أيدت أغلبية قراء "إيلاف" إقرار قانون يحظر استخدام الأكياس البلاستيكية، وعيًا بقضايا البيئة التي صارت تستغرق حيزًا مهمًا من همومنا اليومية.

إيلاف من بيروت: تستغرق المسألة البيئية حيزًا كبيرًا اليوم في حياة البشر، خصوصًا أن ثمة ممارسات إنسانية يمكن أن تفاقم الوضع البيئي الدولي، لجانب تكدس النفايات غير القابلة للتحلل، ومنها الأكياس البلاستيكية وهي الأكثر استخدامًا في الحياة اليومية.

سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل تشجع على إقرار قانون يحظر استخدام الأكياس البلاستيكية في بلدك؟". أيد 85 في المئة من المستجيبين لهذا الاستفتاء إقرار هذا القانون في بلدانهم، بينما عارضه 15 في المئة منهم.

أضرار جسيمة

هناك عدة أضرار لاستخدام البلاستيك. فالمخلفات من الاكياس البلاستيكية تمثل عبئًا كبيرًا على البيئة لأنها غير قابلة للتحلل، والطريقة المثلى للتخلص منها هي حرقها، ما ينتج تصاعد مركبات كيميائية تتشكل على هيئة سحابة سوداء تؤدي إلى تلوث الهواء وتؤثر في صحة الجهاز التنفسي.

إلى ذلك، حفظ الأطعمة في الأكياس البلاستيكية، خصوصًا إذا كانت ساخنة، يؤدي إلى تحرر مواد مرة تسبب تغيرات واضطرابات هرمونية في الجسم، ليس أقلها اضطراب الغدد الصماء. فإن مادة "ديوكسين"، أو المكون الرئيسي للأكياس البلاستيكية، هي أكثر المواد الكيميائية العضوية سمّية، وتصنف ضمن المواد المسرطنة. فعندما تتحلل، ترفع خطر الإصابة بالأمراض السرطانية، مثل سرطاني الرحم والثدي.

كما يدخل في صناعة منتوجات البلاستيك العديد من المواد العضوية مثل الباي اسيفينول وكلوريد الفينيل، والتي تزيد مخاطر الإجهاض، وتخفض مستويات هرمون التستوستيرون في الجسم.

يقول الخبراء إن الأكياس والعلب البلاستيكية التي تستخدم في حفظ أو نقل المواد الغذائية تزيد من مخاطر الإصابة بالتشوهات الخلقية، بسبب وجود مواد كيميائية تتفاعل مع الغذاء المحفوظ أو المنقول بواسطتها. كما تحتوي أكياس البلاستيك على نسب عالية من الرصاص، وعند رميها تحت أشعة الشمس تخرج غازات تضر بصحة الإنسان، وتشكل وعاءً لتكاثر الجراثيم وتجمع المياه ما يسبب التلوث البيئي.

كما تستخدم في صنع ألعاب الأطفال مادة بولي إيثلين التي تضعف الجهاز المناعي وتربك إفراز بعض الهرمونات في الجسم.

دول اتخذت قرارها

اتخذ العديد من دول العالم إجراءات منع استخدام الأكياس البلاستيك، فكانت أول دولة أقرت قانون حظر استخدام هذه الأكياس هي الدانمارك في عام 1993، فارضة دفع بدل نقدى للحصول على كيس بلاستيكي، ما قلل استهلاكها بنسبة 60 في المئة.

وبدأت الولايات المتحدة حملة لمحاربة أكياس البلاستيك منذ عام 2007. وفي 2014 عملت سان فرانسيسيكو على حظر استعمال الأكياس البلاستيكية، بمنع قوارير الماء المصنوعة من البلاستيك.

في عام 2011، أصدرت إثيوبيا قانونًا يمنع صنع واستيراد الأكياس البلاستيكية، تزامنًا مع قرار تطوير مشروعات الطاقة الريحية كجزء من استراتيجية النمو الأخضر في إثيوبيا.

في عام 2016، حظرت المغرب الأكياس البلاستيكية، وقامت فرنسا في العام نفسه بمنع استيراد الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد، وعملت ولاية كارنتاكا في جنوب الهند على وقف استعمال مادة البلاستيك بشكل كلي.

في عام 2017، فرضت كينيا غرامة على استخدام الأكياس البلاستيكية، حدها الأدنى 19 ألف دولار والأقصى 38 ألف دولار. وتصل عقوبة استخدام الأكياس البلاستيكية إلى السجن 4 أعوام، في واحد من أشد القوانين العالمية صرامة فى هذا المجال.

في عام 2018، أعلن الاتحاد الأوروبى حظر استخدام الأكياس البلاستيكية على أرضه بشكل كامل، بعد ضرائب عدة فرضتها الدول عليها لرفع ثمنها وجعل المواطنين يستخدمون "الحقائب متعددة الاستخدامات".

في يونيو الماضي، تعهّدت مطارات دبي بحظر استخدام البلاستيك المعد للاستخدام لمرة واحدة في الساحات المخصصة للمستهلكين في أكثر المطارات الدولية ازدحاما على مستوى العالم بدءا من الأول من كانون الثاني/يناير 2020. ولم يطبّق القرار بشكل كامل بعد.

قرار صعب

في يناير الماضي، بدأت سلطنة عمان تطبيق قرار حظر استخدام أكياس التسوق البلاستيكية أحادية الاستهلاك.

في فبراير الماضي، أكدت المجر التزامها حظر المواد البلاستيكية غير القابلة لإعادة الاستخدام ابتداء من عام 2022، أي قبل عام من التاريخ الذي وضعه الاتحاد الأوروبي موعدًا نهائيًا لحظر استخدام بعض أنواع المواد للتصدي للكميات المتصاعدة من النفايات البلاستيكية.

كما حظرت نيويورك، إحدى أبرز عواصم الاستهلاك العالمية، استعمال أكياس البلاستيك المخصّصة للاستخدام مرّة واحدة في أغلبية متاجرها بعد 4 أعوام من الجهد المتواصل. وواجه سكّان العاصمة المالية الأميركية صعوبة في تقبّل هذه القرار؛ إذ اعتادوا استخدام الأكياس البلاستيكية في المتاجر أو المطاعم، فضلًا عن وصول كلّ حاجاتهم ومشترياتهم إلى منازلهم موضبةً في أكياس مماثلة.

في مارس الجاري، أعلنت أبوظبي نيتها حظر الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة في 2021، وذلك عبر اعتماد "سياسة" لم يتضح على الفور ما إذا كانت ستكون عبارة عن قانون ملزم. وقالت هيئة البيئة الحكومية في أبوظبي إنّها أطلقت "سياسة لخفض استهلاك المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة تدريجياً وصولاً إلى حظر استخدام الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة عام 2021".

نصائح وبدائل

على الرغم من ذلك، توقّع تقرير "أطلس البلاستيك" الذي أصدرته هذا الشهر مؤسسة هنريتش بول القريبة من حزب الخضر الألماني أن ينتج في العام 2025 أكثر من 600 مليون طن من المواد البلاستيكية مقابل 438 مليونا أنتجت في العام 2017.

وتشير الدراسة إلى أن المخلفات البلاستيكية في البحار والمحيطات يمكن أن تتخطى نسبة الكائنات البحرية بحلول عام 2050، وتقتل هذه النفايات فى العام الواحد ما يصل إلى مليون طائر بحري و100 ألف من الثدييات البحرية، والسلاحف والأسماك.

ينصح الخبراء في هذا المجال بالتوقف عن استخدام القشة البلاستيكية، خصوصاً في المطاعم، إذ يمكن شراء قشة من الحديد أو الزجاج؛ واستخدام أكياس قابلة لإعادة الاستعمال كحقائب القماش؛ وعدم استعمال العلكة لأنّها مكوّنة من الصمغ المطاطي أي البلاستيك؛ وشراء منتوجات موضوعة في صناديق كرتون بدلاً من زجاجات البلاستيك، كمنظّفات الغسيل مثلًا؛ وإعادة استخدام علب البلاستيك لتخزين أنواع أخرى من المنتوجات في المنزل؛ واستخدام كوب خاص عند شراء القهوة أو غيرها من المشروبات في المتاجر؛ واستخدام عيدان الكبريت بدلاً من ولاعات البلاستيك، أو استخدام ولاعة معدنية قابلة لإعادة التعبئة.

كما ينصحون بتجنُّب شراء الأطعمة المجلدة لأن أغلفتها بلاستيكية؛ وعدم استخدام الأدوات البلاستيكية في المنزل؛ وصُنع عصير طازج في المنزل بدلاً من شراء زجاجات العصير البلاستيكية، فهو أفضل للصحة والبيئة؛ واستخدام ماكينة حلاقة مع شفرات قابلة للاستبدال بدلاً من الشفرات التي يجري التخلص منها؛ وتناول البوظة بقطعة بسكويت للابتعاد عن استخدام الوعاء أو الملعقة البلاستيكية؛ وأخيرًا، شراء المنتوجات بالجملة إن أمكن.