لندن : يتزايد القلق بشأن التأثير الطويل الأمد لفيروس كورونا على الصحة العقلية للسجناء في إنكلترا وويلز، رغم أن هذه المنشآت تمكنت من تجنب الأسوأ حتى الآن.

ووُضع الوافدون الجدد في الحجر الصحي، وعُزل المصابون من ذوي الأعراض والصحة الضعيفة على حساب النشاطات الإلزامية في السجون.

وما زال يتم توفير الطعام والأدوية والاستحمام إضافة إلى الحد الأدنى من التمارين اليومية، إلا أن المساجين يمضون معظم وقتهم داخل زنزاناتهم.

وأكد مراقبون للنظام القضائي الأسبوع الماضي أمام نواب أن البعض مسجون "في ظروف ترقى إلى الحبس الانفرادي الفعلي".

وحذروا من عواقب "نقص التفاعلات المباشرة" سواء في النشاطات التعليمية أو إعادة الإندماج.

وعبّر مراقب السجون تشارلز تايلور عن "القلق العميق" الذي يسود بين النزلاء الذين يعانون من "الملل المزمن".

وأضاف أنهم يعانون من تدهور صحتهم العقلية ويلجأ كثير منهم إلى المخدرات، "ويشعرون بأنه تم التخلي عنهم واليأس" و"بأنهم حيوانات محبوسة في أقفاص".

وقد تفاقم الوضع مع انتشار النسخة المتحورة من فيروس كورونا التي كانت وراء عودة تفشي الوباء وتسببت في فرض إغلاق للمرة الثالثة في البلاد وقيود أكثر صرامة.

فقد ازدادت الإصابات الجديدة التي سجلت في السجون أربع مرات تقريبا، كما سجلت 24 وفاة منذ منتصف ديسمبر فيما ارتفع عدد السجون المتأثرة من 53 إلى 70.

ومع تدهور الوضع، ألغيت حاليا كل الزيارات الخارجية، وتحاول السجون زيادة استخدام الاتصالات عبر الفيديو لتحل مكانها.

في الوقت نفسه، يتأخر النظام القضائي في معالجة القضايا، ما يؤدي إلى زيادة عدد المساجين الذين ينتظرون محاكمتهم.

وانخفض عدد نزلاء السجون بـ5100 شخص بين منتصف مارس ونهاية نوفمبر، إلى 78800، وذلك يعود بشكل رئيسي إلى هذه التأخيرات والإفراج المبكر عن المسجونين الذين يعانون حالة صحية ضعيفة لكنهم يعتبرون أقل خطورة على المجتمع. ومع ذلك، ما زال العديد من السجون مكتظا.

وبحسب هيلين دايسون من جمعية "ناكرو"، فإن عمليات الإغلاق المتتالية لم تؤدِ إلى حالات تمرد لأنّ "هناك إجماعاً بين المسجونين على أنها فرضت لأسباب وجيهة".

وقالت لوكالة فرانس برس إن الحبس "23 ساعة في اليوم" يترك المساجين يفكرون في "مخاوفهم وقلقهم".

وتشهد هذه الجمعية التي تعمل في 34 مؤسسة إصلاحية وغيرها من المنشآت، زيادة في عدد الأشخاص الذين يشكون من مشكلات نفسية بعد إطلاق سراحهم.

وأوضحت دايسون "بمجرد خروجهم، يشعرون بعزلة لم يشعروا بها مطلقا. تكاد تغادر من سجن لتجد نفسك في سجن آخر".

وإذا كانت المملكة المتحدة هي الدولة الأكثر تضررا في أوروبا من الوباء مع تسجيلها أكثر من 103 آلاف وفاة، فإن سجونها ليست أفضل حالا إذ سجلت إصابات ووفيات أكثر من السجون في إيطاليا وإسبانيا.

وتوفي أكثر من 100 سجين في إنكلترا وويلز بالوباء، وأصيب حوالى 8 آلاف وفقا لوزارة العدل.

وفي صفوف الموظفين، تم تسجيل 21 وفاة وحوالى 3200 إصابة في نهاية أكتوبر.

ومع ذلك، في بداية الوباء، كان المسؤولون يخشون من تفشي المرض داخل السجون الـ117 في البلدين، علما أن بعض التوقعات حذرت من وفاة 2700 سجين.

وأدى الارتفاع الحاد في عدد الإصابات قبل عيد الميلاد وبعده إلى "صعوبات في توافر الموظفين في مؤسسات معينة"، بحسب النقابات.

وقال ميك بيمبيت من مكتب العمل الذي يمثل 30 ألف موظف في السجون لوكالة فرانس برس "لم نشهد شيئا مماثلا من قبل".