باريس : يُطرح مشروع قانون جديد حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب الاربعاء على مجلس الوزراء الفرنسي، بعدما عملت وزارة الداخلية "منذ أشهر" على صياغته مؤكدة أنه لا يشكل "ردا" على الهجوم مؤخرا على مركز شرطة في باريس.

وأعرب وزير الداخلية جيرالد دارمانان عن حزمه بعد يومين من الهجوم الذي أسفر عن مقتل شرطية في مركز رامبوييه بضاحية باريس ذبحا بيد إسلامي تونسي، فكشف الخطوط العريضة للنص في حديث لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" مؤكدا "يدنا لا ترتجف". وجاءت المقابلة الطويلة مع الوزير بمثابة رد على انتقادات المعارضة بعد الهجوم.

وقبل عام من الانتخابات الرئاسية، وفي وقت يتصدر الأمن اهتمامات الفرنسيين بعد الصحة والأزمة الصحية في استطلاعات الرأي، يأتي مشروع القانون في الوقت المناسب للسلطة التي وضعت السيادة في طليعة جدول أعمالها.

وأكد مصدر قريب من الحكومة أن إدراج مشروع القانون على جدول أعمال مجلس الوزراء المقرر الاربعاء، بعد أسبوع على صدور توجيه بهذا الصدد عن مجلس الدولة، كان مقررا "منذ عدة أيام" وفق ما أكد مصدر قريب من الحكومة، نافيا الاتهامات بتسريع التوقيت بصورة انتهازية في أعقاب الاعتداء.

وشهدت فرنسا في السنوات الأخيرة موجة اعتداءات غير مسبوقة نفذها إسلاميون متطرفون وأوقعت أكثر من 260 قتيلا.

يستند النص الذي أعده وزير الداخلية على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس، فيعيد صياغتها من أجل إرسائها في قانون.

ويهدف القانون المؤلف من 19 بندا بشكل أساسي إلى "تحديث" بل تعزيز عدد من أحكام قانون الاستخبارات الصادر في تموز/يوليو 2015 وقانون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2017، على ما أوضحت وزارة الداخلية.

وإلى عمليات الدهم الإدارية المعروفة بـ"الزيارات المنزلية" التي كثفها دارمانان بعد قتل المدرّس سامويل باتي بقطع الرأس في اعتداء نفذه إسلامي متحدر من الشيشان في تشرين الأول/أكتوبر 2020، سيكون بالإمكان مصادرة معدات معلوماتية في حال رفض مشتبه به كشف محتوياتها.

كما سيكون بالإمكان تمديد تدابير المراقبة الفردية (الإقامة الجبرية) "إلى حد سنتين" بعد الخروج من السجن بالمقارنة مع سنة واحدة حاليا للاشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن ثلاث سنوات على أقل تقدير مع النفاذ بتهم الإرهاب.

ويسمح النص باتخاذ تدابير قضائية بحق هؤلاء "الخارجين من السجن" إذا كانوا يطرحون "خطرا كبيرا" بتكرار فعلتهم، من بينها اتخاذ مقر إقامة في مكان معين أو الخضوع لـ"رعاية صحية"، وذلك لفترة تصل إلى خمس سنوات بعد قضاء عقوبتهم.

وأوضح وزير العدل إريك دوبون موريتي صباح الاربعاء عبر شبكة "فرانس 2" أن "هذا يتعلق بما يقل عن مئة معتقل تمت إدانتهم، سيخرجون (من السجن) وسيتعين متابعتهم ومتابعتهم عن كثب".

من جهة أخرى، ينص مشروع القانون على منع أي شخص ملزم بالإقامة في دائرة جغرافية معينة، من الحضور إلى مكان "يجري فيه حدث يواجه من حيث حجمه أو طبيعته مخاطر إرهابية خاصة" مثل مسابقة رياضية أو مهرجان موسيقي.

وفي شق الاستخبارات، يرسي النص وسيلة موضع جدل هي تقنية الخوارزمية التي تسمح بمعالجة بيانات الاتصال بشكل آلي لرصد أي مخاطر، مع توسيعها لتشمل عناوين الإنترنت. كما سيتم تمديد المدة المسموحة لجمع بيانات الإنترنت إلى شهرين، مقابل شهر واحد حاليا.

وبعد انقضاء هذه المهلة تعتبر البيانات "ميتة" لكن يمكن الاحتفاظ بها خمس سنوات لأهداف البحث والتطوير ولا سيما في مجال وسائل الذكاء الاصطناعي المستخدمة في "الصناديق السوداء"، وهي الخوارزميات التي تسمح لأجهزة الاستخبارات بتحليل بيانات الاتصال بالإنترنت لرصد أي مؤشرات مشبوهة.

وسئل دارمانان عن المخاطر التي قد يطرحها مشروع القانون الجديد على الحريات الفردية، فدعا إلى التخلي عن "السذاجة"، متسائلا "كل الشركات تستخدم خوارزميات، والدولة هي الجهة الوحيدة التي لا يمكنها استخدامها؟"

ومن المتوقع أن يثير مشروع القانون الذي ينبغي صدوره قبل 31 يوليو مناقشات محتدمة في البرلمان، وقد يؤدي إلى موجة احتجاجات جديدة في صفوف المدافعين عن الحريات العامة.