ايلاف من لندن: عبر العراق الجمعة عشية مفاوضات مقررة مع ايران عن تفاؤله بزيادتها للغاز المصدر اليه لتوليد الطاقة الكهربائية مع تجاوز درجات الحرارة الاربعين مئوية في بعض مناطقه فيما قال السفير الايراني في بغداد ان المناقشات ستشمل ديون بلاده على العراق والبالغة 4 مليارات دولار جراء تزويده بالغاز.

وأكد وزير الكهرباء العراقي ماجد مهدي حنتوش عن تفاؤله بتجاوب الجانب الإيراني بإطلاق الكميات المطلوبة من الغاز إلى العراق.. منوها الى ان الامل يحذوه بان تسفر زيارته الى ايران الاسبوع المقبل عن تحقيق ما خططت له وزارته من تجهيز الكميات المطلوبة من الغاز لجميع المحطات الكهربائية". وأضاف في تصريحات للوكالة العراقية الرسمية تابعتها "ايلاف" إن "جميع الوزارات تدعم جهود وزارة الكهرباء وبتوجيه من مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي".

ولفت إلى أن " ترشيد الطاقة سيسمح بتجهيز المواطنين 24 ساعة يومياً من الكهرباء رغم حاجة العراق الى 28 ألف ميغاواط.. مستدركا بالقوله انه "لا يمكن خلال أشهر قليلة معالجة مشكلة تراكمت لسنوات".

ومن جانبه علق السفير الايراني في العراق إيرج مسجدي الجمعة في تغريدة على "تويتر" على المباحثات بالقول "إن زيارة وزير الكهرباء العراقي ماجد حنتوش المرتقبة إلى إيران "تتماشى مع التعاون بين البلدين في مجال الطاقة وتسريع سداد المطالبات المالية الإيرانية".

استقرار صادرات الغاز

أما المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي فقد اشار الى ان المفاوضات ستركز على موضوع استقرار إمدادات الغاز الإيراني المُجهز للمحطات الانتاجية في العراق مع اقتراب موسم الصيف وإشعار الجميع بأن ملف الكهرباء في العراق أضحى ملفاً حاكماً وحيوياً".

واوضح أن "الجانب الإيراني يجهز العراق حالياً بـ 20 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً وهذه الكمية لا تلبي حاجة العراق لتشغيل محطاته الكهربائية التي تعتمد على هذا الغاز والتي تصل الحاجة الفعلية لها خلال فصل الصيف الى 70 مليون قدم مكعب يومياً". واضاف ان الوزير سيبحث أيضاً ملف الديون المستحقة لإيران على العراق من تصديرها الغاز اليه والبالغة بحدود 4 مليارات دولار .

ويحتاج العراق حاليا إلى رفع طاقته الإنتاجية بنحو الضعف لتأمين مستويات مستقرة من الطاقة الكهربائية حيث ينتج ويستورد 19 ألف ميغاواط في الساعة فيما يحتاج إلى نحو 40 ألف ميغاواط لتأمين الكهرباء للدور والمؤسسات الحكومية. وتشير احصاءات رسمية إلى أن مستويات الطلب على الكهرباء ترتفع بنسبة بين 7 و 10 بالمائة سنوياً لاسيما في ظل التوسع السكاني والاقتصادي.

80 مليار دولار دون جدوى

وبعد انفاق العراق حوالي 80 مليار دولار منذ سقوط النظام السابق عام 2003 يقضي العراقيون شتاء بارداً وصيفاً لاهباً وسط اتهامات متبادلة بين الأحزاب السياسية بالفساد الذي يغلف عقود وزارة الكهرباء. ومع قرب دخول فصل الصيف تبدأ مشاكل الكهرباء في العراق من دون علاجات حقيقية تضع حداً لأزمة مستعصية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ما ادى الى اندلاع احتجاجات منذ ايام في أغلب مناطق العاصمة.

وكان وزير النفط العراقي احسان عبد الجبار قد اعلن في 22 من الشهر الحالي ان بلاده ستستغني عن استيراد الغاز الايراني لتوفير الطاقة الكهربائية في بلاده بحلول عام 2024 موضحا ان حكومته ستستمر في طلب الاعفاء الاميركي من العقوبات على ايران لضمان بقاء هذا الاستيراد حتى ذلك الوقت.

وقال وزير النفط ان بلاده تعمل حاليا على تطوير صناعة الغاز حيث ستنطلق عملية تنفيذ مشروع الناصرية بجنوب البلاد لتكرير الغاز منتصف الشهر المقبل. ووعد العراقيين بان "يكون صيف هذا العام أحسن من العام الفائت في تجهيز الكهرباء".

معضلة العقوبات

يشار الى ان الحكومة الأميركية قد جددت في الاول من نيسان ابريل الحالي إعفاء العراق من الحظر المفروض على شراء الغاز الإيراني مرة أخرى ولأطول فترة ممكنة.

وقال مسؤول عراقي إن هذا الإعفاء الممنوح بعد إعفاء ربع سنوي من قبل إدارة دونالد ترامب سيسمح للحكومة العراقية بشراء واستيراد الغاز لمدة 4 أشهر أخرى من إيران تنتهي بنهاية تموز يوليو المقبل الذي يشهد ارتفاعا كبيرا لدرجات الحرارة في البلادالتي تحتاج للغاز لتوفير الطاقة الكهربائية الضرورية لحاجة المواطنين في فصل الصيف الذي يشهد انقاطاعات طويلة للكهرباء الامر الذي يفجر عادة احتجاجات شعبية غاضبة.

وتأتي إعفاءات الحكومة الأميركية للعراق على الرغم من العقوبات التي تفرضها ضد إيران اذ تم في عهد ترامب السماح بالإعفاءات لمدة تصل إلى 3 أشهر وذلك عشية بدء الحوار الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد والتي جرت في السابع من الشهر الحالي.

وللتغلب على هذا النقص يستورد العراق ما يصل إلى 29 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران يوميا لمصانعه كما أنه يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية. وتسد الطاقة الكهربائية المستوردة من إيران نحو 5 بالمئة من حاجة العراق الإجمالية لكن الاعتماد الأكبر يكون على الغاز الإيراني الذي يشغّل قطاعا مؤثرا من محطات توليد الكهرباء العراقية.

وهذا الاعتماد غير مريح بالنسبة للولايات المتحدة التي سعت لتقليص نفوذ طهران وإعادة فرض العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية وخطوط الشحن وقطاع الطاقة والمنتجات النفطية.

وتطالب طهران بغداد بحوالي 4 مليارات دولار من ديون الغاز غير المسددة فيما ينص الإعفاء الأميركي على أن يدفع العراق بدل الطاقة التي يشتريها بأي عملة عدا الدولار الاميركي.

وقال مسؤول عراقي أن سبب الموافقة على التمديد الاخير هو أن العراق أثبت أنه يتخذ خطوات في اتجاه الاعتماد بشكل أكبر على نفسه في تلبية احتياجاته من الطاقة والاعتماد بشكل أقل على إيران التي يخضع قطاع الطاقة فيها لعقوبات أميركية صارمة.

وكانت واشنطن قد حذرت في السابق بأنها ستفرض عقوبات اقتصادية على الدول التي ستشتري النفط من طهران في إطار سعي البيت الأبيض إلى "تصفير صادرات النفط الإيراني" وبالتالي "حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي".