بروكسل: أعلنت واشنطن الأربعاء تعهدات تظهر رغبتها في ترميم التحالف مع الاتحاد الأوروبي والتنسيق مع شركائها في مواجهة روسيا والصين دون تسليط ضغوط عليهم.

وبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء عملية الإقناع في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويختتمها مساء الخميس الرئيس جو بايدن بكلمة له خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي.

إثر اجتماعاته في مقر الناتو، تنقّل الوزير الأميركي للقاء رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. وأعاد بلينكن تأكيد الأولوية المعطاة للشراكة مع الاتحاد الأوروبي والرغبة في التنسيق حول مواجهة روسيا والصين.

ورحّب قادة الاتحاد الأوروبي برسائل واشنطن التي تهدئ كثيرا من مخاوفهم.

وقال بلينكن لنظرائه في الناتو "لن ترغم الولايات المتحدة حلفاءها على الاختيار +بيننا وبينهم+".

وأضاف "نعلم أن لحلفائنا علاقات معقدة مع الصين لن تتطابق دائما مع علاقاتنا".

لطالما أبدى الأوروبيون إحجامهم عن الدخول في صراع مع بكين كما أراد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

وأبرم الاتحاد الأوروبي نهاية كانون الأول/ديسمبر 2020 اتفاقا مع الصين حول الاستثمارات طالبت به ألمانيا.

لكن التعاون مع بكين اصطدم بجدار رفضها تقديم التزامات حول العمل القسري وإنهاء اضطهاد أقلية الأويغور.

في تصريح لفرانس برس، قال صحافي قبل القمة الأوروبية إن "هناك معارضة شديدة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن هذا الاتفاق والشروط السياسية للتوقيع عليه غير مستوفاة". وأوضح أنه لا توجد حاجة لتدخل واشنطن.

يبدو أن توافق واشنطن مع الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع روسيا أيسر.

في هذا السياق، قال أنتوني بلينكن "بينما نعمل مع روسيا لتعزيز مصالحنا ومصالح الحلف (الناتو)، نسعى أيضا إلى محاسبة روسيا على أعمالها الطائشة والنزاعيّة".

على غرار الموقف إزاء الصين، نسّقت واشنطن مع الأوروبيين العقوبات ضد روسيا إثر إدانة المعارض أليكسي نافالني وقمع أنصاره.

رغم ذلك، لا يتردد الرئيس جو بايدن في التصادم مع بعض الحلفاء. إذ هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات العاملة في مشروع خط غاز "نورد ستريم2" الرابط بين روسيا وألمانيا والذي ينقسم الأوروبيون حول الموقف منه.

ولم يبد وزير الخارجية الأميركي أي تراجع في هذا الملف خلال مقابلة مع نظيره الألماني هايكو ماس.

لكن خفّفت واشنطن موقفها حول تمويل ميزانيات الدفاع. وتواجه ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا صعوبات في تحقيق هدف تخصيص 2 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لميزانية الدفاع بحلول عام 2024.

وقال بلينكن الأربعاء في اجتماع حلف الناتو "نحن ندرك الحاجة إلى رؤية أكثر شمولية لتقاسم الأعباء".

في السابق كانت القطيعة تامة مع دونالد ترامب الذي اتهم الألمان بأنهم "مسدد سيء"، وبأنهم يساهمون في المجهود الحربي الروسي من خلال شرائهم الغاز منها.

استمع وزير الخارجية الأميركي أيضا إلى مشاغل عدة حلفاء أوروبيين حول سلوك تركيا العدائي.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن بلينكن قام خلال حديثه مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو ب"حثّ تركيا على عدم إبقاء نظام الدفاع الجوي الروسي اس-400، وعبّر عن قلقه من انسحاب تركيا من اتفاق اسطنبول (حول حماية المرأة) وشدّد على أهمية المؤسسات الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان".

وقال دبلوماسي أوروبي لفرانس برس "أظهر بلينكن أن واشنطن تدرك حجم الرهانات في رغبتها تنشيط التحالف والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي".

وأضاف أن "حديث الرئيس بايدن مع قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم يرسل الرسالة الصحيحة حول استعداده الصادق للتشاور مع الحلفاء قبل اتخاذ أي قرار".