إيلاف من لندن: اعتبرت الحكومة العراقية قرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب العفو عن اربعة محكومين بقتل عراقيين تجاهلا لخطورةِ جريمتهم وتخليا عن التزام الإدارة الأميركية بقيم حقوق الإنسان، مؤكدة انها ستتابع الأمر معها لحثّها على إلغاء القرار فيما حذرت الامم المتحدة من ان العفو يعزز الافلات من العقاب.

وقالت الوزارة في بيان صحافي تابعته "ايلاف" ردا على قرار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب بالعفو عن أربعة من المحكومين بقتل عراقيين في مجزرة ساحة النسور بوسط بغداد عام 2007 انها "تابعت القرار الصادر عن رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترمب بشأن إصدار عفوٍ عن عددٍ من المحكومين بقتلِ أربعة عشر عراقياً وجرح آخرين في عام 2007 في حادثةٍ إستُنكِرت على مستوى الأوساط الدوليّة فضلاً عمّا خلّفته من إستهجانٍ ورفضٍ داخليين".

وأضافت الخارجية العراقية انها ترى "أنَّ هذا القرار لم يأخذ في الإعتبار خطورةِ الجريمة المرتكبة ولاينسجم مع التزام الإدارة الأميركية المُعلن بقيم حقوق الانسان والعدالة وحكم القانون ويتجاهل بشكل مؤسف كرامة الضحايا ومشاعر وحقوق ذويهم".

وأكدت الخارجية "انها ستعمل على متابعة الأمر مع حكومة الولايات المتحدة الاميركيّة عبر القنوات الدبلوماسيّة لحثّها على إعادة النظر في هذا القرار".

ومن جهته، قال المتحدث الرسمي بأسم الخارجية العراقية احمد الصحاف "ما زلنا نرى ونعد أن الدم العراقي والكرامة أولوية قصوى ولا يمكن لهذه الحادثة أن تغيب عن وجدان الشعب العراقي وكلنا يتذكرها بألم، ونرى أن أولويات وزارتنا هي متابعة القرار لإعادة النظر حوله".

وأشار إلى أن "الدائرة القانونية في مركز الوزارة تتابع هذا الملف طيلة السنوات الماضية وبالتنسيق مع الجهات الوطنية العراقية وسفارة العراق في واشنطن ".. منوها الى ان "قرار ترمب يأتي مغايراً ومجانباً لكل المقدمات التي أثبتت في مسرح الجريمة والتهم التي وجُهت إلى هؤلاء الأفراد، وحينها كانت شائعة في وسائل الإعلام وفي مقدمات التحقيقات المسربة".

وشدد على ان "القرار يجرح الوجدان كثيراً ونحن في الوزارة نرى لزاماً منا أن نستمر بالتنسيق مع السلطات الأميركية لمتابعة ما يمكن العمل عليه للدفاع عن الكرامة والدم العراقي".

"القرار يعزز الافلات من العقاب"
كما اعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الخميس عن قلقها من قرار ترمب بالافراج عن الاميركيين الاربعة، وقالت المتحدثة باسم المفوضية في بيان "نشعر بقلق بالغ إزاء قرار الرئيس الأميركي بالعفو عن 4 موظفين سابقين في الشركة العسكرية الخاصة بلاك ووتر أدينوا بقتل مدنيين عراقيين".

وحذرت المفوضية من ان "العفو عنهم يعزز الإفلات من العقاب ويشجع الآخرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل".

السجن لمدد طويلة
وأصدر ترمب الثلاثاء الماضي عفوا عن أربعة من حراس الأمن من شركة "بلاك ووتر" الاميركية الذين حُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة لقتلهم 14 مدنيا في جريمة ساحة النسور بوسط بغداد عام 2007 وهي مجزرة أثارت ضجة دولية بشأن استخدام متعاقدين خاصين في مناطق الحرب.

وادعى فريق بلاك ووتر الذي كان يتولى بموجب عقد حماية موظفي وزارة الخارجية الأميركية العاملين في بغداد أنه رد على نيران أطلقها مسلحون لدى مروره في ساحة النسور.

في بادىء الأمر دين ثلاثة حراس هم بول سلاو وإيفان ليبرتي ودستن هيرد بالقتل العمد ومحاولة القتل العمد إضافة إلى إستخدام أسلحة نارية وحُكم على كل منهم بالسجن ثلاثين عاما وحكم على رابع هو نيكولاس سلاتن بالسجن مدى الحياة انطلاقا من انه اول من اطلق النار. كما صدر حكم مماثل بحق سلاتن لدى إعادة محاكمته في أغسطس عام 2019 وبعد شهر خفضت عقوبة سلاو و إيفان وهيرد إلى النصف أو دون ذلك.

الأميركيون الأربعة المدانون بقتل عراقيين وقد أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عفواً عنهم

وجاء عفو ترمب بعد أسابيع قليلة من إغلاق المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً أولياً في جرائم حرب "مزعومة" ارتكبتها القوات البريطانية في العراق بعد غزوه عام 2003. وأعلنت بغداد آنذاك رفضها تجديد رخصة عمل شركة "بلاك ووتر"، كما رفضت وزارة الخارجية الأميركية تجديد عقدها مع الشركة للعمل هناك.

ودفع ما حصل هذه الشركة لتغيير إسمها مرات عدة وأدمجت لاحقا بشركات أخرى لتشكل "مجموعة كونستيليس" وحاليا تعمل "مجموعة أوليف" إحدى أصغر شركات مجموعة كونستيليس في العراق.

وخلصت المحكمة الأميركية الى أن أيا من المدنيين الـ14 الذين قتلوا في ساحة النسور كان مسلحاً وان العديد منهم كانوا داخل سياراتهم التي رشقت برصاص أسلحة رشاشة، فيما قال محامٍ أصيب بجروح لفرانس برس إن جميع عائلات الضحايا عدا واحدة فقط، تلقت تعويضات من "بلاك ووتر".

وتم تعويض كل من عائلات القتلى بمبلغ قدره 100 الف دولار، فيما تسلم المصابون حوالى 50 الف دولار والوحيد الذي رفض التعويض كان هيثم الربيعي الذي فقد إبنه أحمد وزوجته محاسن.