قضت محكمة في مدينة فرانكفورت الألمانية بعقوبة السجن مدى الحياة على اليميني المتطرف، ستيفان إرنست، لقتله السياسي البارز والمؤيد للمهاجرين، والتر لوبكه، في حديقة منزله عام 2019.

وأصيب لوبكه، رئيس المجلس البلدي لمدينة كاسل والعضو البارز في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (سي دي يو )، برصاصة في رأسه من مسافة قريبة.

واعترف ستيفان إرنست ، 47 عاما ، بإطلاق النار على لوبكه، البالغ من العمر 65 عاما، في منزله. ويعد هذا أول اغتيال سياسي يرتكبه يميني متطرف في ألمانيا الحديثة بعد الحرب.

كما حُكم على رجل آخر يُدعى ماركوس إتش بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ.

ولكلا المتهمين خلفية يمينية متطرفة، وقد قال ممثلو الادعاء إن الدافع وراء القتل كان تطرفهم السياسي. كما اكتُشف أن الدافع وراء ارتكاب إرنست للجريمة هو "العنصرية وكره الأجانب".

وكان والتر لوبكه، الذي قُتل بالقرب من مركز مدينة كاسل، أول سياسي منتخب يُقتل في ألمانيا منذ عقود. وقد عُرف عنه تأييده لترحيب المستشارة أنغيلا ميركل بما يقرب من مليون مهاجر ولاجئ عام 2015.

وقد جادل محامي ستيفان إرنست بأن الهجوم كان بدوافع سياسية وبالتالي يجب التعامل معه على أنه قتل غير متعمد. لكن القضاة حكموا بالسجن مدى الحياة على إرنست بسبب خطورة الجريمة.

ويُقال إن الهجوم كان أول اغتيال سياسي في ألمانيا منذ الهجمات "الإرهابية" لفصيل الجيش الأحمر اليساري في السبعينيات.

والتر لوبكه
AFP
أصيب والتر لوبكه برصاصة في رأسه من مسافة قصيره في يونيو/ حزيران 2019

وقد صدمت جريمة القتل ألمانيا، التي واجهت موجة متزايدة من الدعم لسياسات اليمين المتطرف في السنوات الأخيرة ، خاصة في شرق البلاد الشيوعي السابق.

واتهم المدعون إرنست، أيضا، بمحاولة قتل لاجئ عراقي في هجوم بسكين في يناير/ كانون الثاني 2016. ما أدى إلى إصابة الضحية بجروح بالغة.

ونفى ماركوس إتش ضلوعه في قتل لوبكه، وتمت تبرئته من تهمة التواطؤ. لكنه أدين بجرائم تتعلق باستخدام الأسلحة النارية.

ماذا حدث لـ والتر لوبكه ؟

كان لوبكه رئيسا للمجلس البلدي في كاسل. وعضوا في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تتزعمه المستشارة ميركل، وأصبح معروفا على المستوى الوطني عندما دعم علنا دعوة ميركل لاستقبال اللاجئين عام 2015.

في اجتماع صاخب في مجلس المدينة في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، قال لوبكه للجمهور إنه يتعين عليهم الدفاع عن القيم المسيحية.

ويُزعم أن إرنست وماركوس إتش حضرا الاجتماع.

وقد تلقى بعدها تهديدات بالقتل، ما أدى إلى تعيين حماية شخصية له بعد فترة وجيزة.

في 2 يونيو/ حزيران 2019، عُثر على جثة لوبكه في شرفة منزله في قرية إسثا.

ماذا قال إرنست؟

قدم ستيفان إرنست ثلاث روايات على الأقل عما حدث يوم إطلاق النار.

وبعد وقت قصير من اعتقاله، اعترف إرنست بأنه أطلق النار على لوبكه. وقد عُثر على آثار حمضه النووي على قميص لوبكه.

وبعد بضعة أشهر، وبعد أن غير إرنست محاميه، سحب اعترافه واتهم ماركوس إتش بإطلاق الرصاصة القاتلة عن طريق الخطأ أثناء عراك مع لوبكه.

في المحكمة، قدم إرنست رواية أخرى لما حدث، قائلاً إنه ضغط على الزناد، لكن ماركوس إتش كان في مكان الحادث.

المحاكمة
EPA
اتُبعت قواعد النظافة الصارمة المتعلقة بفيروس كورونا خلال المحاكمة

اعتبر المدعون أن اعتراف إرنست الأول هو الأكثر مصداقية، معتبرين الباقي بمثابة تكتيكات استخدمت أثناء المحاكمة.

وفي كلماته الأخيرة في المحكمة، التفت إرنست إلى أرملة لوبكه وأبنائه وقال: "أنا آسف جدا لما فعلته بكم".

ذكرت صحيفة سود دويتشه تسايتونغ اليومية أن الحكم على إرنست يعني أنه من المرجح أن يقضي بقية حياته خلف القضبان، لكن القاضي الذي يرأس الجلسة قال إن اعترافه في المحكمة قد يكون عامل تخفيف للحكم في وقت لاحق.

وسيمضي إرنست 15 عاما في السجن، متبوعة باحتجاز وقائي، لكن يمكن إعادة النظر في الفترة الوقائية لاحقا، اعتمادا على سلوكه، على سبيل المثال إذا خضع لبرنامج مكافحة التطرف.

لماذا تعتبر القضية مهمة؟

خلال المحاكمة، جادل ممثلو الادعاء بأن مقتل لوبكه كان أول اغتيال ينفذه اليمين المتطرف منذ مقتل والتر راثيناو، وزير الخارجية اليهودي في البلاد عام 1922.

وفي الشهر الماضي، حكمت محكمة ألمانية على المسلح اليميني المتطرف، ستيفان بالييت، بالسجن بعد تنفيذه هجوما مميتا في مدينة هال بشرق البلاد. حيث أطلق بالييت النار وقتل امرأة من المارة ورجل في محل لبيع الكباب بعد أن فشل في اقتحام كنيس يهودي في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.

ويعد حزب البديل من أجل ألمانيا (أي إف دي) اليميني المتطرف، أكبر مجموعة معارضة في البرلمان الألماني، وتشير التقارير إلى أن وكالة الاستخبارات الداخلية تخطط لوضعه تحت المراقبة بسبب صلات محتملة له بالتطرف.