طهران: دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الدول الأوروبية الى تجنب "لغة التهديد أو ممارسة الضغوط" في أي مفاوضات مع الجمهورية الإسلامية، وذلك خلال استقباله الأحد وزير الخارجية الإيرلندي سايمون كوفيني في ظل جهود دبلوماسية لاحياء الاتفاق النووي لعام 2015.

ويزور كوفيني العاصمة الإيرانية في سياق دور بلاده الحالي كميسّر لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2231 الذي وضع الإطار القانوني للاتفاق المبرم بين إيران والقوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) بشأن برنامج طهران النووي، وفق ما أعلنت الخارجية الإيرلندية.

وانسحبت الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران. وأبدت إدارة الرئيس الجديد جو بايدن نيتها العودة الى الاتفاق، لكنها اشترطت لذلك استئناف إيران تنفيذ كامل التزاماتها النووية التي بدأت بالتراجع عنها اعتبارا من 2019. في المقابل، تشدد الجمهورية الإسلامية على أولوية رفع العقوبات.

وقال روحاني خلال استقباله كوفيني إن "الطريقة الأفضل لحل المشاكل مع الشركاء الأوروبيين على مختلف المستويات الثنائية، الإقليمية، والدولية، هي إجراء محادثات على أساس الاحترام المتبادل بعيدا عن لغة التهديد وممارسة الضغوط"، وفق بيان للرئاسة الإيرانية.

وانتقد "عدم مبادرة أوروبا بتنفيذ تعهداتها" حيال الاتفاق، معتبرا أن إيران "التزمت بتعهداتها حيال الاتفاق وحافظت عليه وهي الطرف الوحيد الذي دفع ثمن ذلك".

وشدد روحاني على أن "الوضع لا يمكن أن يستمر على الشكل الحالي، بل يجب تنفيذ القرار 2231 (...) من قبل كافة الأطراف المعنية بالاتفاق لإحياء الاتفاق والحفاظ عليه".

وتبذل أطراف معنية بالاتفاق في الآونة الأخيرة، جهودا دبلوماسية سعيا لإعادة إحيائه، لا سيما لجهة ردم الهوة في التجاذب القائم بين طهران وواشنطن حول الطرف الذي يجدر به الاقدام على الخطوة الأولى.

وعدلت الدول الأوروبية الثلاث المنضوية ضمن الاتفاق النووي الخميس، عن طرح مشروع قرار أمام مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ينتقد إيران على خلفية قرارها في شباط/فبراير، تقليص بعض جوانب عمل مفتشي الوكالة ردا على عدم رفع واشنطن للعقوبات.

وأكد روحاني لكوفيني أن إيران "لا زالت عاقدة العزم على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وفق الرئاسة.

وكانت خطوة تقليص عمل المفتشين، الأحدث في سلسلة إجراءات اتخذتها الجمهورية الإسلامية لتعليق العمل بالعديد من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، وبدأت بها تدريجيا بعد عام من الانسحاب الأميركي.

وقبيل بدء تقليص عمل المفتشين في 23 شباط/فبراير، توصلت إيران الى اتفاق تقني موقت مع المدير العام للوكالة الذرية رافايل غروسي، يتيح استمرار نشاطات لفترة تصل الى ثلاثة أشهر.

وأوضح مصدر دبلوماسي فرنسي أن التراجع عن مشروع القرار أمام مجلس حكام الوكالة جاء بعد "إشارات مشجعة" من الجانب الإيراني في شأن احياء الاتفاق. ودعمت واشنطن الخطوة الأوروبية، آملة في أن تؤدي الى موافقة إيران على "التحاور".

كما رحبت الخارجية الإيرانية بالتراجع، معتبرة أن الخطوة "قد تبقي مفتوحا طريق الدبلوماسية الذي بدأته إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية".

وكانت طهران اعتبرت في أواخر شباط/فبراير، أن الوقت "غير مناسب" للتجاوب مع اقتراح عقد اجتماع غير رسمي بشأن الاتفاق النووي تشارك فيه الولايات المتحدة، ردا على طرح أوروبي بهذا الشأن.

والتقى كوفيني في طهران أيضا نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الذي كرر موقف بلاده الداعي الى رفع العقوبات الأميركية.

وأفادت الخارجية الإيرانية في بيان أن الطرفين بحثا "آخر التطورات المتعلقة" بالاتفاق النووي، وأكد ظريف لضيفه ضرورة رفع العقوبات "بشكل كامل وفعال"، وأن خطوة كهذه ستؤدي الى تراجع طهران عن "خطواتها التعويضية" التي اتخذتها بعد الانسحاب الأميركي.

وكان ظريف أعلن عبر تويتر الجمعة أنه سيقدم قريبا من قبل طهران "خطة عمل بناءة ملموسة، عبر القنوات الدبلوماسية المناسبة".

وتشغل إيرلندا حاليا مقعدا غير دائم في مجلس الأمن وتلعب دور "ميسّر" القرار 2231 الذي يتولى من يؤديه، رفع تقرير الى المجلس بشأن سير تنفيذ القرار الذي اتخذ في العام ذاته لابرام الاتفاق النووي.

وتأتي زيارة وزير الخارجية بعد أيام من إعلان دبلن نيتها استئناف وجودها الدبلوماسي في العاصمة الإيرانية على مستوى قائم بالأعمال، واعادة افتتاح سفارة في طهران بحلول العام 2023.