أيلاف من لندن: فيما تم الكشف في بغداد عن تسجيل 15 الف حالة عنف أسري خلال العام الحالي، فإن قانون مناهضته و معاقبة ممارسي هذا النوع مازال حبيس ادراج البرلمان بسبب اعتراضات قوى شيعية عليه بانتظار مناقشته والتصويت عليه، وذلك بعد اربعة اشهر من موافقة الحكومة عليه.

وقال مدير ادارة حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري في وزارة الداخلية العميد علي محمد إن هذه الادارة تشكلت خلال عام 2009 تنفيذا لدستور البلاد الذي كفلت مواده حماية المرأة والطفل والحفاظ على الاسرة وكيانها.

واضاف المسؤول العراقي في تصريحات تابعتها "إيلاف" الثلاثاء، أن هناك 16 قسما لحماية الاسرة في الوزارة اثنان في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد وواحد في كل محافظة ويضم ضابطات وموظفات في جميع الاقسام يقضي عملهن باستقبال المعنفات والرجال والاطفال المعنفين على مدار الساعة ويتم تدوين اقوال النساء المعنفات وارسالهن الى المستشفيات في حالة تعرضهن الى العنف.
واشار سالم الى ان هناك حالات مكتشفة في بغداد والمحافظات واوامر القاء قبض وصلت الى اكثر من 4 آلاف حالة خلال العام الحالي فيما اوضح ان حالات اعتداء الزوج على زوجته قد بلغت اكثر من 9 آلاف حالة وتم القاء القبض على مرتكبيها وبعض الحالات تم التراضي والصلح في ما بين الزوجين، لافتا الى ان مجموع حالات العنف الاسري وصلت حتى الان خلال العام الحالي الى 15 ألف حالة.
واشار الى ان حالات العنف سببها الشك الذكوري والمشكلات الاقتصادية وتعاطي الكحول والمخدرات والعنف الجسدي والنفسي والجنسي الذي يحدث داخل الاسرة ويشمل الضرب والمتاجرة بالمرأة الى جانب سوء استخدام التكنولوجيا الحديثة "الانترنيت" وغيرها مما يسبب لجوء المرأة إلى الانتحار بسبب اليأس واستفحال الخلافات الزوجية.
واضاف ان هناك مشكلات اخرى تتعلق بالخيانة الزوجية التي وصلت الى اكثر من 227 حالة خلال العام الحالي.

قانون العنف الاسري بانتظار التشريع
وكانت الحكومة العراقية قد وافقت على مشروع قانون العنف الاسري في الرابع من اغسطس الماضي بعد ان كان قد عرض على البرلمان عام 2012 ثم قامت الرئاسة العراقية بارساله الى البرلمان في 16 سبتمبر الماضي لمناقشته والتصويت عليه ليصبح نافذا.

وجاءت موافقة الحكومة على مشروع القانون بعد مناشدات من منظمات محلية ودولية واسعة النطاق لسنه عقب تزايد وتيرة حوادث العنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي ضمن إجراءات احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا الذي ظهر في البلاد في 24 فبراير الماضي.

وفي ابريل الماضي عبرت 4 منظمات تابعة للأمم المتحدة هي صندوق الأمم المتحدة للسكان ومفوضية حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في بيان مشترك، عن قلقها من ارتفاع وتيرة العنف الأسري بالعراق في ظل جائحة كورونا.

وقالت تلك المنظمات في بيانها إن "من شأن إقرار قانون مناهضة العنف الأسري ضمان محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق".

قوى شيعية تعترض
ويواجه مشروع القانون معارضة أحزاب الإسلام السياسي المتحكمة بالعملية السياسية في البلاد منذ عام 2003 التي تصر على عدم تمرير القانون في البرلمان بحجة ان بعض بنوده تتعارض مع الشريعة الإسلامية والأعراف الاجتماعية.
وفي هذا الاطار، يقول زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي إن قانون العنف الأسري ليس من أولويات الشعب العراقي واصافاً إياه بالمشروع الذي سيفكك الأسرة العراقية.

وأوضح أن "المتضررين حسب قانون العنف الأسري يلجأون إلى أماكن ليست بالضرورة أن تكون تحت إشراف الدولة وانما ترعاها مؤسسات المجتمع المدني، والتي يعمل الجزء الأكبر فيها تحت رعاية المؤسسات الأميركية وبينها السفارة الأميركية"، على حد قوله.
أما النائب رئيس كتلة "النهج اوطني" الشيعية عمار طعمة فقد اعتبر أن المشروع يعارض ثوابت الإسلام والدستور العراقي.. مشيرا الى ان القانون يسلب حق تربية وتأديب الوالدين لأولادهما ويجعل كل خلاف عائلي قابلا لتدخل القضاء منتقدا فكرة إيجاد مراكز إيواء لضحايا العنف الأسري لأنهم سيكونون في أيدي غرباء لا يؤمن عليهم من مخاطر الإفساد والتوريط بمختلف سلوك الشذوذ والانحراف الأخلاقي، حسب قوله.

وشدد على رفض فقرة في القانون تتيح للزوجة في حال سوء تفاهم وخلاف عائلي مع زوجها أن تذهب للشكوى والاستقرار في مركز الإيواء تحت رحمة الغرباء وابتزازهم.
واعتر ان القانون سيمكن المنظمات الليبرالية من ممارسة دور الغزو الثقافي والتغريب الفكري والقيمي لأبناء المجتمع العراقي وفصله عن قيمه وثقافته الوطنية والدينية .

أهداف القانون
ويشير مشروع قانون مناهضة العنف الأسري المعروض على البرلمان، والذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه الى انه يهدف الى حماية الاسرة وخاصة النساء والفتيات من جميع اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي، والحد من انتشاره والوقاية منه، ومعاقبة مرتكبيه، والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا، وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية.

ويقضي المشروع الذي يضم 27 مادة بتشكل الحكومة لجنة عليا تسمى "اللجنة العليا لمناهضة العنف الاسري" يرأسها وزير العمل والشؤون الاجتماعية وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارات عدة والمفوضية العليا لحقوق الانسان وحكومة إقليم كردستان اضافى الى ممثلين إثنين عن منظمات المجتمع المدني.

وستتولى اللجنة العليا رسم السياسات الوطنية الشاملة التي تتضمن التدابير المناسبة للوقاية من اشكال العنف الاسري كافة وتبني برامج وحملات توعية لمناهضة جميع اشكال العنف الاسري، وانعكاساته على المجتمع وضرورة الوقاية منه والمصادقة على الخطط والبرامج والدراسات والمسوحات الميدانية التي تقترحها مديرية حماية الاسرة وتبادل الخبرات والتنسيق والتعاون مع الجهات المختصة على الصعيدين الاقليمي والدولي.

عقوبات
ويفرض القانون عقوبات على المشكو منه على خرق قرار الحماية بغرامات تتراوح ين 300 الف دينار (220 دولارا) و5 ملايين دينار (360 دولارا) وفي حالة عدم الدفع تكون العقوبة الحبس البسيط مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على 6 أشهر وقد تصل الى عام واحد.
وتشير الاسباب الموجبة لتشريع قانون مناهضة العنف الاسري الى انها تأتي من اجل "الحد من مظاهر العنف الأسري، والقضاء على أسبابه، وحماية للأسرة وأفرادها، وتحمل الدولة لمسؤولياتها، ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها، وتوفير الخدمات اللازمة، ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعد شكلا من اشكال التمييز، وانتهاكاً لحقوق الانسان، والتزاما بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية، التي صادق عليها العراق، وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية وسيرا على خطى مبادئ المجتمع الدولي وتنفيذاً لأحكام المادة (29) من الدستور العراقي".