قالت أغلبية كبيرة من قراء "إيلاف" إن حملات التطعيم المتسارعة ضد فيروس كورونا لن تتيح للعالم هزيمة هذا الفيروس، وإعادة البشرية إلى الحياة الطبيعية. عدد كبير من الخبراء يؤيدون هذا الرأي.

إيلاف من بيروت: اللقاحات ضد كورونا المستجد تنتج بسرعة هائلة، حتى أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال في 19 فبراير الجاري إن من السهولة تجاوز الولايات المتحدة تلقيح 100 مليون نسمة ضد الفيروس في 100 يوم الأولى من رئاسته، وذلك في أثناء زيارته مصنع لقاحات تابع لشركة فايزر. أضاف أن 600 مليون جرعة لقاح تكفي للجميع يُتوقع أن تكون جاهزة بنهاية يوليو القادم.

وقال: "أعتقد أننا نقترب من معاودة الحياة الطبيعية نهاية هذا العام، وسيكون عيد الميلاد المقبل مختلفًا عن الذي سبقه"، مستدركًا: "لكن لا يمكنني الجزم بهذا الالتزام".

ليست الولايات المتحدة وحدها من يسابق الزمن لتلقيح مواطنيها، فأغلبية الدول في العالم تحذو حذوها، إلا قليلة فقيرة تنتظر أن تمنّ عليها الدول الغنية بفضلاتها من اللقاحات.

لن ننتصر

سألت "إيلاف" قارئها: "مع تسارع حملات تطعيم كورونا، هل تعتقد أن العالم هزم الفيروس؟". قال 75 في المئة من القراء المستجيبين لهذا الاستفتاء إن هذه الحملات لن تتيح للعالم رفع علامات النصر على هذا البلاء، مقابل 25 في مئة شكلوا أقلية تؤمن بأن اللقاحات ستعيد البشرية إلى الحياة الطبيعية.

في ديسمبر الماضي، حذر البروفيسور جوناثان فان تام، نائب كبير المسؤولين الطبيين، من استمرار فيروس كورونا المستجد إلى الأبد، داعيًا المواطنين "رغم ذلك إلى أخذ اللقاح".

أضاف فان تام في تصريحات صحفية: "لن نقضي أبدًا على فيروس كورونا، ومن المرجح أن يستمر هذا المرض مع البشر إلى الأبد، أن تصير الإصابة بالفيروس موسمية".

ليكون الجميع بأمان

من الخبراء أيضًا من يستبعد أن تكون هزيمة كورونا المستجد قربية، أو أن تكون نهائية إن حصلت، خصوصًا في ذروة قضية "قومية" اللقاحات التي تحاول المنظمات الأممية، وفي مقدمها منظمة الصحة العالمية، أن تحذر من خطرها الكبير على صحة العالم.

فاحتكار الدول الغنية اللقاح لا يحميها من طفرات متجددة من الفيروس، لأن وجود إنسان واحد يحمل فيروسًا ناشطًا في جسمه قادر على أن يعيد البشرية جمعاء إلى نوبات الهلع على ابواب المستشفيات، وإلى تكرار سيناريوهات "إيطاليا" و"إسبانيا" و"الهند" ولبنان".

وكان تيدروس أدهانوم غيبريسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، قال في أكثر من تصريح إن العالم تعلم بالطريقة الصعبة "أن أسرع سبيل للقضاء على الجائحة وإعادة فتح الاقتصادات هو البدء بحماية السكان الأكثر عرضة للخطر في كل مكان، بدلًا من جميع السكان في بعض البلدان"، حاثًا على تقاسم الإمدادات من اللقاحات بشكل استراتيجي وعالمي، "فلا أحد بأمان حتى يكون الجميع بأمان، ونحتاج إلى التضامن لتوفير حل مشترك للجائحة".

فشل كوفاكس

بحسب دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية في 12 فبراير الجاري، قال خبراء إن تخزين اللقاحات في البلدان الأكثر ثراء لن يؤدي إلا إلى "إطالة أمد حال الطوارئ الصحية العالمية"، محذرين من أن "قومية اللقاح" ربما تؤدي إلى فشل مبادرة كوفاكس التي تهدف إلى إيصال اللقاحات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تواجه نقصًا هائلًا في الجرعات.

وقال معدو هذه الدراسة إنه على الرغم من الاستثمارات العامة والخاصة غير المسبوقة في تطوير اللقاحات وشرائها، "تقدر منصة كوفاكس العالمية التي تم إطلاقها لضمان حسن توزيع اللقاح في العالم أنها ستحتاج إلى 6,8 مليارات دولار إضافية في عام 2021 لتأمين اللقاحات لـ 92 دولة نامية، واستنادًا إلى الأرقام المتوافرة، حصلت الدول الغنية التي تمثل 16 في المئة من سكان العالم على 70 في المئة من جرعات اللقاحات حتى الآن، وهذا يكفي لتلقيح كل مواطن من مواطنيها مرات عدة".

واستدرك مؤلفو الدراسة بالقول إن حصول اللقاحات الصينية والهندية والروسية على ترخيص منظمة الصحة العالمية يمكن أن يعزز إمداد الدول الفقيرة من اللقاحات، لأن تخزين هذه اللقاحات أبسط من شروط تخزين اللقاحات الأميركية والأوروبية.