جنيف: كشفت الأمم المتحدة الأربعاء أن جائحة كوفيد-19 المنتشرة منذ 17 شهرا أغرقت مئة مليون عامل إضافي في الفقر بسبب التراجع الكبير في ساعات العمل وغياب فرص العمل الجيدة.

وحذرت منظمة العمل الدولية في تقريرها السنوي من أن الأزمة ستطول إذ لن تستعيد العمالة مستويات ما قبل الجائحة إلا في 2023.

وأشار تقرير منظمة العمل الدولية السنوي حول العمالة العالمية والتوقعات الاجتماعية إلى أن العالم سيفقد 75 مليون وظيفة في نهاية هذا العام مقارنة بما سيكون عليه الوضع لو لم تحدث الجائحة.

كما سيظل عدد الوظائف أقل بنحو 23 مليون وظيفة بحلول نهاية العام المقبل.

وأفاد جاي رايدر رئيس منظمة العمل الدولية الصحافيين أن كوفيد -19 "لم يكن مجرد أزمة صحية عامة بل كان أيضا أزمة إنسانية وازمة توظيف".

وصرّح "بدون بذل جهد مقصود للإسراع بإيجاد الوظائف اللائقة ودعم أفراد المجتمع الأكثر ضعفاً وتعافي القطاعات الاقتصادية الأشد تضرراً، يمكن أن تستمر الآثار المتبقية للوباء معنا لسنوات في شكل قدرات انسانية واقتصادية مهدرة وارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة".

توقع التقرير أنّ تشمل البطالة العالمية 205 ملايين شخص في 2022، أي أعلى قليلا من 187 مليون عاطل في 2019.

لكنّ الوضع أسوأ مما تظهره أرقام البطالة الرسمية.

وفيما احتفظ كثير من الناس بوظائفهم، تقلص مجموع ساعات عملهم في شكل كبير.

في عام 2020، فُقد 8,8 بالمئة من ساعات العمل العالمية مقارنة بالربع الأخير من عام 2019، وهو ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل.

ورغم تحسن الوضع، لا تزال ساعات العمل عالميا أبعد ما تكون عن التعافي وسيفقد العالم ما يعادل 100 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول نهاية العام الجاري، على ما أظهر التقرير.

وفيما يتوقع أن يتعافى التوظيف في العالم في النصف الثاني من 2021، بشرط عدم تفاقم وضع الجائحة في العالم، حذّرت منظمة العمل الدولية من أن التعافي سيكون متفاوتا في شكل كبير.

وهو ما عزته إلى الوصول غير المتساوي للقاحات المضادة لكوفيد-19. وحتى الآن، استخدمت أكثر من 75 بالمئة من اللقاحات في عشر دول.

وقالت المنظمة إنّ محدودية امكانيات معظم الاقتصاديات النامية والصاعدة لدعم تدابير التحفيز المالي سيكون له آثاره، محذرة من أنّ جودة الوظائف الحديثة ستتدهور على الأرجح في هذه الدول.

وتُرجم تراجع التوظيف وساعات العمل إلى انخفاض حاد في دخل العاملين وزيادة في الفقر.

وأظهرت الدراسة أنه مقارنة بعام 2019، تم تصنيف 108 ملايين عامل إضافي حول العالم على أنهم فقراء أو فقراء جدًا، ما يعني أنهم وعائلاتهم يعيشون على أقل من 3,20 دولارات للفرد في اليوم.

وقال رايدر إنّ "أرقام الفقر درامية للغاية"، محذرا من تلاشي خمس سنوات من التقدم نحو القضاء على فقر العمال .

سلط التقرير الضوء على الكيفية التي أدت بها أزمة كوفيد-19 إلى تفاقم عدم المساواة الموجودة أساسا من خلال التأثير بشكل أكبر على العمال الضعفاء.

بالنسبة للعديد من الملياري شخص الذين يعملون في القطاع غير الرسمي ويفتقدون إلى الحماية الاجتماعية بشكل عام، كان لاضطرابات العمل المرتبطة بالجائحة عواقب كارثية على دخل الأسرة وسبل عيشها. كما أثرت الأزمة بشكل غير متناسب على النساء، اللاتي خرجن من سوق العمل بمعدل أكبر من الرجال، حتى مع تحملهن المزيد من العبء الإضافي المتمثل في رعاية الأطفال غير الملتحقين بالمدارس وغيرهم.

وحذر التقرير من أن هذا الوضع خلق خطر "إعادة تشكيل" أدوار الجنسين.

وفي الوقت نفسه، انخفض توظيف الشباب بنسبة 8,7 بالمئة العام الماضي، وهو أكثر من ضعف 3,7 بالمئة للعمال الأكبر سنا.

وقالت منظمة العمل الدولية إنّ "عواقب هذا التأخير والاضطراب على تجربة سوق العمل المبكرة للشباب قد تستمر لسنوات".

لضمان الانتعاش الاقتصادي وتجنب حدوث ندوب طويلة الأجل في سوق العمل العالمي، قال رايدر إن العالم بحاجة ماسة إلى استراتيجية شاملة ومنسقة مدعومة بالعمل والتمويل.

وأضاف "لا يمكن أن يكون هناك انتعاش حقيقي دون استعادة الوظائف اللائقة".