"إيلاف" من لندن : أنهى البرلمان العراقي بموافقته على موازنة البلاد العامة لعام 2021 ثلاثة اشهر من الخلافات والنقاشات الصعبة تمحورت في معظمها حول مطالب اقليم كردستان وتخصيصات اعمار المناطق المحررة من داعش حيث جاءت تقشفية زيدت فيها الضرائب فيها وقُلصت التعيينات الجديدة في مؤسسات الدولة.

وصوت البرلمان في ساعة متأخرة من مساء أمس الاربعاء على الموازنة البالغة حوالي 90 مليار دولار بعد الاتفاق على حصة اقليم كردستان منها حيث نصت المادة 11 منها على تسليم الاقليم لنفطه المنتج بمعدل 460 ألف برميل يومياً يخصم منه 30 ألف برميل لتغطية الاستهلاك المحلي وإنتاج الكهرباء و180 ألف برميل لتسديد تكاليف الإنتاج والتصدير اضافة الى 20 ألف برميل هي مستحقات البترودولار على أن تسلم قيمة 250 ألف برميل المتبقية منه إلى شركة تسويق النفط الوطنية "سومو.. وكذلك تسليم 50% من الإيرادات غير النفطية في الاقليم للحكومة الاتحادية بالمقابل تلتزم الحكومة بتسديد رواتب موظفي الإقليم ومنح كردستان نسبة 12.67 من قيمة الموازنةالعامة .. فيما تم الغاء فقرة تنص على انه في حال عدم التزام حكومة الاقليم بالاتفاقية فان بغداد لن ترسل اي مبالغ مالية اليها.
واقرت الموازنة تخصيص مبالغ لبناء 1000 مدرسة بمختلف المحافظات حسب النسبة السكانية ومبالغ لتحسين الطاقة الكهرباء وزيادة الانتاج في مختلف المحافظات اضافة الى مبالغ للصحة لبناء مستشفيات سريعة الانجاز بسعة 100 سرير للواحدة.

كما تم حذف المادة التي تنص على استقطاعات من مرتبات موظفي الدولة. ومرر البرلمان مادة تؤكد على تخصيص 30 ألف درجة وظيفية لإعادة المفسوخة عقودهم من منتسبي الحشد الشعبي.

آمال في مواجهة الفساد
ومن جهته اعتبر رئيس الوزراء مصفى الكاظمي إقرار البرلمان للموازنة الاتحادية "خطوة مهمة إلى الأمام رغم الملاحظات، ودليل على أن العمل التضامني هو ما يحقق التقدم والاستقرار". وقال في تغريدة له "ان هج الصِدام والأزمات لن يوصلنا إلى نتيجة، لنبدأ بالعمل خدمة لشعبنا. أتطلع إلى استكمال الإطار التشريعي للانتخابات بالمصادقة على قانون المحكمة الاتحادية".

كما رحب الرئيس العراقي برهم صالح بالتصويت على الموازنة وقال في تغريدة له "نُبارك التصويت على الموازنة ونُحيي العمل الدؤوب بين الحكومة والبرلمان واملنا ان يلبي تطلعات شعبنا لظروف معيشية افضل". ونوه الى انه "‏امامنا الآن استحقاق التنفيذ بما يضمن مصالح المواطنين واعمار الوطن، واتخاذ اقصى الاجراءات لإسناد الطبقات محدودة الدخل وتوفير فرص العمل لشبابنا ومكافحة الفساد".

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فقد علق في تغريده له على تصويت البرلمان للموازنة قائلا "بعد إقرار الموازنة داخل قبة البرلمان نتمنى أن تكون هذه الموازنة بعيدة عن متناول الفاسدين وأن تكون هناك جدية في تنفيذ بنودها ولاسيما المشاريع الخدمية والمتلكئة وغيرها، والا سيصاب الشعب بخيبة أمل مرة اخرى.. ولقد اعذر من انذر".
كما بارك رئيس تحالف عراقيون عمار الحكيم "للشعب العراقي هذا الإنجاز المهم وما تضمنه مشروع الموازنة من مواد مهمة لدعم الفقراء وذوي الدخل المحدود.

ومن جانبه قال رئيس وزراء اقليم كردستان مسعود بارزاني في بيان "ان الامل يحدونا بأن يمهد قانون الموازنة إلى التعافي من حقبة التحديات الاقتصادية العصيبة في العراق وإقليم كردستان". واضاف "لقد كان هذا القانون تسوية وكان ضرورياً للعراق وإقليم كردستان ولم نحصل على كل ما نسعى إليه لكن هذا القانون يتوافق مع المبادئ الرئيسية للدستور الذي لم نتراجع عنه حيث تم الاعتراف بحقوق وواجبات كلا الجانبين ونحن نشجع على ما أُحرز من تقدم ويسرنا ما تم تحقيقه".

تجاوز عقدة صرف الدينار العراقي
وقد تم التصويت على الموازنة بعد تخطي خلافات صعبة شهدها البرلمان خلال الايام الاخيرة تمحورت حول صرف الدينار العراقي مقابل الدولار والبالغ 1450 حيث دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي امس الى ضرورة "الإسراع في إقرار قانون الموازنة وما تتضمنه من فقرات تعالج احتياجات الطبقات الأكثر فقراوتدعم المشاريع الخدمية ذات المساس بحياة المواطن".

وطالب الكاظمي الكتل البرلمانية بـ "الابتعاد عن المزايدات في قضية سعر صرف الدولار".. مشددا على أن قرارتخفيض قيمة الدينارتم اتخاذه من قبل البنك المركزي وفق رؤية واستراتيجية هادفتين. وقال خلال ترؤسه لاجتماع حكومته الثلاثاء "إن العراق بدأ يلمس نتائج القرار على نمو الاحتياطي النقدي وعلى تصنيف العراق الائتماني دوليا".
كما حسم البنك المركزي العراقي الجدل حول سعر صرف الدينار مقابل الدولار والمطالبة بتخفيضه مشددا على أنه "لا عودة للسعر السابق، ولن يتم تخفيض السعر بأي حال من الأحوال".. مؤكدا أنه لا نية لرفع السعر عن 145 ألف دينار لكل 100 دولار.

عجز قيمته 22 مليار دولار
وكانت الحكومة العراقية قد صوتت مطلع العام الحالي في جلسة استثنائية على مشروع الموازنة الاتحادية لعام 2021 حيث بلغت قيمتها حوالي 90 مليار دولار بينما تصارع البلاد أزمة اقتصادية ومالية حادة بسبب انخفاض اسعار النفط التي يعتمد عليها الاقتصاد العراقي بنسبة 96 بالمائة و انتشار جائحة كورونا.
وكشف مصدر برلماني إن العجز في الموازنة يبلغ حوالي 22 مليار دولار.. منوها الى الموازنة تستند إلى سعر عالمي للنفط قدره 45 دولاراً للبرميل.

زيادة الضرائب
وتفرض الموازنة ضريبة على البنزين ووقود الطائرات بنسبة 20٪ وسيصبح سعر لتر البنزين 540 دينارا بدلا من 450 دينارا ورفع سعر وقود الغاز بنسبة 15٪ وكذلك فرض ضريبة مبيعات 10٪ على جميع الموالات التجارية والسكائر والسيارات والمشروبات الكحولية ومحلات الحلاقة الرجالية والنسائية.

كما فرضت الموازنة الاتحادية ضرائب بنسبة 100 بالمئة على السكائر و200 بالمئة على المشروبات الكحولية و15 بالمئة على الوقود المستورد الذي يباع عن طريق المحطات مباشرة وبنسبة 10 على مبيعات السيارات.
ومنعت الموازنة التعيين في دوائر الدولة كافة بأسلوب التعاقد مع إمكانية تجديد العقود السابقة في حال وجود ضرورة لذلك وتحتسب مدة التعاقد للمثبتين على الملاك الدائم بعد تاريخ 9 / 4 / 2003.

وشهدت المسودة استمرار فرض ضريبة المبيعات على خدمة تعبئة الهاتف النقال وشبكات الانترنت بنسبة 20 بالمئة، وفرض طابع بريدي قدره 25 ألف دينار للشخص الواحد عن السفر الخارجي وطابع آخر بقدره 10 آلاف على السفر الداخلي.

وتم احتساب الايرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس سعر 42 دولاراً للبرميل وبمعدل تصدير 3 ملايين و250 الف برميل يومياً بضمنها 250 الف برميل مصدرة من اقليم كردستان.
وقيدت الموازنة جميع الإيرادات المتحققة فعلياً كإيرادات نهائية لحساب خزينة الدولة. وتذكرأن عدد موظفي الدولة يبلغ 3.25 مليون من ضمنهم 682 الف موظف في اقليم كردستان رواتبهم 41،5 تريليون دينار ورواتب اخرى 6 تريليون والمتقاعدين 20 تريليونا وللضمان الاجتماعي 9،6 تريليونات وفوائد على قروض الديون 4،6 تريليونات ودفعات القروض الخارجية : 6،8 تريليونات.

إجراءات تقشفية
وخفضت الموازنة جميع المخصصات الممنوحة لمنتسبي دوائر الدولة كافة الممولة مركزيا وذاتياً واشارت الى ان جميع القروض والسندات والحوالات وتعاقدات المشاريع الممولة بالقروض ستكون معفاة من الضرائب والرسوم الكمركية للمشاريع المستمرة والجديدة .
وألزمت الموازنة الوزارات الاتحادية والجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظات كافة بتغطية احتياجاتها من المنتجات المحلية بما فيها منتجات القطاع الخاص التي تتوفر فيها قيمة مضافة تزيد على نسبة 20% .
يشارالى ان حكومة الكاظمي قد اتخذت منذ توليها السلطة في أيار مايو من العام الماضي سلسلة إجراءات تقشفية هدفت إلى خفض النفقات تماشيا مع تراجع الإيرادات وأجرت تعديلات واسعة في إدارة الإيرادات المالية أبرزها المنافذ الحدودية في مسعى لإنهاء الفساد ورفد خزينة الدولة بالأموال.