دريسدن: عمد اليمين المتطرف الألماني إلى كتم انقساماته وتركيز جهوده على مهاجمة "جنون" القيود الصحية المفروضة، مفضلا التريث قبل اختيار مرشحيه لانتخابات أيلول/سبتمبر.

لم تعد فترة دخول نواب حزب البديل لألمانيا إلى المجلس في 2017، والذي كان بمثابة زلزال جعل منه أكبر قوة معارضة للمستشارة أنغيلا ميركل، سوى ذكرى بعيدة.

فالحزب اليميني المتطرف الذي أنشئ عام 2013 يواجه أزمة هوية وقيادة خطيرة هددت بالظهور إلى العلن في نهاية هذا الأسبوع بمناسبة عقد مؤتمره في دريسدن، معقل حركة بيغيدا المعادية للإسلام في ألمانيا الشرقية سابقا، ومؤخرا مركز معارضي القيود المفروضة لمكافحة وباء كوفيد-19.

غير أن قيادة الحزب ومعارضيها من الجناح الراديكالي القريب من النازيين الجدد قرروا موقتا التغاضي عن انقساماتها.

وتم في هذا السياق سحب مذكرات تطالب بانتخاب المرشحين على رأس لوائح الانتخابات التشريعية المقررة في 26 أيلول/سبتمبر منذ نهاية هذا الأسبوع، وهو ما كان يدعو إليه زعيم الحزب المثير للجدل يورغ مويتن.

غير أنه من غير المتوقع حصول مفاجآت بهذا الصدد، إذ يعتبر الرئيس المشارك تينو شروبالا، النائب عن مقاطعة ساكسن البالغ 45 عاما، الأوفر حظا لتمثيل الجناح المتشدد من الحزب في البرلمان، ضمن الرئاسة المشتركة المقبلة.

أما الطرف الثاني، فمن المتوقع أن تمثله يوانا كوتار، النائبة في هيسن (غرب) البالغة 48 عاما والتي تدربت على السياسة في الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل.

وسيتوليان قيادة الكتلة النيابية للحزب خلفا لألكسندر غاولاند (80 عاما) وأليس فيدل التي تواجه شبهات تمويل غير قانوني وأكدت السبت أنها ليست مرشحة لتولي مسؤوليات جديدة.

كما تم رد مذكرة قدمها عدد ضئيل من أصل المندوبين الـ600 لإقالة مويتن باعتباره غير أهل "للاضطلاع تحدي وظيفته".

في المقابل، من المحتمل التصويت على مذكرة أخرى تحدد عدد الولايات في قيادة الحزب بولايتين، ما سيؤدي إلى رحيل مويتن في نهاية السنة.

وبحسب جدول الأعمال الرسمي، فإن اجتماع الحزب مخصص لعرض البرنامج الانتخابي المشابه في خطوطه العريضة لبرنامج 2017.

فالمواضيع الرئيسية هي ذاتها، من الخروج من اليورو إلى إعادة فرض الخدمة العسكرية الإلزامية، مرورا بحصر الهجرة باستقبال "مسيحيين مضطهدين ومزارعين بيض من جنوب إفريقيا" والتقارب مع روسيا.

لكن قادة البديل لألمانيا ركزوا هجماتهم على الصعيد الصحي.

فيؤكد الحزب الساعي لاستغلال الحركة المناهضة للكمامات الناشطة بصورة خاصة في ألمانيا، أنه يريد وضع حد لـ"فورة تدابير الحظر والحبس تلك، وهوس الإغلاق"، بحسب ما أعلن مويتن.

وعشية فرض قيود جديدة مرتقبة تدعو إليها أنغيلا ميركل والمقاطعات الألمانية، أعلن حزب البديل لألمانيا السبت شعاره وهو "ألمانيا. إنما طبيعية"، ما يعني بدون القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19.

غير أن البديل لألمانيا يجد صعوبة منذ بدء تفشي الفيروس في إسماع صوته واستغلال ملل المواطنين بعد عام من القيود والإغلاق. وما يزيد الأمر صعوبة أن معاقله في ألمانيا الشرقية السابقة باتت في نهاية 2020 بؤر الإصابات الرئيسية في البلاد.

ولا تزال نسب التأييد للحزب في استطلاعات الرأي تراوح منذ أشهر عند حوالى 10% من نوايا الأصوات، مقابل 12,6% قبل أربع سنوات. وإن كان عزز موقعه في مقاطعات ألمانيا الشرقية السابقة، إلا أن التأييد له تراجع بشكل واضح في الغرب.

كما أن الشرطة تهدد بوضعه الحزب رسميا تحت الرقابة لاتهامه بالمساهمة في عودة الإرهاب اليميني المتطرف إلى الظهور في ألمانيا.

وأوضح الخبير السياسي المتخصص في اليمين المتطرف هايو فونكه من جامعة برلين الحرة، متحدثا لفرانس برس أن البديل لألمانيا "تطرف كثيرا" في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى "انقسام الحزب إلى اثنين".

وأضاف فونكه أن البديل لألمانيا "لا يعتبر حاليا حزبا يمكن تشكيل ائتلاف معه" مشيرا إلى أنه "عزل نفسه" وتراجعت شعبيته بعد سلسلة اعتداءات يمينية متطرفة استهدفت مهاجرين ويهودا منذ 2019، ومع تفشي الوباء الذي لم يقترح بمواجهته سوى "موقف متبدّل فوضوي".