"إيلاف" من لندن: قال المستشار الاممي رئيس فريق التحقيق التابع للأُمم المُتّحدة لتعزيز المُساءلة عن الجرائم المُرتكبة من داعش كريم خان في احاطة الى مجلس الامن ان التنظيم استخدم السلاح الكيمياوي والبايولوجي في العراق ولاحق الشيعة والايزيدية بشعار "اقتلوهم اينما وجدتموهم" فيما قالت الايزيدية نادية مراد الحاصلة على جائزة نوبل للسلام أن أكثر من 200 ألف ايزيدي لا يزالون نازحين داخليا ويقيمون في المخيمات.

وأشار خان في احاطة افتراضية امام مجلس الامن الليلة الماضية وتسلمت نصها "ايلاف" الثلاثاء الى ان الأدلة تظهرأن هجمات تنظيم داعش ضد المجتمع الأيزيدي في سنجار تُشكّل إبادة جماعية كما ارتكب جرائم حرب وحرّض على الإبادة الجماعية ضدّ المُسلمين الشيعة في العراق.

إبادة وقتل واغتصاب وتعذيب
وأعلن خان أنّه من خلال التحقيقات الجنائية المُستقلة، أرسى فريق التحقيق (يونيتاد) "أدلة واضحة ومُقنعة على ارتكاب تنظيم داعش جريمة إبادة جماعية ضدّ المجتمع الأيزيدي بصفته جماعة دينية". واضاف ان الادلة التي جمعها فريق التحقيق قد أكدت أيضا بأنّ تنظيم داعش كان مسؤولاً عن أفعال إبادة وقتل واغتصاب وتعذيب واستعباد واضطهاد وجرائم حرب أُخرى وجرائم ضدّ الإنسانية ارتُكبت ضد الأيزيديين. و حدد الفريق 1,444 من الجناة المحتملين، من بينهم 469 شخصا تم تحديدهم باعتبارهم شاركوا في الهجوم على سنجار، و120 شخصا شاركوا في الهجوم على قرية كوجو.

إعدام جماعي في سبايكر
وفيما يتعلق بالتحقيقات حول عمليات الإعدام الجماعي لمتدربين وموظفين عُزّل غالبيتهم من الشيعة من القوات الجوية لدى أكاديمية تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين شمال غرب بغداد والمعروفة أيضاً بقاعدة سبايكر، أكّد المستشار خان للمجلس بأنّ "الفريق تمكّن من تحديد أدلة مصورة بالفيديو تُثبت جريمة التحريض المباشر والعام على ارتكاب إبادة جماعية ضدّ المسلمين الشيعة.

واحتوى السرد في الفيديوهات، الذي كان يُمجّد الصور المروعة لتلك الإعدامات الجماعية، تحريض مكرر وواضح لأتباع داعش مفاده: "أقتلوهم أينما وجدتموهم". كما أبلغ المستشار الخاص المجلس بأنّه من خلال الأدلة التي تم جمعها، خلُصَ الفريق إلى أنّ هذه الهجمات تُشكّل جرائم حرب من قتل وتعذيب ومعاملة وحشية واعتداء على الكرامة الشخصية.

وأكد التقرير أن عمليات فتح المقابر تبدأ في مايو المقبل في موقع مرتبط بقتل 600 سجين معظمهم من الشيعة في سجن بادوش في حزيران يونيو عام 2014. واشار الى انه لا تزال ست وحدات مكرسة للتحقيق الميداني مقرها في بغداد وداهوك وأربيل تقود أعمال التحقيق التي يضطلع بها الفريق.

داعش استخدم السلاح الكيمياوي والبايولوجي في العراق
كما تقدّم خطّ جديد من التحقيقات حول تطوير واستخدام أسلحة كيميائية من قِبَل تنظيم داعش في العراق تقدّماً سريعاً، ولقد أكّدت أدلة تمّ جمعها تنفيذ برنامج أسلحة كيميائية مركزها في مختبرات تقع في جامعة الموصل سيطر عليها تنظيم داعش عام 2014. وأدّى ذلك بداية إلى استخدام الكلور المُستخرج من محطات معالجة المياه كسلاح وبالتالي تطوير مركبات بايولوجية سامة قاتلة بما فيها الثاليوم والنيكوتين التي تم اختبارها على سجناء أحياء، مما تسبب في الوفاة. وفي عام 2016، استخدم تنظيم داعش نظام إنتاج الخردل بالكبريت عبر إطلاق أربعين (40) صاروخاً على مدينة طوزخورماتو التركمانية الشيعية.

وشدد المستشار الخاص كريم خان على أنّ التوسع السريع لنطاق الأدلة المحفوظة لدى فريق التحقيق (يونيتاد)، وما يُرافقه من استخدام التكنولوجيا المتطورة بما فيها أدوات الذكاء الإصطناعي لتحليل المعلومات التي تمّ جمعها، سمحت بإحراز تقدّم ملحوظ في تنفيذ الفريق لولايته. وكذلك سمح التدقيق في أجهزة الحواسيب النقالة والهواتف الخلوية لداعش إلى التحليل المكثّف لوثائق إدارية داخلية لداعش، ليتمكّن الفريق من تجميع الأُطر الزمنية للأنشطة ذات العلاقة بالأشخاص الرئيسيين موضع إهتمام التحقيق.

وأشار خان إلى أنّ التقدّم المحرز في عمل الفريق لغاية الآن قد أرسى طريقاً لمُقاضاة أفراد تنظيم داعش على ارتكاب جرائم دولية في العراق، مُشيراً إلى أنّ تقريره أرسى الإطار الزمني الذي سوف يسمح ببدء إجراء محاكمات لأفراد داعش العام المُقبل. واختتم المستشار الاممي الخاص كريم خان إحاطته بالإعراب عن تقديره لمجلس الأمن ولحكومة العراق على دعمهم المستمر لتنفيذ ولاية فريق التحقيق.

الأدلة تروي قصص الإيزيديين
من جانبها، قالت الناجية الإيزيدية من براثن داعش، نادية مراد، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، إن هذه الأدلة تروي قصص الشعب الإيزيدي. وقالت "الإيزيديون خبروا أفظع الفظائع التي شهدتها البشرية. لن أنسى الحزن في مقلتيْ أمي عندما أدركت أن نجليْها قد أعدِما - وهي لم تكن تعرف آنذاك بأنها ستواجه المصير نفسه".

وأوضحت أن أكثر من 200 ألف من الإيزيديين لا يزالون نازحين داخليا يقيمون في المخيمات على بعد ساعات فقط من ديارهم، يتطلعون ويأملون في العودة إليها وإحقاق العدالة والأمن إلى سنجار كما لا تزال 2,800 امرأة وطفل في قبضة داعش. وأكدت نادية مراد أن المحاكمات العلنية والاعتراف بالإبادة الجماعية من شأنه أن يمنع المزيد من العنف وأن يسهل التئام جراح الناجين.

مشروع قانون في العراق لاستخدام الأدلة
وفي إحاطته قال مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، إن مرحلة ما بعد دحر تنظيم داعش الإرهابي عسكريا تُعدّ مرحلة تتطلب جهودا حثيثة ومكثفة ومزيدا من التعاون الدولي في تقديم المعالجات لما خلفه الإرهاب الداعشي من دمار، مشددا على "ضمان ملاحقة المتورطين والداعمين والممولين للعمليات الإرهابية عبر آليات قانونية وطنية ودولية بهدف ضمان عدم ظهور هذه التنظيمات الإرهابية مرة أخرى".

وقال إن حكومة بلاده تعمل على اتخاذ الاستعدادات القانونية اللازمة لاستخدام الأدلة بعد استلامها من فريق التحقيق الدولي أمام المحاكم الوطنية بما يعزز قدراتها القانونية والقضائية. وأشار إلى أنه تمت القراءة الأولى من قبل مجلس النواب العراقي لمشروع قانون المحكمة الجنائية العراقية لجرائم عناصر تنظيم داعش تمهيدا لتشريعه والذي من شأنه أن يكفل استخدام الأدلة أمام القضاء العراقي.

يشار الى ان فريق (يونيتاد) قد انشئ عملاً بقرار مجلس الأمن 2379 لعام 2017 لدعم الجهود المحلية الرامية إلى مساءلة أعضاء تنظيم داعش عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبوها من خلال جمع الأدلة في العراق وحفظها وتخزينها بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وقد كلف مجلس الامن كذلك المستشار الخاص رئيس فريق التحقيق بالدعوة على نطاق العالم الى المساءلة عن الأفعال التي قد ترتقي إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية التي ارتكبها داعش حيث تعمل يونتاد مع الناجين بطريقة تتماشى مع القوانين الوطنية لضمان تحقيق مصالح الناجين في مساءلة داعش بشكل كامل.