إيلاف من الرباط: قال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، سعد الدين العثماني، إن التعديلات التي أتت بها فرق من الأغلبية والمعارضة، بشأن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين مع إلغاء العتبة، تتضمن تراجعات ديمقراطية تضعف المؤسسات المنتخبة وتُبلقنها بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب، وستكون لها تداعيات على المسارين التنموي والديمقراطي.
وسجل العثماني، في كلمة القاها اليوم (السبت) بالجلسة الافتتاحية للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب، أن هذه التعديلات التي جاءت بها بعض الفرق النيابية خرجت عن منطق التوافق الذي كان يحكم إعداد القوانين الانتخابية طيلة العقدين الماضيين.

التعديلات ليس لها من تفسير
واعتبر العثماني أن التعديلات ليس لها من تفسير، وفق ما أكد على ذلك عدد من الأكاديميين وأساتذة القانون الدستوري، سوى أنها تستهدف الحظوظ الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، مسجلا أن هذا دليل على أن "العدالة والتنمية" حزب حي ومستقل في قراره.
وشدد العثماني على أن الحزب سيواصل بجميع الوسائل الدستورية والقانونية والسياسية التصدي لتلك التعديلات التي يراها غير ديمقراطية، معتبرا أن رفض الحزب لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، موقف وطني ديمقراطي وليس هاجسا انتخابيا مصلحيا على عكس منطق المغالطات التي يروجها البعض، من أن الحزب يرفض هذه التعديلات لضررها على نتائجه الانتخابية، ولأنها تحد من سعيه إلى الهيمنة، مع العلم أن نمط الاقتراع النسبي اللائحي المعتمد بالمغرب منذ 2002، حدد سقفا معينا في عدد المقاعد الانتخابية، ومنع أي حزب من الحصول على الأغلبية المطلقة.
وسجل العثمان أن الديمقراطية الحقة هي أكبر من مجرد عملية انتخابية، وأن العمل السياسي لا ينحصر في اللحظات الانتخابية، وأن وظيفة الأحزاب لا تنحصر في الانتخابات وخوض غمارها، بل تتجاوز كل ذلك بمنطوق الدستور إلى وظائف أخرى على المستويات السياسية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
واعتبر العثماني أن الوصول إلى مناصب المسؤولية عن طريق العمل في الميدان، تواصلاً مع المواطنين، واجتهادا في بلورة البرامج السياسية وتنفيذها من قبل الأحزاب أمر عادي ونتيجة طبيعية في العمل السياسي والحزبي، مشددا على أن الأمر غير العادي هو أن تسعى أحزاب تخلّت عن وظائفها ،وقصّرت في أدوارها الدستورية ووظائفها السياسية، وتستعيض عن ذلك بحيل قانونية لم ترد في مذكراتها السياسية ولم تترافع عنها يوما ما، لمواجهة حزب العدالة والتنمية.
وأوضح العثماني أن بعض الأحزاب السياسية اصطفت ضدا على مقترحاتها التي وردت في مذكراتها الانتخابية المقدمة إلى وزارة الداخلية، من خلال الدفع باعتماد تعديلات على القاسم الانتخابي، مسجلا أن هذا النمط الذي جرى تمريره في البرلمان، يعتبر خطورة تراجعية تهدف إلى السعي نحو مواقع معينة في المؤسسات المنتخبة دون الاستناد إلى عمل سياسي مقنع للمواطنين.

حزب وطني .. مسؤول وحي
وقال العثماني ان "العدالة والتنمية " حزب وطني مسؤول وحي يتفاعل أعضاؤه مع المتغيرات السياسية، وفق منهج يجمع ما بين الحرية والمسؤولية، مضيفا أن "الأحزاب القوية ذات المشاريع الكبيرة، تعترضها دائما الصعوبات وتواجه التحديات والابتلاءات المستمرة بعزيمة صلبة لا تلين".
وأشار العثماني الى أن" العدالة والتنمية" عقد العزم على أن يبقى وطنيا يتعالى على الإشكالات الصغيرة وينظر إلى الأمور بجدية، مهما تكن صعوبات الظروف والمراحل التي نمر منها.
وذكر العثماني أن الابتلاء سُنة إلهية في الوجود تتكشف من خلالها معادن وحقيقة الناس لأنها امتحانات للأفراد وللمجموعات، حول ردّ الفعل. هل سيكون إيجابيا ومعقلنا وحكيما أم سيكون مهووسا بالأهواء والمصالح الشخصية والذاتية.
وأوضح العثماني أن ما ميز حزبه طيلة مساره السياسي، هو اعتماد المدخل المؤسساتي للتعبير الحر والمسؤول عن مختلف الأداء والتوجهات والمقاربات.


حصيلة مشرفة في التدبير
وقال العثماني، وهو ايضا رئيس الحكومة المغربية، إن حصيلة الحزب في التدبير مشرفة رغم حملات التشهير والتشويش المتواصل، والتشكيك في تجربة الحزب في التدبير، مسجلا في المقابل أن جميع المؤشرات والنتائج وشهادات عدد من الخبراء والسياسيين عبر العالم تشيد بالنتائج التي حققها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وأشار العثماني إلى تنويه عدد من المؤسسات الدولية بالتجربة المغربية، وما تحقق خلال المرحلة الأخيرة، على مستوى الحكامة والاقتصاد والتدبير وعلى الصعيد الاجتماعي، فضلا عن مواجهة الأزمات ومعالجتها على غرار ما جرى إقراره فيما يتعلق بالجهود الحكومية لمواجهة جائحة "كورونا"، بكل تداعياتها الصعبة.
وعد العثماني هذه النجاحات من ضمن أسباب مختلف المناكفات التي يتعرض لها الحزب.


الحزب قلق من التطورات في فكيك
على صعيد اخر، قال العثماني إن الحزب يتابع بقلق التطورات الأخيرة بإقليم فكيك (شرق المغرب) ، ويعتبر أن منع بعض الفلاحين المغاربة من ولوج أراضيهم التي يستغلونها شمال واد العرجة "تصرف غير مقبول وعمل مدان".
وذكر العثماني ان حزبه لديه كامل الثقة في السلطات المغربية، التي ستعمل بحزم وبحكمة على إيجاد حل ناجع لهذا الإشكال، وذلك في اشارة الى اخلاء السلطات الجزائرية لاراضي فلاحين مغاربة تقع على الحدود بدعوى انها اراض جزائرية ، ابتداء من 18 مارس الجاري.
على صعيد ذي صلة، قال الأمين العام للحزب، إن ملف الوحدة الترابية للمملكة يشهد تحولات نوعية واستراتيجية، وهي تحولات تتكرس مع مرور الوقت وازدادت في المرحلة الأخيرة بفتح مزيد من القنصليات ومواصلة الإجراءات العملية لتنفيذ الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء وتوالي الدينامية الوطنية تجاه افريقيا وغيرها من الخطوات الإيجابية التي لا يمكن إلا تثمينها والعمل على تكريسها بشكل أكبر.
وسجل العثماني أنه بسبب هذه النجاحات يزداد التشويش الإعلامي الانفصالي المروج للأخبار الزائفة والاتهامات المغرضة ضد المغرب، والتي تتصدى لها القوى الحية الوطنية بقوة وحزم، مضيفا "سنكون في حزب العدالة والتنمية، سعداء بالإسهام في الرد على هذه الاتهامات والدفاع عن بلادنا".


دعم لا مشروط للقضية الفلسطينية
وبشأن القضية الفلسطينية، قال العثماني إن "العدالة والتنمية" لا يزال وفيا للثوابت التي يعلنها دائما والدعم اللامشروط للقضية الفلسطينية، ومستمر على هذا النهج، مع رفض انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد القدس والمقدسيين والفلسطينيين عموما.
وأوضح العثماني أنه وفاءً من حزب العدالة والتنمية لهذا الخط، فقد عمل على إحداث لجنة فلسطين تحت إشراف الأمانة العامة تتكلف تنسيق المبادرات الحزبية.
وأضاف العثماني أن من مهام لجنة فلسطين اقتراح المزيد من البرامج لدعم القضية الفلسطينية، مشيرا في السياق ذاته، إلى أنه تم تعيين المشرف على عمل هذه اللجنة واستكمال تعيين أعضائها، منذ نحو أسبوع.

رفض استقالة اليزمي
في غضون ذلك رفض المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية استقالة الدكتور ادريس الأزمي الادريسي من رئاسة المجلس الوطني بأغلبية ساحقة.
ويواصل المجلس الوطني الاحد نقاش مضامين التقرير السياسي، وينتظر أن يصدر عن المجلس بيانا ختاميا بناء على النقاش السياسي وتوصيات أعضائه.