أبيدجان: في لحظة مفصلية في تاريخ كوت ديفوار المضطرب، يلتقي الرئيس الحسن وتارا اليوم الثلاثاء سلفه لوران غباغبو لأول مرة منذ أن انخرطا في نزاع بشأن الانتخابات قبل عقد.

احتل غباغبو البالغ 76 عاما المشهد منذ عودته الشهر الماضي من أوروبا، حيث حقق نصرا قضائيا تاريخيا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

في الاشهر الأخيرة العاصفة من فترة حكمه الممتدة بين 2000 و2011 رفض غباغبو الإقرار بالهزيمة أمام وتارا في الانتخابات الرئاسية.

والنزاع الذي اندلع أودى بأكثر من 3 آلاف شخص. وبعد إطاحته تم تسليمه إلى المحكمة في لاهاي حيث واجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية برأته المحكمة منها في نهاية المطاف.

وسيتابع المعلقون بدقة لقاءاليوم، بحثا عن أي مؤشرات تدل عما إذا كان الخصمان السابقان قد دفنا الأحقاد، ما يعزز الآمال بأن تلتئم جروح الوطن بعد الاشتباكات الدامية العام الماضي.

لكن المتحدث باسم غباغبو جوستان كاتينان كوني دعا الناس إلى "عدم إعطاء أهمية كبيرة" للقاء.

وقال "إنها زيارة مجاملة لرئيسه ... وإذا كان ذلك يساعد في تهدئة الجو السياسي، فسيكون من الأفضل".

من جهته ،قال المتحدث باسم حزب غباغبو "الجبهة الشعبية لكوت ديفوار "، فرانك أندرسون كواسي، لوكالة فرانس برس الإثنين إن "لوران غباغبو يتمتع بروح انفتاح وحوار ومصالحة ... اللقاء مع الرئيس وتارا ينسجم مع طريقة تفكيرنا".

وأكد المتحدث باسم الحكومة أمادو كوليبالي بأن "الحوار في بلدنا ... سيتواصل لأنها إرادة الحكومة".

حقق وتارا، المصرفي الدولي السابق، والبالغ 79 عامًا فوزا كاسحا في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 31 أكتوبر.لكن مقاطعة المعارضة لها قوضت مصداقية الفوز.

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات قضى عشرات الأشخاص في اشتباكات مع الشرطة، بعد أن كشف وتارا عن نيته الترشح للفوز بولاية ثالثة.

في هذا السياق، رحب وتارا رسميا بعودة غباغبو آملا أن تسهم في تخفيف التوتر.

لكن السؤال يتعلق بما إذا كان غباغبو سيبقى متحفظا أو يفضل القيام بدور سياسي قد يمثل خطرا على وتارا.

سلط الضوء على غباغو في سبعينات القرن الماضي عندما كان ناشطا يساريا ساهم في وضع حد لحكم الحزب الواحد في ساحل العاج بعد الاستقلال عن فرنسا في 1960.

واتسمت فترة حكمه بأعمال تمرد وحرب أهلية وانقسامات وطنية وانتخابات يتم إرجاؤها باستمرار، لكنه لا يزال يتمتع بدعم شعبي كبير. ويصفه مؤيدوه بالمنتصر للفقراء والمضطهدين.

وسينعقد اللقاء اليوم في عقر دار وتارا، القصر الرئاسي.

وقال المحلل السياسي رودريغ كوني إن اللقاء الذي طال انتظاره "لن يلغي الاختلافات الكبيرة بينهما لكنه سيأخذ علاقاتهما إلى مسافة أبعد".

فجانب وتارا "يعتبر اللقاء إقرارا من غباغبو بشرعية وتارا، وهو شيء لم يتم التعبير عنه بهذا الشكل الواضح والرسمي"، بحسب كوني.ويضيف أن اللقاء "من الناحية الرمزية، مهم جدا".

ويراقب المعلقون التفاعلات بين وتارا وغباغبو والرئيس السابق هنري كونان بيدي (87 عاما) الرجال الثلاثة الذين هيمنوا على الساحة السياسية منذ عقود.

في 11 يوليو أعلن الخصمان السابقان غباغبو وبيدي أنهما متحدان في تحقيق هدف إرساء "سلام دائم ونهائي".

ومن القضايا التي لا تزال عالقة، حكم بالسجن 20 عاما بحق غباغبو المدان غيابيا ب"نهب" البنك المركزي لدول غرب إفريقيا، خلال النزاع بين 2010 و2011.وألمحت السلطات إلى إلغاء هذه العقوبة.