نيودلهي: أثارت استقالة أحد أبرز المفكّرين في الهند والمعارض الشرس للحكومة براتاب بانو ميهتا من جامعة مرموقة احتجاجات طلابية وقلقا حيال حرية التعبير في كبرى ديموقراطيات العالم.

ولطالما أبدى ميهتا، الباحث القدير في النظرية السياسية والقانون الدستوري، انزعاجه منذ فترة طويلة من حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إذ كتب مقالات وألقى كلمات لاذعة تدين "موت الليبرالية".

وسبق لخريج جامعتي أكسفورد وبرينستون المرموقتين أن استقال من منصب نائب رئيس جامعة أشوكا في عام 2019، لأن الأمناء كانوا قلقين من آرائه المباشرة، لكنهم أبقوه في منصب أستاذ العلوم السياسية.

لكنه رفع راية الاستسلام الأسبوع الماضي، قائلا إن مجلس إدارة الجامعة، التي تأسست عام 2014 وباتت معقلا لليبرالية، أصبح يعتبره "عبئا سياسيا".

وقال في خطاب استقالته "كتاباتي العلنية الداعمة لسياسة تحاول احترام القيم الدستورية للحرية والاحترام المتساوي لجميع المواطنين، يُنظر إليها على أنها تنطوي على مخاطر على الجامعة".

وذكرت صحيفة "إنديان إكسبرس" اليومية أن مؤسسي "أشوكا" اجتمعوا بميهتا مؤخرا وأبلغوه إنهم لم يعد بإمكانهم حمايته في "البيئة السياسية الحالية".

ووفقا لصحيفة طلاب الجامعة، فإن استقالة ميهتا حظيت بتأييد مجلس الإدارة لأنها ستسرع من جهود الحصول على الأرض اللازمة للتوسع.

"ضغط سياسي"

ولم تعلق الجامعة بعد على الجدل، لكن الأمور تصاعدت الخميس الماضي عندما استقال كبير المستشارين الاقتصاديين السابق للحكومة أرفيند سوبرامانيان من "أشوكا" تضامنا.

ونقلت تقارير إعلامية عن خطاب استقالته أنه "أمر مقلق بشكل ينذر بالسوء كون أن الجامعة لم تعد قادرة على توفير مساحة للتعبير الأكاديمي والحرية".

ونظم الطلاب تظاهرات على مدى أيام في حرم "أشوكا" خارج نيودلهي للمطالبة بمقاطعة الفصول الدراسية.

كما أصدرت هيئة التدريس بالجامعة بيانا قالت فيه إن رحيل ميهتا "يثير تساؤلات ملحّة بشأن التزام الجامعة بالحرية الأكاديمية وكذلك عملياتها الداخلية".

وقال أكثر من 150 أكاديميا حول العالم، بمن فيهم اساتذة في جامعات "كولومبيا" و"ييل" و"أكسفورد"، في حديث مفتوح إنهم "حزينون للغاية" لأن ميهتا استقال "تحت ضغط سياسي".

وشددوا على أن قيم "البحث الحر والصراحة والتمييز الدقيق بين مطالب الأمانة الفكرية وضغط السياسيين أو الممولين أو العداء الأيديولوجي.. تتعرض للاعتداء كلما تمت معاقبة عالم بسبب محتوى الخطاب العام".

"استبداد انتخابي"

واستخدمت السلطات الهندية في عهد مودي بشكل متزايد القوانين التي يعود تاريخها إلى الحقبة الاستعمارية لاعتقال الأشخاص بتهمة "الفتنة" بمن فيهم ناشط في مجال تغير المناخ يبلغ من العمر 22 عاما الشهر الماضي.

حتى أنه تم اعتقال الممثل الكوميدي منور فاروقي في كانون الثاني/يناير قبل أن يصعد على خشبة المسرح للاشتباه في أنه كان ينوي إهانة الآلهة الهندوسية خلال عرضه.

وبحسب القواعد المرتقبة للنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، تم إجبار شركات التكنولوجيا على الكشف عن أصل أي "تغريدة أو رسالة مؤذية".

وخفضت مؤسسة "فريدوم هاوس" الفكرية تصنيف الديموقراطية الهندية هذا الشهر من "حرة" إلى "حرة جزئياً".

وأوضحت المؤسسة "بدلا من أن تكون رائدة للممارسة الديمقراطية وتمثل ثقلًا موازنًا للنفوذ الاستبدادي من دول مثل الصين، يدفع مودي وحزبه الهند بشكل مأساوي نحو الاستبداد".

وترفض الحكومة تلك التقارير، بينما انتقد وزير الخارجية سوبراهمانيام جايشانكار "نفاق" الذين "نصّبوا أنفسهم أوصياء على العالم".