسمة.