إيلاف من لندن : اطلق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين خطة الاصلاح الاقتصادي لمعالجة الفساد والمعتمدة على ورقة الاصلاح البيضاء لمعالجة الفساد وتعظيم الايرادات والتقليل من الاعتماد على النفط.

وخلال ترؤسه في بغداد اليوم اجتماع اللجنة العليا للاصلاح فقد اكد الكاظكي انه منذ اطلاق حكومته للورقة البيضاء الإصلاحية لمعالجة الفساد المتفشي بالبلد وهي تعمل على خلق جو مناسب لتطبيقها.

وقال "ان اجتماعنا اليوم هو للإعلان عن بدء تطبيق الآليات الإدارية والتنفيذية لخطة الإصلاح الاقتصادي ضمن الورقة البيضاء حيث نطمح وبقوة إلى إعادة اقتصاد البلد لقوته بعد أن وصل به الحال إلى مستويات متدنية جداً نتيجة الفساد المستشري".

واشار الى ان من شأن هذه الخطة إعادة بناء الاقتصاد العراقي بنحو سليم يحقق التنمية المستدامة للبلاد.

وقال ان خطة الإصلاح ستقدم حلٍّا لأزمة إدارة الاقتصاد المزمنة التي تتمثل بالاعتماد الكامل على النفط، وعدم تنويع مصادر الدخل.. وبين قائلا "نريد أن نثبت للعراقيين أننا جادون بالإصلاح؛ لذلك لم تكن خطة إدارة الاقتصاد قصيرة الأمد، ولا آنية الحل، بل تستهدف إصلاحاً متكاملاً لحين إتمامها خلال 5 سنوات".

ضرر الاقتصاد العراقي كبير

وحذر الكاظمي من ان الضرر في الاقتصاد العراقي كبير جداً ولهذا السبب من المستحيل تطبيق الخطة الإصلاحية في وقت قصير، وكلّ من يعد بذلك فهو واهم.

وزاد "غايتنا هي النهوض بالدولة العراقية، وليس الحكومة الحالية، فالحكومات تذهب والدولة باقية، ولهذا نريد بكل ما أوتينا من إصرار أن نعيد للعراق هيبته الاقتصادية".

واشار الكاظمي الى انه منذ ان تسلم إدارة السلطة التنفيذية للعراق (في مايو أيار 2020) وهو يعمل "بجد من أجل تطبيق الإصلاحات؛ كي نخرج بأقل الخسائر من أجلنا جميعاً".

وشدد رئيس الوزراء بالقول ان "مستقبل أبنائنا أهم من أي شيء، فهم بناة العراق، وهم من سيقوده، فلنترك مصالحنا ونفكر بأبنائنا".

ترشيد النفقات وزيادة الايرادات

واعلنت الحكومة العراقية في 13 تشرين الاول أكتوبر عام 2020 الورقة الإصلاحية البيضاء وهي تتشكل من 97 صفحة وتشدد على المضي في ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات وذلك من خلال تقليص العجز الأولي في الموازنة العامة إلى نسبة مستدامة بمقدار 3 بالمئة من الناتج المحلي خلال الثلاث سنوات المقبلة (يبلغ العجز الحالي 20 بالمئة من الناتج المحلي).

وكذلك بتخفيض فاتورة الرواتب والأجور 25 بالمئة من الناتج المحلي، إلى 12.5 بالمئة خلال ثلاث سنوات، وذلك من خلال قيام إجراءات منها، اقتصار عملية التوظيف في القطاع العام، على الضرورية جدا منها، وبموافقات استثنائية، وعزل كشوفات رواتب الشركات العامة، الممولة ذاتياً عن التمويل الحكومي، وتحديد سقف أعلى لرواتب الموظفين، بما يحقق العدالة ويقلل الفوارق.

كما ركزت على إعداد وإطلاق التخصيصات التشغيلية والاستثمارية على نحو فصلي، وتطوير القواعد والتنظيمات، التي تخص النفقات الأساسية.. واصلاح صندوق التقاعد من خلال إيقاف تمويله من الموازنة بشكل تدريجي، وحصر الدفع بالصندوق فقط، مع الحفاظ على مساهمة الدولة.

ونصت ايضا على إنشاء نظام دعم قائم على أساس الأداء والجدارة للمؤسسات المملوكة للدولة، لخفض الدعم المالي للشركات العامة، بنسبة 30 بالمئة، كل عام لمدة ثلاث سنوات.

واشارت الى تطبيق تخفيض على إجمال الدعم الحكومي كنسبة مئوية للناتج الإجمالي، يصل إلى نسبة 5 بالمئة خلال 3 سنوات ومن الجدير بالذكر، أن نسبة الدعم الحالي يبلغ 13 بالمئة.

وفي تناول الورقة الإصلاحية إلى جائحة كورونا وتأثيرها على انهيار عائدات النفط، أوضحت، أن توقعات خبراء قطاع النفط، تشير إلى عودة التوازن في العرض والطلب بشكل يدعم استقرار أسعار النفط، عام 2021، إلا أن عودة ظهور الموجة الثانية من جائحة كورونا قد تهدد هذا السيناريو، وعليه لن تتمكن عائدات النفط المتوقعة لعامي 2020-2021 من تغطية مدفوعات الرواتب للموظفين والمتقاعدين فقط، بغض النظر عن أي نفقات جارية أخرى.

وأظهرت الورقة الإصلاحية أن "مدفوعات رواتب الموظفين والمتقاعدين تتمثل حوالي 122 بالمئة من عائدات النفط لعام 2020، في حين أن أسوأ نسبة شهدتها الأزمات السابقة كانت عام 2016 وبلغت 88 بالمئة"، مشيرة إلى أن "الإنفاق شهد على الرواتب بنحو 60 بالمئة بين عامي 2014 و2020".

الاعتماد على قروض البنك الدولي

وحذرت الورقة من إنه "في حال عدم الشروع بإجراءات تخفيض الإنفاق بشكل جدي، وكبير فإن التمويل النقدي غير المباشر من قبل البنك المركزي هو المصدر الوحيد المتبقي، وهو ما يؤدي إلى تبعات مستقبلية غير مستدامة"، مبينة أن "الورقة البيضاء، تتبنى سيناريو أن متوسط سعر بيع النفط العراقي يبلغ حوالي من 35 إلى 46 دولاراً أمريكياً، وانخفاض سعر الدينار، سيسهم باسترجاع تنافسية الاقتصاد العراقي".

يشار الى ان العراق يعاني من فساد مالي واداري منذ عام 2003 لكن الحكومة الحالية اتخذت اجراءات عدة الى مواجهته ودفعت بالعشرات من المسؤولين الى المحاكم لمحاسبتهم على فسادهم لكن العراقيين مازالوا يتطلعون الى المزيد من ملاحقة حيتان الفساد من المسؤولين الكبار.

يذكر ان منظمة الشفافية الدولية كانت قد خلصت في تقريرها الاخير مطلع العام الحالي عن مؤشرات الفساد في العالم لعام 2020 إلى أنّ العراق احتل المرتبة 160 من بين الـ 180 دولة في العالم في مؤشرها للفساد متقدما على ليبيا والسودان وسوريا واليمن والصومال وجنوب السودان وحصل على 21 نقطة من بين 100 نقطة التي تصنف الدول من الأكثر إلى الأقل فسادا.