لندن: حيال فورة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا المستجد المتحوّر، قرّرت الحكومة البريطانية فرض إغلاق طويل وصارم، معوّلة على حملة تلقيح تأمل أن يتمكّن خلالها نحو 14 مليون شخص من تلقي لقاح مضاد لكوفيد-19 بحلول منتصف فبراير.

وفي مؤشر إلى مدى خطورة الأوضاع، قدّر المكتب الوطني للإحصاء عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد المتحوّر في إنكلترا الأسبوع الماضي بأكثر من 1,12 مليون شخص، أي ما يعادل شخصا واحدا لكل خمسين. والثلاثاء سجّلت المملكة المتحدة أكثر من 60 ألف إصابة بكوفيد-19.

وتنبئ هذه المعطيات بحالات استشفاء كثيرة ستشهدها في الأسابيع المقبلة مؤسسات الرعاية الطبية التي باتت على شفير الانهيار، وبمفاقمة حصيلة الوباء في إحدى أكثر دول أوروبا تضررا من الجائحة مع أكثر من 76 ألف وفاة.

وتحت وطأة هذه الضغوط قرر رئيس الوزراء بوريس جونسون فرص إغلاق تام على كامل أراضي إنكلترا وإغلاق المدارس.

كذلك فرضت السلطات الاسكتلندية إغلاقا شاملا حتى نهاية يناير على أقرب تقدير. أما في ويلز وإيرلندا الشمالية حيث كانت السلطات قد فرضت إغلاقا تاما، فقد تقرر إبقاء الأطفال في منازلهم وعدم عودتهم لمقاعد الدراسة.

وإزاء هذه "التضحية" الجديدة من أجل الشعب، تعهّد جونسون الثلاثاء اعتماد "أكبر قدر ممكن من الشفافية" لكي يبين أنه يستغل "كل ثانية من هذا الإغلاق" "لنشر الدرع الخفية" للقاح في صفوف المسنين والأكثر عرضة للوباء.

وتخطى عدد الذين تلقوا لقاحا مضادا لكوفيد-19 في المملكة المتحدة 1,3 مليون شخص، بينهم 650 ألفا ممن تتخطى أعمارهم 80 عاما، أي 23 بالمئة من هذه الشريحة العمرية، وفق ما أعلن جونسون في مؤتمر صحافي.

وهناك حاليا نحو ألف مركز تلقيح على أن تضاف إليها "بحلول نهاية الأسبوع والأسبوع المقبل" مدارس وملاعب ومراكز مؤتمرات، وفق رئيس الوزراء البريطاني.

ولتخفيف الضغط عن المستشفيات الإنكليزية حيث ناهز عدد المصابين بالفيروس 27 ألفا، وهو رقم يتخطى ذروة الموجة الأولى، تأمل السلطات أن تتمكّن بحلول منتصف فبراير من تلقيح كل السكان الذين تتخطى أعمارهم 70 عاما كما طواقم الرعاية الصحية، أي نحو 14 مليون شخص ممن يعتبرون أكثر عرضة للوباء.

واعتبر كبير المسؤولين الطبيين في إنكلترا كريس ويتي أن الهدف "واقعي لكن ليس من السهل تحقيقه".

ويستخدم في الحملة لقاحا فايزر/بايونتيك وأسترازينيكا/أكسفورد.

واعتبر رئيس قسم الهندسة الكيميائية في جامعة "إمبيريال كولدج" في لندن نيلاي شاه أنه "يمكن التوصل لمعدلات تلقيح تراوح بين 300 ألف و500 ألف جرعة يوميا"، عبر "الكثير من التنسيق".

وفي إنكلترا صرّح وزير شؤون مجلس الوزراء مايكل غوف لشبكة "سكاي نيوز" الإخبارية "مطلع مارس، يفترض أن نتمكّن من رفع بعض هذه القيود، لكن ليس بالضرورة كلها".

ومن المقرر أن يدخل الإغلاق حيّز التنفيذ الأربعاء الساعة 00,01 بتوقيت غرينيتش، لكن جونسون دعا السكان إلى اتّباع التدابير فورا. وسيناقش البرلمان القرار الأربعاء.

وبات يمنع على سكان إنكلترا الخروج من منازلهم إلا عند الضرورة، أي للتبضّع أو الذهاب إلى العمل إذا تعذّر العمل من المنزل أو لدواع صحية.

وعلى غرار الإغلاق الأول الذي فرض في الربيع، وعلى العكس من الإغلاق الثاني الذي فرض في نوفمبر، أغلقت المدارس منذ الثلاثاء، بعدما فتح بعضها ليوم واحد الإثنين.

واستنكر المتحدث باسم نقابة "الاتحاد الوطني للتعليم" الأوضاع "الفوضوية"، وندد بقرار اتّخذ في "اللحظة الأخيرة" كان الاتحاد يطالب به منذ أمد.

وبدت شوارع لندن شبه خالية. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس انتقد أليكس وهو متقاعد يبلغ 65 عاما، طريقة إدارة الحكومة للأزمة قائلا "لا أعلم ما إذا كان الناس قادرين على بذل هذا الجهد الأخير".

ولدعم مئات آلاف الشركات المتضررة أصلا من القيود التي فرضت سابقا على غرار المؤسسات التجارية والحانات والمطاعم، أعلنت الحكومة البريطانية مساعدات إضافية تبلغ قيمتها 4,6 مليارات جنيه (5,1 مليارات يورو).